أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

تجليَّات عاشقٍ صوفيّ ... عمر حكمت الخولي

إِلَهَ الحُسْنِ، مَا سِرُّ الحِسَانِ؟

أَتُوْقُ لَهُنَّ، وَالوَجْدُ اعْتَرَانِي!

 

أُنَادِي صَبْوَةَ الكَلِفِ المُدَمَّى

إِذَا مَا الغَيْثُ في عَيْنِي رَوَانِي

 

وَفي اللَّيْلِ المُوَشَّى قَدْ أُصَلِّي

وَأَصْدَحُ في الصَّبَاحِ بِلا أَذَانِ

 

فَهَا نَجْمٌ تَوَارَى، ثُمَّ أمْسَى

أَنِيْسِي، وَالضِّيَاءُ رِضَاً حَبَانِي

 

وَهَا أَرْضٌ سِطَامُ الكَوْنِ فِيْهَا

سَتَرْحَلُ نَحْوَنَا حَتَّى تَرَانِي

 

فَإِنَّ العِشْقَ شِيْمَتُهُ ابْتِلاءٌ

يُصِيْبُ القَلْبَ مِنْ دُوْنِ ائْتِمَانِ

 

* * *

 

وَذِي الأَيَّامُ قَدْ سَخِطَتْ، فَجُدْنَا

بَأَشْعَارٍ بِلَوْنِ الأُرْجُوَانِ

 

تُحَاكِمُنَا، وَحِجَّتُهَا مُرُوْقٌ

أَصَابَ النَّاسَ مُذْ عَرَفُوا الأَغَانِي

 

فَتَسْجُنُنَا، بِجِبْكٍ دُوْنَ مَاءٍ

وَتَلْعَنُنَا، فَتُهْمَتُنَا الأَمَانِي

 

وَلَكِنِّا بِدِيْنٍ مَا كَفَرْنَا

وَسُحْتُ الخَلْقِ أَنْ عَشِقُوا الغَوَانِي

 

غَرَامٌ، لَيْسَ إِلا، أَوْ جُنُوْنٌ

وَأَفْئِدَةٌ وَأَرْوَاحٌ تُعَانِي

 

فَكَيْفَ سَيُنْصَفُ العُشَّاقُ يَوْمَاً

بِمَحْكَمَةٍ تُقَاضِي مَنْ رَعَانِي؟

 

* * *

 

مَشَى الإِحْرَامُ نَحْوِي، فَافْتَرَقْنَا

فَلِمْ أُجْلَدْ لِجُرْمٍ فيَّ فَانِي؟

 

وَحَجَّ الكُفْرُ، وَالحُرُمَاتُ صَلَّتْ

غَدَا حَرَمَ المَحَبَّةِ عُنْفُوَانِي

 

وَأَسْأَلُ عَنْكِ حُجَّاجَاً وَزَهْرَاً

وَعَنْ عَيْنَيْكِ أَسْأَلُ كُلَّ حَانِي

 

أُجَابُ بِحَسْرَةٍ: 'هَجَرَتْ وَبَانَتْ'

فَأَبْحَثُ فيَّ عَنْكِ وَفي زَمَانِي!

 

فَأَيْنَ أَرَى ابْتِسَامَاتٍ وَعِشْقَاً

كَتِلْكَ عَرَفْتُ في عَهْدِ التَّدَانِي؟

 

* * *

 

وَمُذْ هَجَرَتْ، أُرَاقِبُهَا خَفِيَّاً

أَرَاهَا في المَغِيْبِ، فَهَلْ تَرَانِي؟

 

أُغَنِّي لِلعَشِيْقَةِ بَعْضَ شِعْرِي

فَيَرْقُصُ في بِلادِي كُلُّ عَانِي

 

وَأَخْشَى أَنْ يَضِيْعَ السِّرُّ مِنِّي

فَتُفْتَضَحُ القَصَائِدُ وَالأَغَانِي

 

وَمَا سِرّيِ سِوَى عِشْقٍ بَرِيءٍ

وَيَعْرِفُهُ العِبَادُ وَمَنْ بَرَانِي!

 

أَنَا قَدْ تُهْتُ في وَجَعِي سِنِيْنَاً

كَفَانِي حَسْرَةً، حَقَّاً كَفَانِي!

 

* * *

 

هَرَبْتُ مِنَ الغَرَامِ فَعُدْتُ قَسْرَاً

إِلى سِجْنٍ عَرَفْتُ بِهِ أَمَانِي

 

جَعَلْتُ قَصَائِدِي خَمْرَاً وَفِكْرَاً

وَحِكْتُ مِنَ الصَّبَابَةِ مَا حَمَانِي

 

وَقُلْتُ سَأَحْكُمُ الدُّنْيَا بِرِفْقِي

فَمِنْ رَثِّ المَرَارَةِ صَوْلَجَانِي

 

إِذَا مَا الكَوْنُ يَنْسَانَي سَأَرْضَى

وَلَكِنْ ذِكْرُهَا أَسْمَى الأَمَانِي

 

عَشِقْتُ الشِّعْرَ، وَالأَلْحَانَ دَهْرَاً

فَلَمْ أُسْعَدْ، وَلَمَّا يُنْصِفَانِي!

 

* * *

 

رَحَلْتُ لِيَبْحَثَ القَلْبُ المُنَادِي

عَنِ الحَسْنَاءِ في أَرْضِ القِيَانِ

 

فَعُدْتُ وَلَمْ أَجِدْهَا في ارْتِحَالِي

وَلَكِنِّي وَجَدْتُ اللهَ دَانِي

 

تَجَلَّى اللهُ في عِشْقِي، وَصَلَّى

عَلَيَّ، وَعَفْوُ رَبِّي قَدْ أَتَانِي

 

نَسَيْتُ الحُزْنَ، وَالدُّنْيَا تَلاشَتْ

وَتُهْتُ بِعِشْقِ مَنْ يَهْدِي الغَوَانِي

 

 

17 نيسان 2008                                                                           

 

(150)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي