في تموز الماضي –كما يعرف الكثيرون– التقينا بالبعثة الدبلوماسية الروسية في جنيف، بمسمى الهوية الاجتماعية –لا السياسية– العلوية.
ولازال هذا اللقاء يصنع بالنسبة لي على الأقل، إشكالات جزء منها سياسي، والجزء الآخر معرفي، وحتى إشكالات في تعريف الذات لدى بعض المواطنين السوريين الذين يراسلونني بشأنه.
وإن لم يكن المشتغل بالشأن العام جاهزاً على الدوام لشرح توجهاته ورؤاه بكل صدق وأمانة للناس، فهو جزء من المشكلة، وليس جزءاً من الحل.
لسنا حزباً (علوياً) ولا يمكن أن نكون، ولا نقبل وجود أحزاب طائفية في بلدنا، ولا في الدولة التي نكافح من أجلها، ونريد بناءها.
لقد صدرت تصريحات عن رأس الدبلوماسية الروسية، وزير الخارجية (سيرغي لافروف) قال فيها بكل صراحة وفجاجة: نحن لا نقبل برئيس (سني) لسورية! الأمر الذي أخذ هنا ليس فقط الصفة الطائفية، بل اللاأخلاقية أيضاً ! ولقد كان من الضروري أن يجاب على الرجل، بشاهد من أهلها بكل بساطة. ومن الضروري أن يعلم القاصي والداني أن هذا (أخطر تصريح دبلوماسي روسي) على الإطلاق، فيما يعني القضية السورية، ولا ندري كيف تركه الكثيرون يمر بتلك السهولة؟!
مناسبة الحديث في هذا الأمر مرة أخرى، دعوات ثانية وثالثة رفضتها للقاء شخصيات رسمية، والاشتراك بندوات وفعاليات بهذه الصفة، وهنا زبدة الكلام اليوم.
إن الصفة الاجتماعية التي أتشرف بها، وهي محتد أجدادي. لا تجلعني أقبل مطلقاً أن تتحول لصفة سياسية، كما تشتهي كثير من الجهات، في نظرة واستشراف واضح لبلدنا، هو (بلد المحاصصة الطائفية).
من الضروري هنا ألا يظن القارئ الكريم، أنني أقدم على محاولة لإنكار المشكلة، بل على العكس فالمشكلة موجودة، وعلينا جميعاً مواجهتها، فلقد خلق النظام السياسي السوري، منذ (سرايا الدفاع) جيش الطائفة !
ولقد جاء خلق جيش الطائفة، لكي يضع وطننا في عين العاصفة، ومن لم يستشرف هذا الأمر، ويبني تنبؤه للمستقبل على أساسه، لا يعرف في ألف باء السياسية. فلقد عشنا كسوريين خلال العقود الفائتة في حقل مزروع بالألغام في الحقيقة، أسس له نظام رفض حتى أن يضع الأسس اللازمة لتكوين كتلة وطنية سورية كبرى، على أساس لا طائفي.
فلقد ترك الأحياء على أطراف المدن تبنى على أساس طائفي، بل شجع ذلك، وحاصص في التعيينات الإدارية والوزارية طائفياً، بشكل كرس الأمر دون الإعلان عنه، في الوقت الذي كان يدعي فيه بأنه نظام علماني! وعندما وقعت الواقعة في عام 2011م، ارتكب أكبر فاجعة بحق الوطن والشعب، بضرب الوحدة الوطنية في العمق، عن طريق الاستخدام المباشر للمذهبية والطائفية، في معركته.
ألا يتطلب هذا الأمر بمعنى من المعاني أن نشهد كشاهد من أهلها؟
ألا يتطلب هذا الأمر أن نرسل الرسالة الوطنية الضرورية، للجميع لنطالب بسحب هذا السلاح من المعركة؟ حيث هو سلاح الاستبداد والقهر والظلم، واستعصاء المستقبل السوري؟
إن القبول بقواعد اللعبة الطائفية، من الصغير والكبير مصدر حبور للنظام، وهو الذي يعطيه قوته، وللتاريخ ولعيون شعبنا المقهور وقفنا هذا الموقف.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية