أعلنت مؤسسة التجارة الداخلية السورية الحكومية، عن بيع ألفي طن من الشاي التالف كعلف حيواني، في الوقت الذي يكاد يموت فيه المواطن قبل أن يحصل على أوقية (شاي) عبر البطاقة (العبقرية)، التي تديرها (لينا كناية) موظفة القصر الجمهوي، هي ومجموعة من خاصتها، الذين يحصلون على نسب معلومة من كل عملية بيع بالمفرق، حيث تصل أرباحهم إلى مبالغ طائلة.
كما أنه ومنذ فترة تم الإعلان عن بيع كمية كبيرة من (الرز والبرغل) التالف أيضاً، الذي اشتراه أحد التجار على أساس أنه لا يصلح للاستهلاك الآدمي، ثم قام بتهويته وتعريضه للشمس وبيعه ثانية للمواطنين.
هذه عينة من عمليات الفساد التي تمتد إلى قوت المواطن في أحلك الظروف، وهي ناتج تدرجي طبيعي بالأصل للفساد الأكبر، وهو فساد الجلوس على الكراسي من فوق لتحت، فهذا المطر من ذاك الغيم.
فأعضاء مجلس الشعب والوزراء يعينون عبر (صفقات فاسدة) مثلهم مثل الرز المسوس، والشاي المعفن، كذلك وأغلب المناصب في إدارات الدولة.
من فمه قال لي العميد (م) الذي كان نائباً لقائد الشرطة في حمص يوماً، على إثر نقل قائد الشرطة بأنه يستطيع أن يحل محله فقط إذا دفع المعلوم، و تابع بأن كل منصب في إدارة الشرطة له تسعيرة معلومة، وكذلك في الإدارات التابعة لباقي الوزارات.
لكن منذ أيام أحيل محافظ ريف دمشق للتحقيق، وتم الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، حيث وصل إلى وسائل الإعلام أنه طلب رشوة مليون دولار من أجل الموافقة على صفقة، حيث علمنا بأن الجهة الإيرانية التي طلب منها الرشوة، قامت بتسريب الخبر للإعلام اللبناني الموالي لها، قبل أن تشكو (علاء ابراهيم) المحافظ المرتشي، لأنها تعلم أن الموضوع سوف تتم لفلفته، مع العلم أن الإيرانيين على علم بحقيقة الفساد في دوائر النظام في كل مكان، ولكنهم زعلوا الآن لأن الأمر خصهم، فبلغوا عن طالب الرشوة.
إن الفساد ليس فقط بتقديم رشوة مالية أو عينية فقط، بل رأس الفساد هو اتخاذ أي قرار ليس في مصلحة الشعب والوطن، فسرقة القرار السياسي الوطني فساد، وقهر الناس فساد، وحرماننا من الأمل عبر تزوير الانتخابات فساد.
وإذا كان النظام لا يعلم بأن السبب الرئيس لفساد موظفيه، هو أنهم يريدون مكافأة أنفسهم على شهادة الزور فعليه أن يعلم ذلك. فالأزمة أزمة ضمير وأزمة أخلاق بالفعل، وأول غياب للضمير والأخلاق كان السكوت عن قتل الناس واستباحة الدماء والأملاك، فما بعد هذه السوءة الكبرى كله أقل وأصغر منها.
نعم هذا لسان حال حاملي الأقلام الخضراء في إدارات الدولة المختلفة، وهم يبيتون في داخلهم هذه (الفلسفة): إنه عرس الذيب وعلينا أن نأكل منه.
ولأنني أعلم أن ما أكتبه هنا يقرأ في أعلى مستوى في النظام، أريد أن أقول له: ما الذي تنتظره من شهاد الزور؟! ما الذي تنتظره من بشر قرروا أن يسكتوا على الارتكاب الكبير والمأساة الوطنية العظمى، التي كان بالإمكان تفاديها!؟
بالتأكيد سيريد هؤلاء المشاركة في (عرس الذيب).
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية