
شِفَاهُ الحَبِيْبَةِ تَلْهُو وَتَلْعَبْ
وَثَغْرِي يُعَانِي وَيَشْقَى وَيتْعَبْ
فَقُبْلَتُهَا حَوَّلَتْنِي صَبِيَّاً
أُنَاشِدُ أُمِّي لأَنْجُوْ وَأَكْسَبْ
تُقَبِّلُ ثَغْرِي، وَتَلْمَسُ صَدْرِي
وَتَأْكُلُ عَيْنِي بِنَظْرَةِ ثَعْلَبْ
فَأَهْرُبُ مِنْهَا، وَتَعْدُو وَرَائِي
وَقَلْبِي فِرَارَاً إِلى الشَّرْقِ غَرَّبْ
تُرَاوِدُنِي نَفْسَهَا دُوْنَ خَوْفٍ
وَتُهْدِي إِليَّ المَخَاوِفَ مَرْكَبْ
تُرِيْدُ المَحَبَّةَ مِنِّي وَتَبْغِي
غَرَامِي سَعِيْرَاً بِنَارِهِ تُلْهَبْ
فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَبِيْبَةُ إِنِّي
فَتَىً، لَمْ أَصِرْ بَعْدُ شَابَّاً لأَرْغَبْ
* * *
كَعُصْفُوْرَةٍ سَكَنَتْ بَعْضَ قَلْبِي
وَقَالَتْ: حَبِيْبِي تَعَالَ لِنَذْهَبْ
سَنَقْصِدُ دُنْيَا بِلا أَيِّ عُمْرٍ
سَنَسْكُنُ قَصْرَاً مِنَ النُّوْرِ يُنْصَبْ
فَلا أَرْتَضِي بَعْدَ قَلْبِكَ قَلْبَاً
وَلا أَنْتَ عَنْ دِفْءِ صَدْرِي سَتَرْغَبْ
تَعَالَ حَبِيْبِي وَيَتِّمْ شُعُوْرِي
وَثَكِّلْ وِدَادِي لِغَيْرِكَ وَاطْرَبْ
وَعَلِّمْ فُؤَادِي غَرَامَكَ إِنِّي
أُرِيْدُ وِدَادَكَ كَيْلا أُعَذَّبْ
فَصَدْرُكَ أَرْضٌ وَثَغْرُكَ بَيْتٌ
وَشِعْرُكَ دِيْنٌ وَعِشْقُكَ مَذْهَبْ!
* * *
فَوَافَقْتُهَا ثُمَّ أَنْشَدْتُ شِعْرَاً
أُنَادِي بِهِ كُلَّ قَلْبٍ تَغَرَّبْ
وَحِيْنَ ارْتَضِيْتُ المَوَدَّةَ مِنْهَا
مَشَتْ نَحْوَ صَدٍّ فَخِلْتُهُ يَذْهَبْ
وَمَرَّتْ لَيَالي انْتِظَارٍ وَشَوْقٍ
وَدَمْعِي يُسَامِرُنِي دُوْنَ مَهْرَبْ
وَلَكِنْ فَتَاتِي حَفِيْدَةُ حَوَّا
تَمَنَّعَتِ البِنْتُ عَنِّي لأَغْضَبْ
فعنَّفْتُ نَفْسِي وَقُلْتُ لِقَلْبِي:
جَزَاءُ الغَرَامِ صُدُوْدٌ، فَأَضْرَبْ!
* * *
لَعُوْبٌ فَتَاتِي وَمَيْسَاءُ خَصْرٍ
تُغَنِّي وَتَرْقُصُ قُرْبِي لأُطْرَبْ
وَفي سَهْرَةٍ مَعَهَا صِرْتُ نَجْمَاً
وَفي جِسْمِهَا زُرْتُ مِلْيَوْنَ كَوْكَبْ
أُقَبِّلُ ثَغْرَاً فَتَأْبَى غُرُوْرَاً
وَأَسْكُنُ نَهْدَاً فَتَمْشِي وَتَتْأَبْ!
وَمَا كُنْتُ أَحْزَنُ لَوْلا اشْتِيَاقٍ
فَإِنَّ الحَبِيْبَةَ أَشْهَى وَأَطْيَبْ
وَلا أَبْتَغِي دُوْنَهَا أَيِّ ثَغْرٍ
فَدِفْؤُهُ أَسْمَى وَرِيْقُهُ أَعْذَبْ
وَلا أَرْتَضِي غَيْرَهَا كُلَّ عِشْقٍ
فَإِنِّي سِوَاهَا هَوَىً لَسْتُ أَرْغَبْ
وَلَوْ تَعْلَمُوْنَ بِحُزْنِي وَشَوْقِي
لَكُنْتُمْ تَعِيْشُوْنَ مِثْلِي وَأَكْأَبْ
فَقَدْ أَصْبَحَتْ تَرْتَضِي مَوْتَ نَفْسِي
فِدَاءً لِيَوْمٍ بَدَتْ فِيْهِ تَعْتَبْ
وَتَرْفُضُ حُسْنِي وَآفَاقَ حُبِّي
وَتَطْلُبُ أَقْلامَ رَسْمٍ لِتَلْعَبْ
فَتَاتِي غَدَتْ بَعْدَ أَنْ بِتُّ شَابَّاً
كَبِنْتٍ سَتَرْضَعُ حُزْنِي وَتَشْرَبْ!
* * *
سَأَمْشِي بَعِيْدَاً وَأَنْسَى اشْتِيَاقِي
وَأَمْحُو ضَرَاوَةَ حُبٍّ سَتُكْتَبْ
وَأَرْثِي غَرَامِي بِشِعْرٍ عَتِيْقٍ
وَأَهْجُو جَفَاءَ اللَّيَالِي وَأَعْتَبْ
فَكُلُّ النِّسَاءِ تَمَنَّعْنَ عِشْقِي
وَهُنَّ وَرَبِّي لَمِثْلِي وَأَرْغَبْ
11 آذار 2008
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية