أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الجدة التي أحيت "موناليزا" القهر السورية.. من هي؟

طوال السنوات الماضية، بأيامها الثقيلة، بمرّها ومرّها، كانت الأنثى السورية، امرأة وفتاة وطفلة، المسدد الأكبر لفاتورة الحرب الباهظة، إما مباشرة عبر قتلها أو اعتقالها أو تهجيرها أو حتى الاعتداء عليها، وإما بشكل غير مباشر عبر قتل أو اعتقال: أبيها، زوجها، أخيها...

ضمن هذه المشهد الذي تتصدره المرأة.. أماً، ابنة، زوجة، جدة، أختاً.. تكدست في مخيلات السوريين آلاف صور العذاب، حتى لم يعد هناك متسع. بعض تلك الصور لم يكن هناك كاميرا لتوثقيها، والبعض الآخر اقتنصته العدسة فجسدت عبره ما يمكن تسميته "موناليزا" القهر السوري، حيث ترتسم "اللوحة" بالدماء، على خلفية واسعة من دمار.

ولعل أكثر نسخ "موناليزا" الوجع السوري انتشارا، كانت لامرأة رصدتها كاميرا مصور يعمل لإحدى الوكالات الكبرى، عندما التقط ربيع 2016 صورة لتلك المرأة وهي تخرج للتو من غارة على حيها في حلب، بينما تختلط دماؤها بالغبار المتراكم على وجهها وثيابها.

ورغم أن صورة هذه المرأة قد صارت واحدة من أشهر لقطات الحرب في سوريا، فإن صاحبتها بقيت مجهولة، حتى إن المصور نفسه لا يعرف شيئا عنها، باستثناء أنها كانت تعيش مع شقيقها ووالدتها في حي باب النيرب، حين تم قصف منزلها.

واليوم وبعد مضي 3 سنوات ونيف على ذلك المشهد، تكررت الصورة ولكن في مدينة "سراقب" بإدلب، حيث ما يزال النظام وأعوانه من روس وإيرانيين يطبقون سياسة الأرض المحروقة بلا هوادة، وحافزهم الأكبر في ذلك خفوت أو اختفاء الأصوات المعترضة أو الممتعضة على جرائمهم.

ففي سراقب، أحيت الجدة التسعينية "عيوش قعدوني" موناليزا القهر السوري، وهي تخرج تحت ركام منزل ابنها الذي استهدفه النظام بغارة جوية.

الجدة الملقبة "أم علي"، خرجت هذه المرة من تحت ركام منزل ابنها الذي نزحت إليه، بعد أن دمرت غارة للنظام منزلها في ذات المدينة قبل سنوات، حسب ما يخبرنا "إبراهيم قعدوني" حفيدها.

ويروي "إبراهيم" لـ"زمان الوصل" كيف أن جدته انتقلت بعد أن دمرت طائرات الأسد منزلها في "سراقب" للعيش مع إحدى بناتها في المملكة العربية السعودية، إلا أنها عادت منذ سنة تقريبا تحت ضغط الحنين لمسقط الرأس، راجية أن تقضي أيامها الأخيرة بقرب أبنائها.

وهكذا استقرت الجدة في منزل ابنها، حتى جاء يوم الثلاثاء 24 كانون الأول/ديسمبر 2019، ليدمر النظام هذا المنزل، وتخرج "أم علي" على تلك الصورة التي جسدت معالم القهر.

ورغم أن "المجتمع الدولي" توقف منذ سنوات عن عد ضحايا الحرب في سوريا، فإن التقديرات التي تحدّثها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تشير إلى أن أكثر من 28 ألف من الإناث السوريات دفعن حياتهن ثمنا لهذه الحرب، الغالبية العظمى منهن قتلن على يد النظام وأعوانه.

أما المعتقلون والمختفون قسريا، والذي يقدر عددهم بعشرات الآلاف، فإن للسوريات نسبة قد تبدو متوسطة رقميا، لكنها فظيعة فعليا، لما يمارسه النظام على المرأة خاصة من أساليب ابتزاز وتعذيب وإهانة، تنافس في بشاعتها وانحطاطها كثيرا من شهادات نشاء وقعن ضحية الحروب في مناطق مختلفة من العالم، وضمن حقب زمنية متنوعة.

زمان الوصل - خاص
(290)    هل أعجبتك المقالة (224)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي