أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التعجرف التركي ... درويش محمى

التركي الوحيد الذي اعرفه ويعرفني, وتربطنا علاقة عمل محضة والقليل من الدردشة حول الوضع التركي ¯ الكردي, اتصل بي هاتفياً والحملة التركية الاخيرة ضد العمال الكردستاني في اوجها, ليقول لي وهو على بينة تامة بأصولي الكردية وفي صوته رنة فرح عارمة وغرور وكبرياء " شو قصتك
 
الصورة البطولية الخارقة للذئب الرمادي التركي الذي لايقهر, المدجج بالسلاح على الطريقة الاميركية وهو يتجول في جبال كردستان الوعرة الصعبة والعصية على الغرباء, يحمل على ظهره عشرات الكيلوغرامات الثقيلة من عتاد القتل وادواته, في ظروف جوية صعبة من الشتاء الكردي القاسي, تلك المشاهد التي نقلتها وسائل الاعلام التركية الرسمية منها وغير الرسمية, خلال تغطيتها للعملية العسكرية التركية قي كردستان العراق, كانت كافية وكفيلة باثارة الحمية القومية لدى احفاد اتاتورك, فلا لوم على صاحبي التركي ولا حرج عليه ولا على اقرانه الطورانيين, اما الاعلام التركي الذي لم يتوقف للحظة عن التطبيل للنصر التركي المبين قبل انتهاء الحملة العسكرية التركية واثناءها, كذلك الحال بالنسبة للقيادات السياسية والعسكرية التركية, وحتى الجمهور التركي العريض, وجد الجميع نفسه في مأزق كبير وحيرة من امره لا يستوعب الحدث ووقعه, بعد انتهاء الحملة والانسحاب السريع والمفاجئ للجيش التركي من اراضي اقليم كردستان, وعودة الذئب الرمادي الى وكره خالي الوفاض خائباً وبدون طريدة .
تصريحات الساسة الاتراك على اختلاف توجهاتهم والوانهم, والحملة الاعلامية التي رافقت الحملة العسكرية التركية, من السذاجة اعتبارها شكلا من اشكال الحرب النفسية التي عادة ما تصاحب الحروب العسكرية, فالدافع الحقيقي وراء اختيار اقسى اشهر الشتاء واصعبها للشروع بالحملة العسكرية التركية, والاستهتار بقوة الخصم الكردي, والحكم مقدماً على الحملة الظالمة التترية بالنجاح, امور لايمكن وصفها الا بالعجرفة والغطرسة لدى صانعي القرار العسكري والاعلامي في انقرة, والهدف بالطبع اظهار اقصى درجات القوة, ليس فقط للجمهور التركي ولا للعدو الكردي بل للعالم اجمع وعلى الاخص الحليفة الاميركية, والرغبة في استحضار الدور القديم لتركيا عضوة حلف الناتو المدللة ايام الزمن الزائل من الحرب الباردة .
رغم خلافنا الشديد مع قائد حزب العمال الكردستاني عبد الله اوجلان وارائه ومواقفه, وبشكل خاص تلك المعلنة بعد اعتقاله, جملة وتفصيلا, الا اننا مدينون للشباب الكردي المقاوم ومدينون كذلك لقمم جبال كردستان الشماء الشامخة وثلوجها التي تثلج القلب, مدينون بكلمة شكر كبيرة لوضعهم حداً للعجرفة والغطرسة التركية, اما صاحبي التركي وبحكم القاعدة التي تقول السن بالسن والعين بالعين والبادي اظلم, فقد هاتفته بعد فشل الحملة التركية لاقول له "شو قصتك ياصاحبي صوتك غير طبيعي"? .

* كاتب سوري
(104)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي