أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أسامينا ... الدكتور شمدين شمدين

تصوروا لو لم تكن هناك أسماء ، وكان الإنسان عبارة عن رقم ، كما هو في الكثير من بلدان العالم الثالث ، ماذا كان سيحصل حينذاك ، كيف كنا سنعرف احمد من اسعد وسعاد من فادي، ربما كنا سننادي احمد بالرقم واحد واسعد بالرقم اثنين ، وسعاد ثلاثة وفادي خمسة ، وهكذا تتراكم الأرقام وتتكاثر وتتزاحم لنصل إلى المليون والمليون ومائة وربما المليار ، بالتأكيد لن تكون الصعوبة هنا فحسب ، فعقولنا ليست كمبيوترات ولا يمكن أن تحفظ أرقام كل الاخوة والأقارب والأصدقاء ، وكنا سننسى كثيرا وكان سيزعل منا الرقم عشرة أو الرقم سبعة وخمسين من الأصدقاء لأننا أخطأنا في رقمه عفوا اسمه ، لكن ولله الحمد فقد اخترع أجدادنا الأحرف ، أوجدوا الأسماء ، وصرنا نعرف بأسمائنا وأسماء أجدادنا ،أصبحت الأسماء كالبصمة الوراثية لا يمكن أن تخطئ إلا نادرا ، منا من احب اسمه ومنا من لم يعجبه لكنه اعتاد عليه ،لكن منا من رفضه وحاول تغييره قانونيا ، وهذا بالذات ما فعله صديقي السيناريست الموهوب ، فهذا الصديق كان لا يحب اسمه وكنيته ، ولكونه يتطلع إلى عالم الشهرة والنجومية من خلال كتابة سيناريو مسلسلين طويلين ، رفضا من قبل دائرة التلفزيون قبل سنوات، وذلك قبل أن تنطلق شركات القطاع الخاص بالإنتاج التلفزيوني ، لكن صديقي العنيد ظل مواظبا على عمله ، على أمل أن يظهر اسمه ذات يوم على شاشة التلفزيون ، وظل يردد بين الناس انه ظلم وان من يكتبون اقل موهبة منه ، ربما يكون محقا في ذلك ، وربما يكون الحظ عدوا لدودا له ، لكن ما اعتقد انه السبب الحقيقي وراء ذلك هو كبرياءه الزائد وتنظيره فائق الحدود ، وعدم معرفته بالموضع الذي يؤكل منه الكتف ، على كل حال وفي النهاية حظي صديقي بفرصته حيث كتب السيناريو لقصة أحد الكتاب العاملين في التلفزيون بناء على طلب الكاتب ،ورغم كونه لن يقبض فلسا واحدا ، لكن ما يهمه كما يقول هو اسمه الذي سيظهر على الشاشة ، هذا الاسم الذي هو مصدر سعادته إن ظهر ولكنه أيضا سيكون مصدر تندر وسخرية عند الوسط المحيط حسب اعتقاده إن لم يغيره ، وفعلا رفع صديقي قضية لتغيير كنيته وبعد جهد جهيد تم تغيير الكنية، وقطع بذلك نصف الطريق ، لكن النصف الآخر هو الصعب ، انه اسمه الأول الذي لم يكن ليخلق له مشكلة لولا تلك المسرحية الكوميدية لسمير غانم ، فاسم صديقي عبد السميع وقد سماه والده بذلك على اسم أحد المشايخ، حتى يكون دربه اخضر ورايته بيضاء كما يقولون ، لكن هذا الاسم جلب معه التعاسة إلى قلبه ، فكلما ذكر اسمه ، ضحك من حوله وقالوا عبد السميع اللميع ، على قولة سمير غانم ، حاول صديقي تغيير الاسم قبل أن يظهر على الشاشة وقبل أن يوقع أي عقد مع شركة إنتاج تلفزيوني ، فرفع قضية على والده وجلب شاهدين من القرية ، وبعد أن تم تلقينهما إن اسمه في القرية ليس عبد السميع وانما اسم آخر ، اخطأ الشاهدان في الاسم الجديد وذكر كل منهما اسما مغايرا للآخر ، ورفضت القضية ، وظل صديقي حزينا لأيام عديدة وفي النهاية توصل إلى قرار خطير وبين الجد والهزل ، اخبرني قراره التاريخي ، انه سيرفع دعوى ضد سمير غانم ، لقد كدر حياته وشوه سمعته وجعله مثار سخرية الآخرين ، وهاهو ذا سيقضي على طموحه و أمله باسم جميل يلمع على شاشة التلفاز ويجلب له المال والشهرة والنفوذ.
مسكين صديقي ومساكين كل أصحاب المواهب في بلداننا ، يفننون حياتهم من اجل الوصول إلى المبتغى ، ولكن العمر يمضي سريعا ، والطريق طويلة طويلة ، واصحاب النفوذ لم يتركوا لأصحاب النفوس سوى آهات التحسر ، والعتاب على الأهل الذين لم يتعبوا في اختيار أسماء جميلة وميمونة لأولادهم ، ياترى هل أخطأت فيروز في أغنيتها المشهورة :
اسامينا شو تعبوا أهالينا تلقوها
أعتقد إنها لم تخطأ على الأقل بالنسبة لي ، فقد بقيت أياما طويلة وأنا ابحث في القواميس والكتب عن أسماء جميلة لابني الصغير ، وضعت قائمة بالأسماء ، كثير منها رفضت من قبل الأهل ،ولكن في النهاية ظفرنا باسمه الذي نأمل أن يجلب له الحظ والسعادة والحياة الجميلة، كما وجه البريء الجميل وضحكته الطفولية البريئة ، واعاهده أن افعل قصارى جهدي حتى احجز له مقعدا رفيعا وكريما ، في هذه الدنيا التي بات فيها الضعيف والطيب مداسا لكل من هب ودب 0
ويا طيوب طيبلي روحي ، وبطيبك طيبلي جروحي
بالأذن طبعا من المطربة السورية ميادة بسيليس00000000000000

(92)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي