
في زمن الثورات العربية ، وفي احدى الدول العربية ، حيث رفض رفع علم آخر الى جانب علم بلاده ، وقف في الصباح الباكر ينتظر سيارة أجرة ، كان تفكيره يدور حول كيفية حصوله على لجوء سياسي في بلد عربي آخر ، كان يوماً صيفيا مضني ، لم يوفق بسيارة الأجرةالى ان بدأ العرق يسيل على ناصيته .
- الى اين يا سيدي ؟؟؟
قال سائق الأجرة الأفريقي السحنة .
- الى السفارة الجزائرية
- تفضل
ركب خالد سيارة الأجرة والأمل يلمع بعينيه ،
- ما هي جنسيتك يا سيدي .
- انا عربي
- اعرف انك عربي ولكن ما هي جنسيتك بالتحديد
-عربي الجنسية .
لم ينبس ببنت شفة ظنا منه ان زبونه الصباحي الاول من النوع العنصري المترفع .
- ها قد وصلنا يا سيدي .
-أرجو ان تنتظرني لبضع دقائق
-كان علم السفارة الجزائرية يرفرف شامخاً على قمة مبنى السفارة ، دخل خالد ، وقابل احدهم ، لم تستمر المقابلة اكثر من دقيقة ، حيث خرج والبسمة تعلو شفتيه الجافتين المتشققتين
سائق الأجرة يدخن سيجارة بالقرب من سيارته
- اوه سيدي لم تتأخر ، هم برمي سيجارته
- كلا أرجوك أكملها ، وانا أيضاً سادخن .
- الى اين الان يا سيدي ؟
- الى السفارة المصرية
كانت السفارة المصرية على مسافة قريبة من السفارة الجزائرية ، دخل مبنى السفارة حيث قابل احد موظفيها ، كان مصرياً تركي الملامح ، يبدو فخوراً ومعتداً بالمنصب الرفيع الذي لا يدري خالد كنه ، والذي يشغله في مكتبه الصغير المنزوي .
- مرحباً
- أأمرني
- ارغب في الحصول على تأشيرة عاجلة الى مصر .
- يعني تأشيرة على بساط الريح ؟؟؟؟
ابتسم خالد ابتسامة خفيفة ، مخاذراً زيادة التشقق في شفتيه
- لو كان هيك تسمونها .....
- ليش عايز تروح مصر ؟؟؟
- مصر ام العروبة وأم الدنيا وعندي ظرف طارئ ..و ....و ....و..
- ما هي جنسيتك ؟؟؟
انتهت المقابلة بوقت قياسي بعد ان عرف الموظف رفيع المستوى جنسية زائره ،وسبب رغبته في السفر الى مصر .
خرج الى سائق الأجرة الذي كان غافياً في مقعده
- الى السفارة الإماراتية .
قاد سيارته ناعساً غير مبالي ، وما ان صعدوا الطريق السريع ، حتى أضاء وجهه الأفريقي العتيد ، وبرقت عيناه حناناً
- اوه اوه اوه سيدي هذه سفارة بلادي .
- التفت خالد الى يساره حيث وجد مبنى يعلوه علم ،مدرج بالأسود والأحمر والأخضر يتخللها خطين بيضاوين ويتوسطها رسم لدرع القبائل الافريقية ، ويتصالب على الدرع رمحان .
- انتَ من كينيا ؟؟؟؟
- اوه سيدي كيف عرفت ؟
- من العلم .
- سيدي هذا غريب ، لم أقابل عربي يعرف علم كينيا .
- ها قد قابلت .
- لكن ما هي ألوان علم بلدكم ؟؟؟
آهٍ يا صديقي ألوان أعلام بلادي ورموزها كثيرة ،لا حصر لها تقريبا ،منها ما يرمز الى الحقب الاستعمارية السوداء التي عانت منها شعوبنا ، وما يرمز الى دماء الشهداء الزكية التي أريقت لتنتزع بلادنا الخضراء من نير الاستعمار والعبودية ، ومنها أيضاً ما يرمز الى القومية العربية الأصيلة و الوحدة العربية المجيدة التي تآخي بين العرب أجمعين مهما كانت جنسياتهم ، ومنها ما يرمز الى أنظمتنا الجمهورية الديمقراطية ، وبعض الرموز تدل على ديننا الاسلامي الحنيف ، الذي يدعونا الى نصرة المظلوم ، وإغاثة الملهوف ، ومداراة المكلوم ، مهما كانت دياناتهم .. كثيرة جداً يا اخي ، فأنا عربيٌ ...عربيْ ..،.،معروفٌ أبّي .... كل الاعلام العربية أعلامي ، وبلاد العرب أوطاني ...
بعد اقل من اسبوع كان خالد على متن طائرة متجهة الى تركيا . .....مشدوهاً كابساً حفنة صغيرة من الملح في احدى راحتيه على تشققات شفتيه التي تكاد تختفي مع اختفاء ابتسامته .....

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية