أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بنزين النظام... د.محمد الأحمد*

سوف يستعجل عقل القارئ عندما يقرأ العنوان، ليتخيل على الفور طوابير السيارات التي تعد بالآلاف أمام محطات البنزين ! حيث قرر جهابذة النظام إرسال فرق الطبل والزمر، لتسلية أصحاب السيارات حتى لا (ينسوا الدبكة)! التي ستكون ضرورية في أيار القادم، موعد المسرحية القادمة لانتخابات الرئاسة، التي قال عنها (وليد المعلم) في مؤتمره الصحفي الأخير مع (لافروف) أنها ستكون (نزيهة)!.
لكن (بنزين النظام) الذي نقصده هنا هو الوقود الذي تمشي به (سيارة النظام)، أي عوامل استمراره، التي نعددها كما يلي:

1 – استمرار تجيير الولايات المتحدة القضية السورية للروس.
2 – تحقيق أكبر مصلحة ممكنة للروس من الأزمة لا من الحل.
3 – الوجود الإيراني بكل أشكاله، فلا مرونة في الحالة الإيرانية على عكس البندين السابقين، اللذين يتمتعان باحتمال التغيير.
4 – أداء المؤسسات المعارضة المخجل.
5 – الدم.

هي خمسة عوامل، خمسة عوامل تجعل من الواقع السوري بهذه القسوة، وتجعل منه أيضاً مطحنة آدمية لأبناء البلاد ممن لم يقبلوا الاشتراك في تشغيل المطحنة، فوقعت عليهم معادلة (الضحية الحتمية).

في العامل الأول يقول المرشح الرئاسي الأمريكي (جون بايدن)، سوف نقوم بالضغط على النظام السوري للقيام بالحل السياسي..وفي نفس الوقت يقول بيان حملته الانتخابية، سوف نعود للاتفاق النووي مع إيران. أي أنه في حال نجاح الديموقراطيين – هكذا تقول الاستطلاعات – نتوقع تغييراً في سلوك الإدارة الجديدة، لجهة جلوس الأمريكان مع الروس على طاولة واحدة، وبحث قضية التغيير، حيث لا يريد الروس، القيام وحدهم بأي تغيير لأن مآلاته إذا أقدموا عليه وحدهم، قد تشكل لهم خسارات كبيرة، دوناً عن رغبتهم بتأسيس صندوق عالمي لإعادة الإعمار في سوريا الأمر الذي لا يقدرون عليه منفردين.

أما البند الثاني وهو تحقيق المصالح الروسية من خلال بقاء الوضع كما هو، فهو سياسة (الستاتيكو) الروسية، أي أنها سياسة واقع الحال، التي تعني أن الروس سوف سيقومون بحلب البقرة بأقصى قدرة ممكنة، عبر جعل النظام يوقع عشرات الاتفاقيات مع الشركات والحكومة الروسية، بمقابل دعم وجوده.

أما الوجود الإيراني في سورية، فهو كارثي لأنه (إيديولوجي) ولأنه يكرس التناقض الطائفي في المنطقة، ويعتبر بذلك نبع صراع متجدد! ولا بد من حل جذري متكامل، يستطيع الحكم السوري القادم معه، الطلب للإيرانيين بالانسحاب من سورية.

أما أداء المؤسسات المعارضة المخجل، فلا يشرح الواضح المشروح، وهاهو الشعب السوري بكل فئاته لم يعد يجد سبباً لاحترام هذه المؤسسات ولا سلوكها الذي ضيع الكثير الكثير في مسيرة شعبنا خلال العقد الأخير.

أما الدم فهومنجاة النظام الكبرى، فهو –أي النظام- بات يعلم أنه كلما هدأت البنادق، وخفت صوتها يكبر جمهور المعارضة ويعلو صوته، خصوصاً بين الأقليات الدينية السورية، وهذا أكثر ما يخشاه النظام، ولذلك نراه يعيد التصريحات الحربية النارية من وقت لآخر، ويعيد لغة الحرب إلى الواجهة، لا بل ويتمنى من أعماقه إعادة (داعش) للوجود بقوة، كما وكل التظيمات الشبيهة. من هنا يجب على كل معارض سوري أن يعرف أن صوتاً سورياً سلمياً عاقلاً معارضاً واحداً أفضل من ألف بندقية.

فمعادلة الدم كانت منذ اللحظات الأولى معادلة النظام ولقد استخدمها إلى الدرجة القصوى، والسلام والنضال السلمي، هو الكفيل بتحقيق مطالب الشعب السوري والأيام بيننا، لأن الدم هو (بنزين النظام).

* من كتاب زمان الوصل
(240)    هل أعجبتك المقالة (252)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي