يبدو بشار الأسد منذ مدة كرجل عقد قرانه على زوجتين، واحدة فارسية والأخرى روسية، وها هو يقلب الهوى بينهما. فليس الاتفاق العسكري الأخير، الذي وقعه وزير دفاعه (علي أيوب)، إلا رسالة واضحة للزوجة الشقراء (الروسية)، بأن حضن الفارسية أهنأ، ولكن كما يقال عندنا في الأمثال: (معتر يا زوج الثنتين).
فلقد أرسلت روسيا منذ مدة، رسائل واضحة للعالم وللداخل السوري، وللنظام نفسه، تدلل على عدم القبول والرضا عن سلوك الحليف! حيث أدرك الروس بالملموس، أن القاعدة التي كنا دوماً نصرح بها، وهي أن النظام هو أول المتآمرين على نفسه، بخطاياه المتكررة. و صار على الروس، فجأة ألا يساعدوه عسكرياً فقط، بل أن يدفعوا حتى فواتير (اللوحات الجدارية)، التي تبتاع أحياناً من موسكو نفسها، فأي عقل امرأة (زوجة) يمكنه احتمال هذا السلوك، الذي كان منذ البداية، هو المشكلة الرئيسية، في إدارة أزمة تاريخية كالأزمة السورية بعقل ابن الرئيس لا بعقل الرئيس.
نعم .. فمن هنا تبدأ المصيبة الكبرى، حيث لا يستطيع أحد مصارحة الرجل بالحقيقة، حتى من أقرب المقربين ! .. فمنذ اللحظة الأولى عندما تبرع رجل من أهم رجالات (الحرس القديم)، بحل مشكلة درعا، بأفضل السبل، ولقد كان الرجل الأنسب لحلها! رفضه بشار، تماماً لنفس الأسباب التي جعلته يوقع الآن مع إيران هذه الاتفاقية التي سيسجلها التاريخ، لكن ليس مطلقاً كورقة قوة، ففي علم السياسية، لا يستطيع السياسي أن يأخذ من معين في هذه الظروف، بهذه الطريقة .. لأنه يخسر المعين الآخر.
إن الخياط الجيد هو الذي يقيس عشرين مرة، ثم يقص مرة، بينما الخياط السيئ يفعل العكس، أي يقص ثم يقيس قطعة القماش من أطرافها، متسائلاً: هل قصتي على الليبرة؟
وقد يقول قائل: إنه مستمر في السلطة و يبدو بأنه هو الخياط الجيد !
إلا أن أصحاب هذه النظرية لا يدركون أنه باحتراق روما، لم تعد سلطة نيرون سلطة، ولا عندما يغادر كل الشعب.. كل الشعب، المملكة يبقى إلا ناطورة المفاتيح، كما تقول المسرحية الشهيرة..
وعلينا أن ندرك أن القانون الأهم لكل ما يحصل هو القانون البنيوي الرئيسي في حياة الدولة والشعب، وليس في حياة السلطة، وهو الأهم مهما عتت السلطة وتجبرت، حيث الغالبية الكبرى من الشعب تنتظر الخلاص، وأولهم أولئك المتهمون بموالاة السلطة، وما كانوا إلا ضحايا لعبة رعب كبرى، ستستمر دماً مع الزوجة الفارسية.
بين زوجتين... د.محمد الأحمد*
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية