السلام عليكم و رحمة الله
عرفت من أصدقاء مشتركين بيننا، أنكم تستغربون درجة احتجاج الناس عليكم، خصوصاً بعد القرار الأخير بتشكيل هيئة انتخابية عليا.
وأرجو أن تعلموا أن هذا سوف يتكرر معكم خلال ما سيأتي من زمن، حيث تقومون بمبادرة تظنون معها أنكم تمشون في الاتجاه الصحيح، ثم تتفاجؤون بردود أفعال الناس الساخطة الغاضبة - حيث لا أشك بأنكم تريدون رضى الناس- ولكن الحق الحق، أن لهذا الغضب أسبابه التي تذهب إلى أعمق من إصدار القرارات، أية قرارات، مهما علا أوقل شأنُها.
لكن سخط الجمهور المعارض بالذات على الائتلاف له إيجابية مهمة، وهي العشم (نعم العشم). أي أن الناس خلال السنين السابقة في غالبيتها، كانت (ترجو فيكم ومنكم وتدخرُ) ! .... ولكنها عانت الخيبات المتكررة.
ولقد أتت هذه الخيبات نتيجة طبيعية لما كان في الحقيقة، لأن الائتلاف يمارس السياسة بالأسلوب والطريقة ذاتها التي ثار ضدها الناس عام 2011م، وإن في المعارضة هذه المرة.
و انظر معي:
هل يتخذ الائتلاف قراراته بعد سبر آراء الناس؟ الجواب لا!
هل يقوم الائتلاف بدراسة توجهات الشارع السوري؟ الجواب لا!
هل يمارس الائتلاف منابرية وطنية قيادية، لا شك بأنها واحدة من أهم وأخطر عوامل النقص في كامل المشهد السياسي السوري؟ الجواب طبعاً لا!
هل هناك شفافية كافية في عملكم؟ الجواب لا مرة أخرى!
إن حال الإئتلاف الوطني السوري المعارض اليوم يعتبر نتيجة طبيعية، لما كان خلال السنين الفائتة.
وها هو شعبنا الذي سرق منه النظام على الدوام (حريته)، تُسرق مرة أخرى (حريته)، في هيئة المعارضة الأولى التي بنى أمله وعشمه عليها. وما حل هذه المسألة إلا في العودة بالأمور إلى أولوياتها وأساسياتها، حيث إذا اختلف (آباء الدساتير) في الأوطان الديموقراطية يعودون لروح الدستور، أي علينا العودة هنا لروح وأساسيات وجود الإئتلاف، وهي تمثيله للكتلة المعارضة الكبرى السورية (برضاها) أكرر (برضاها).
لقد بات من الواجب عقد مؤتمر عام كبير، على مرأى ومسمع السوريين جميعاً، مؤتمر يشبه (الجمعية العامة) في أي بلد ديموقراطي، تعرض فيه كل الأمور على الناس بكل شفافية، ثم يتم إعادة انتخاب قيادة جديدة، أو التجديد لكم إن حصلتم على ثقة الناس.
وإني بالفعل أستغرب من سياسيين معارضين، يدركون أن أنظار الشعب السوري شاخصة للعام 2021م، وهي تتمنى حصول التغيير فيه، لأنها تعلم أنه عام الاستحقاق الرئاسي، فتصدر قراراً بتشكيل هيئة عليا للإشراف على الانتخابات، حتى دون أن تقول للناس، لماذا؟ وكأن السياسة عندكم تشبه لعبة (الطميمة)!.
أعود هنا للقول بأنه و برغم كل شيء لازالت هناك فسحة لتغيير الواقع، عبر مؤتمر عام شامل للإئتلاف الوطني السوري، دون أية استنسابية أو حزبية، وبكل شفافية أمام عيون الشعب السوري كله، فمن هنا تبدأ القضية، من حيث إن الطبيب يحمل الدواء لإزالة (العلة)، وهو في كامل صحته.
ولا بد من التذكير أخيراً بالإيجابية الهامة التي تحيط بكل ما نخوض فيه، وهي أن الكثيرين من المعارضين السوريين بنوا على الائتلاف (أملاً) نربأ بكم أن تضيعوه.
مع التحية
*د.محمد الأحمد - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية