أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هيَ بِوَطنٍ أزْرَق ... حسين الحسيني


‏"إلى أصدقائي الزُرق المُلوّنين بحبّ العراق"‏
شِعر/ حسين الحسيني

صَديقَتي المُسافِرةُ إلى آخِرِ زُرقََةٍ في الزُّجاجات.. ‏
حِينَ أفْرَغَها المَلَل و أبَّـنَتْ فُوهاتَها العَناكِب.‏
تَتَقَوقَعُ على لَيلِها المَمْسوسِ بِالصَّبْرِ..‏
و تَقْتاتُ على مُهَدِّئـاتٍ لا تَلْمَعُ مِثلَ نُجومٍ لَمْلَمَتْها مِن سَماءِ سُومَر!‏
تُـقَبِّـلُ قَبْضَتي كُلَّما لَقَّنَتْ جِنِّيَ صَلَفِها صَفْعَةً..‏
ليَخْرُجَ مِن عَينِها و يُلْبِسُها نَظّارَةً شَمْسِية !‏


‏*********‏
لكنَّني ما زِلْتُ أؤوِّلُ هَزائِمي لِقَوْسِ قُزَح
و أدعو لِلإحتِفاء بِالصَّفَعاتِ كُلَّما نَطَّ لَوْنٌ تَلَفَّعَ بِحُلم !‏
الفَشَلُ المُقمَّط بالصُدفة المُدمِنة على مُلهّيات العَبث..‏
سأُرْضِعُه مِن نَهْدٍ ما زالتْ أمانيها المُكابِرةُ تُراهِنُ على صَلابَتِه.‏
سَأمْنَحَهُ إسْمِي و حَتّى اللّقَب،
الفَشَلُ المُتَغضِّنُ يُتماً و انتظاراً لِنرجسٍ يُعاقِر صُورته..‏
الأخُ الأكْبَرِ لِنَكْسَتِي الصَّغِيرة.. ‏
أُطْعِمُهُ حَبَّاتِ الكِبْرِياء على صَدري..‏
ثُمَّ أتْرُكُهُ يَنامُ مُطْمئِناً بِحُضْنِ أُمِّهِ التَّجْربة !‏
لَنْ أبْتُرَ نُبُوءاتِ أرْجُلِه..‏
و لا مجَسّاتِ اليأسِ المُرَفْرِفَةِ فَوقَ أسْيِجةِ النَّكَبات،
لَنْ أعْصُرَ على رَأسِه لَيمُونَةً ..‏
و أسْمَحَ لِطُقوسِ البَتْرِ أنْ تَطالَ هامَتَه !‏


‏***********‏
صَدِيقَتِي المُسافِرة إلى زُرْقَةٍ...‏
أهْدَيْـتُها لَها في عيدِ انفِلاقِنا الأوَّل.‏
تَطُلُّ على خَيبَتها الأخِيرَة ،‏
فَتَحْضُنُها و تُشارِكُها الفَطورَ و السَّرِير
تَمْنَحُها إسْمِي أيضاً، غَير آبِهَةٍ باللَّقَب !‏
تتمرّد على جدائل البنفسج المظفورة مع ذاكِرَتِها المُرَّةِ.‏
أجلسُ وحيداً بِالتَقابُلِ مَع الكآبةِ تَوْأمِنا السِّيامِيِّ..‏
أُدلُّـها على طالِعٍ جَديدٍ إستأجَرتُه مِن صَديقي الحِمار
و أنْـتُفُ لها حَفْنَةً مِن الرُّموشِ الكحيلة، ‏
لِيَكونَ الأخِيرُ أو الذي قَبْـله، هو الدّالُّ على زُرْقةِ سَماءٍ ...‏
وَزَّعْنا عَليها رَشْوَةَ الغَيبِ بالتَساوي،‎ ‎
حَيْثُ أخَذَت السَّماءُ أرْواحَنا و تَرَكَتْنا مُتَساوِيَينِ بِدونِ زُرْقَة ! ‏


‏*********‏
صَدِيقَتي المُسافِرَةُ إلى زُرْقَتي هُناكَ ..‏
حِينَ تَرَكَتْنِي جِذْعاً و قَناطِرَ لَذَّةٍ..‏
إلى شِفاهٍ ابيَّضَتْ مِن اللِّهاثِ بَين الضِّفَّتَينِ،‏
المُسافِرةُ إلى زُرْقَةٍ أُخرَى..‏
خَلَّـفَها قاطِعانِ سِنْجابِيَّان..‏
و إغْفاءُ مَصَّةٍ لَمْ يَسْتَفِزّها مُنَـبِّه الرعشَةِ الثالِثة !‏
سَتَرجِعُ، لِتَسْحَلَ مُؤَخَرَتِها على بِلاطِ سُطوحِ الأربعين.. ‏
تَغْفو على رِمالِ التَرقُّـبِ ..‏
و تُغنِّي: (يالنايمة فوك السَطح فَنـگـوحي .... و مْنين أجيبنلج رَجِل يا روحي)*..‏
بِمَعنى: "أيَّـتُها المُستلقية فَوق السَّطحِ على ظَهرِكِ، مِن أيْنَ آتي لَكِ بِزَوْجٍ أيّـَتُها الرُّوح"؟!‏
هيَ الآن لا تَستَطيع أنْ تَمُطَّ لِساني أو تَسْـتَـنِدَ على كرْشِي الأسْفَنْجِي. ‏
أرَادَتْ أنْ تَنْتَقِي فاكِهةَ الحَياةِ فَحسب.. ‏
و لا تُفاضِل بَين مَوتٍ أزْرَق و آخَر مُزْرَقّ !‏


‏**********‏
صَدِيقَتي المُسافِرةُ إلى زُرقَةٍ يَطَؤها الغُبارُ بِسادِيَّـةٍ كُلَّ يَوم..‏
على سَرِيْرٍ مُلَوَّثٍ بِإفْرازاتِنا حِين نُغْدَر !‏
‏...بَعيداً عَنْ بُؤبؤ فُحولِ النَخِيلِ ... ‏
الغُبارُ الشَبِقُ يَمِلُّ مَومسِه الصحراء ‏
يُسَكِّرُ الوَطنَ بِحانَةٍ يَدْفعُ أُجْرَتِها سَماسِرةُ المَواخِيرِ اللَّقِيطَة، ‏
ليتَعَلَّمَ الشَيخُ كيفَ يَسْعَلُ على كَمّامَةِ الفَقْرِ..‏
و يُدْمِنَ رائحةِ النَّقْدِ المُرَقَّمِ بأعْدادِ العاهِرات!‏
الوَطَنُ بَعْـلُ بَغداد الدَيُّـوث ..‏
يُدَخِّنُ الحَشِيشَ الوَطَنِيِّ في مِرْحاضِ الغَفْلةِ...‏
و لا "يَهْـتَزّ شارِبُه" لِرَهْـزِ المدافعِ على الرؤى المُتَرَمِّـلة.. ‏
و زَغْرَدَةِ الرّصاصِ لافْتِضاضِ بُكاراتِ الغَبَش!‏


‏ *********‏
صَدِيقَتي المُزْرَقَّةُ بِأُمْنِياتِها السَّمائِيةِ..‏
تُدَوْزِنُ أوْتارَ الحَنِينِ إلى وَطَنِها الشَّهْرَيارِيِّ..‏
و لَيالِيهِ المَنْسُوخةِ بِالفَقْدِ،
تُدَغْدِغُ ذُكُورَةَ المُسَدَّسِ و تفْرِجُ غُصْنَينِ مِن عَطَشِ القَصَيدَةِ، ‏
فَيَلْعَقُ وَطَنُها سَبّابَتِهِ و يَشُمُّ آخِرَ نَكْهَةٍ مِن البارُودِ الحَرِيْمِيِّ، ‏
أُخَوْزِقُ وَطَنِي و أشْـتُمُ زُرْقَةَ البَحْرِ !‏
‏********‏
الوَطَنُ الجَديدُ حَفِيدُ جَدِّي "أبو السُلالاتِ"‏
و جَدَّتِي مِن جِهةِ الأبِ، "أمُّ ألْفِ لَيْلَةٍ و لَيْلَة"‏
يُقَشِّرُ لِصَديقَتي فِخاخَ الحَنينِ، مُنْزَلِقاً كَالأَمْسِ إلى صَدْرِها المُحْبَطِ،
يُحَـدِّثُها عَن تارِيخ الفَجْرِ الأزْرَقِ و نَهْرِ هُولاكو الأزْرَقِ.. ‏
و تَمْغَةِ "الرَّوْزَخون" الزَرْقاءِ لِهَدْرِ دَمِيَ الأزْرَقِ!‏
يُؤَرْشِفُها مَع أمْسِها الأوَّلِ.. بِالإنْكِسارِ ..‏
يُزَوِّرُ لَها حُلْمَتَينِ مِن العَاجِ، لِيُعَـلِّقَ عَليها السّاسَةُ هَزائِمَهم النَّهِمَة..‏
المُلْقاةِ فَوق خَرابِنا التارِيخيِّ المُزْرَقِّ حَدَّ التَفَسُّـخِ !‏


‏*******‏
َصدِيقَتي المُسافِرةُ إلى زُرْقَتِها الجَديدَةِ ‏
تَسْحَبُ كَفِّيَ إلى حَيثُ أمْنَحُها نَشْوَةَ البَرْق مَمْـزُوجَةً بِلَونِ صَفائِها..‏
و هَسيسُ الوِلاداتِ المُطَلْسَمَةِ تُبَعْثِرُ سَديمَ المُباغَتَةِ. ‏
نَدْخُلُ تَحْتَ عَباءَةٍ زَرْقاء لأُفقٍ كَطَوارِقِيٍّ مُلَثَّم،
أفْرُكُ سِيرامِيكَ نَظْرَتي بِبَعْضِ نُبوءاتِ عَجائِزِ الضَوءِ،
فَتَزْرَقُّ عُيونُهُم تَطَـلُّعاً لِتوابِيتِ الغَرَقِ المَقْصُورِ عَن بُقَعِ زُرْقَتِهِ..‏
و تَلْمَعُ فِي عَيْنِي زُرقةٌ من فَنـاراتِ بَغداد !‏


‏********‏


‏* من الموروث العراقي‏

‏********‏
‏*رئيس تحرير "اتجاهات حرة"‏
‏19-8- 2009- بلجيكا‏
‏ ‏
Hussein Al Husseini
[email protected]
www.itjahathurra.com

(91)    هل أعجبتك المقالة (79)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي