أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الاعتقال والحجب والقمع ليست حلولاً للحفاظ على وطن .. د. الياس حلياني

بعض العقليات الأمنية في بلادي ، لا زالت تعتقد ، وتؤكد ، أن جدار برلين ، لم يقع ، وأن الستار الحديدي لازال يلف المنظومة الاشتراكية .
على عكس عقليات أمنية أُخرى ، وفي بلادي أيضاً ، أيقنت ، أن العصر القديم قد ولى، وأن فجراً جديداً قد لاح على سوريا .
سوريا اليوم على مفرق طريقين : الطريق الأول ، وهو الذي سيصل بسوريا الى بر السلامة آلا وهو طريق التغيير ، تغيير عقول هذه النوعيات من رجال الأمن ، وتحولهم الى النوعية الثانية . أما الطامة الكبرى ، فهي عودة النوعية الثانية الى تفكير وعقلية النوعية الأولى، وعندها يكون البكاء وصرير الأسنان .
النوعية الأولى من رجال الأمن ، تسعى ، الى تدمير الوطن وشباب الوطن ، وقبل أن أُحدثكم ، عن روايتي .   تُشبه هذه النوعية من رجال الأمن ، شخص يسكب الشاي في فنجان ، ويسكب ، ويسكب ، ويفيض الفنجان : هؤلاء كهذا الفنجان ، ممتلؤون بآرائهم وتفكيرهم وقمعهم وجبروتهم ، وبالتالي لا يمكنهم أن يروا الحقيقة إلا إذا أفرغوا فنجانهم !ويبدو أنهم لن يفعلوا . هؤلاء ، يعملون ويتصرفون ، كآلهة ، بيدها وهب الحياة وخطفها .
ماذا يفعل الاعتقال الخاطئ ؟ وكيف يدمر الشباب السوري ؟ وكيف يزيد أعداد الحاقدين على الوطن؟ .
ماذا يفعل الحجب الغبي ؟ وكيف يدمر المصداقية السورية؟ وكيف يُنقص من عدد المدافعين عن الوطن ويزيد من عدد المعارضين لسياسات القمع الغبى ؟
سأروي هذه الحادثة ، والتي كنت شاهد عيان عليها ، تابعتها منذ بدايتها ، وحتى نهايتها المأساوية . وكل ذلك بسبب سوء تصرف من جهة أمنية ، عمدت ، عن غير قصد ، وأجزم بهذا التعيبر (غير قصد) الى تدمير حياة شاب ، وهروبه من الوطن ، لينضم لاحقا الى الجماعات الحاقدة على الوطن . وهنا أجزم مرة أخرى ، أن هذا الشاب ، لم يكن يستحق ما حدث له .، وبالتالي خسرناه ، كما قد نكون قد خسرنا غيره من شباب الوطن ، من الذين لا نعلم بهم ولا بقصصهم .
 
حمدان ، هو الاسم الافتراضي لهذا الشاب ، والذي لا أعرفه ، ولا يعرفني . ولكن أعرف أقرباءه الذين يقطنون في نفس البناء الذي أسكنه .
تم اعتقال حمدان وابن خاله ، من قبل جهة أمنية ، بعد أن دس عليهما  أحد المخبرين من أصحاب صالات الانترنت ، ووصل به الأمر الى تصويرهما ، أثناء دخولهما الى بعض المواقع (المعادية) . مع العلم أن الأثنين لا ينتسبان الى أي تنظيم ، ولا يمتان الى السياسة بأي صلة . أمضى الشابين أكثر من شهر في أحد الفروع الأمنية ، وبعدها تم الإفراج عنهما . 00.
الضغط النفسي الذي عاناه حمدان بعد خروجه ، كان كبيراً . من الأهل ، من الجيران ، من الأصدقاء . حمدان أصبح يسهر طوال الليل ، وينام في النهار حتى لا يستقبل أحد . حمدان ضاع عمله وضاعت دراسته . وأصبح كريشة في مهب الريح ، تتقاذفها الأفكار السوداء ، وضياع المستقبل ، والاستدعاءات بحجة ترجمة بعض المقالات . وأخيراً هرب حمدان وغادر البلاد ، وقد يكون أقسم أن لا يعود . ومرة أخرى ينزف الوطن ، ويخسر أبنائه ولأسباب لا تستحق كل هذا .
 
خرج حمدان من البلاد ، بعد أن ضاقت به فسحة الأمل والعمل . وفاجأني ، بتوقيعه على بيان مناهض للوطن ، ومن مدينة بيروت ، معقل الأصوليين السوريين والخونة من جماعة جبهة الخلاص . وبذلك ، نكون قد خسرنا شابا مجتهدا ذكيا ، بسبب بعض التصرفات الخاطئة ، لبعض الأشخاص من الذين لم يعو بعد معنى التغيير والتطوير والتحسين . من أجل الوصول الى سوريا الجديدة .
 
حادثة أُخرى هي قصة اعتقال الصديق القديم ، جبر الشوفي ، والذي بدأ معنا في التجمع الليبرالي عدل ، ونعرفه معرفة جيدة ، كما نعرف وطنيته ، وحبه لرئيسه ولوطنه . وكان استغرابنا كبيرا عند انضمامه الى عصبة اعلان دمشق . وقد أكون مصيبا في تقييمي له أو مخطئاً ، ولكن الشيء المؤكد ، أن الصديق جبر كان بحاجة الى كلمة صادقة وليس الى اعتقال ، كلمة تنبئه ، أن أمان وراحة ودراسة أولاده واستقرار أسرته ، لم يكن ليتوفر له لولا هذا النظام ، وأعتقد أنه سيعي كل ذلك . وبالتالي فإن اعتقاله كان  خطأ كبيرا .
 
أما قضية حجب المواقع ، فهي جريمة كبيرة ، ارتكبها فاعل معلوم مجهول ، وموجهة ، ليس ضد من حُجبت مواقعهم ، ولكن ضد النظام نفسه . فهي أساءت وبشدة الى كل الوطن ، والى كل الوعود، وحتى الى خطاب القسم .
 وأعجب بعدها ، من كل ادعاء ، بأننا نسير في طريق التغيير والتطوير والتحديث . والأكيد أن هذا الطريق لا يتفق أبداً مع الاعتقالات العشوائية ولا مع حجب الرأي الآخر ، ولا مع قمع الفكر .
 
بعض رجال الأمن في سوريا:
أنتم تفكرون وتعتقلون  أكثر مما يجب ومما يلزم ، وحان الوقت  أن تتوقفوا عن مخاطبة أنفسكم ؛ يعني هذا ، أنكم تديرون الوطن من خلال مزاجكم ورؤياكم ، فتقمعون حتى يتم كل شيء كما يجب ، وترددون مرة تلو المرة اختياراتكم الذاتية ، وباقون في قوقعتكم المألوفة .
ونعتقد جميعا ، أن الوقت قد حان لتتوقفوا عن اقناع أنفسكم ؛ أن الوطن هو ، أو يجب أن يكون ، كما تتصوروه أنتم . وعندها فقط ، سيتغير كل شيء ، ويُصبح الوطن أجمل مما تتصورون وتعتقدون وتعملون
. انتم وبصراحة مطلقة ، لستم مستعدون لأي تغيير في هذا الوطن ، ولكنها نصيحة لكم ، أن تُصغوا الى الآخر ، الى لغة العصر الجديدة، الى تجارب الآخرين ، كي يفسح كل ذلك المجال لحدوث بعض التغييرات في هذا الوطن ، الذي صادرتم قراره وحريته .
قد تكون هذه النصيحة غريبة على من أقفل أبواب التغيير ، والمتعود على القمع والحجب والاعتقال ، لكنها ليست غريبة ابداً على من يفكر جديا ، في كلمات القسم ، وفي سيرة حياة الرئيس الشاب ، وفي تطلعه الدائم ، لبناء دولة عصرية ، حرة ، متغيرة ، بعيداً عن قمعكم ، وحجبكم واعتقالاتكم للبشر .
 
حمدان الافتراضي وجبر الشوفي :
اياكم أن تكفروا بالوطن . الذين آذوكم واعتقلوكم ، لا يُمثلون الا حقبة ، لا بد أن تزول، الوطن أكبر كثيرا من هؤلاء ، الوطن ، لا حاجة لأن أُنبئكم عنه ، وأنتم أكثر حباً له مني ومن الذين اعتقلوكم . اصبروا الفرج آت ، والتغيير آت ، والفجر الجديد سيُشرق .
 
دمشق 
 
 
 
 

بونجور شام
(107)    هل أعجبتك المقالة (112)

واقعي

2008-01-08

ساذجة بكل معنى الكلمة .


محمد علي يونس محامي

2008-01-08

رائع يا دكتور الياس هذا هو الأمن في كل زمان ومكان.


جورج الحلو الناصرة

2008-01-08

ضياع الشباب يا دكتور لا يشكل ما ذكرته عشرة بالمائة ولكن السبب الرئيسي البطالة .


ايمن مسالمة درعا

2008-01-08

الله يعطيك العافية يا دكتور بس لو مافي حرية ما بتقدر تكتب هيك الله يخلي بشار ويحميه .


فاروق حجي موسى

2008-01-08

كل هالجرأة يا دكتور شو بقي ما تتذكر الاسم الحقيقي للشاب .


محسن الشعار السويداء

2008-01-08

نعم افضل ما قلت يا دكتور ان الاستاذ جبر الشوفي هو انسان وطني مع العلم انه جاري واعرفه واعرف مدى التزامهى واخلاقه العالية واشكرك على شهادتك واشكر هذا الموقع انا اول مرة اكتب ولكن احد الاصدقاء اخبرني عن الموقع وعن هذه المقالة اشكركم جميعا نعم جبر الشوفي انسان وطني وخطأ كبير اعتقاله .


احمد شريتح اللاذقية

2008-01-08

اول مرة ادخل الى هذا الى هذا الموقع واراه فوي ولكن هناك ملاحظة لكاتب المقال يا استاذ في اللاذقية شاب شاعر وكاتب مهذب اسمه فراس سعد امضى حتى الآن اكثر من تسعة اشهر في الاعتقال ولا احد سأل عنه واعتقد انه اهم من الشاب حمدان لو كنت تعرفه وتعرف اخلاقه وما ترك وراءه .


ابو عبده الحشاش

2008-01-08

شو شايف حميانة اليوم بزمان الوصل ان شاء الله دائما حميانة.


ماجدة محمود مخيم اليرموك

2008-01-08

يا صديقي انتم تعيشون في سورية في نعمة ادعو الله يديمها عليكم مقال حلو ولكن في كل مكان يحدث هذا .


امجد عبود طبيب

2008-01-09

يا دكتور ماذا تنتظر من هذا الشاب الذي فقد العمل والوطن والعائلة ليس له الا ان يلتجئ الى من يؤمن له اللقمة وهكذا يصيدونه والذنب ليس ذنبه انما الحق على الطليان .


التعليقات (10)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي