جدد موت موفق الشهابي "أبو طلال" أمس تحت التعذيب، نكء جرح مخيم اليرموك الذي فتحه قبل أسبوع مقتل مهندس المعلوماتية وسيم أبو زينة، تحت التعذيب في أقبية نظام بشار الأسد، ليفوح من أوجاع السوريين رائحة اللا أمل من هذا الملف الأقسى، الذي لم يلق توثيقاً ومحاولات تقاضي من التنظيمات الحقوقية الثورية بحسب ما قال رئيس تجع المحامين السوريين الأحرار غزوان قرنفل لـ"زمان الوصل": "للأسف لم نقم بأي شيء يضمن محاسبة القتلة وتحصيل حقوق المقتولين تحت التعذيب، رغم أننا تواصلنا مع المنظمات الحقوقية العربية والدولية، ولم نزل نستكمل الملف بالتعاون مع مركز توثيق الانتهاكات والشبكة السورية لحقوق الإنسان، لنعاود الاتصال مع الجهات الدولية بشكل موثق".
قبل أيام وعبر "زمان الوصل" أعلن عن مقتل الفنان التشكيلي السوري فادي عبدالله مراد تحت التعذيب في أقبية الأمن العسكري بدمشق، لينضم إلى قافلة الضحايا الكُثر الذين سقطوا تحت التعذيب في زنازين المخابرات السورية وسبقه الأسبوع الماضي مقتل عبدالهادي شيخ عوض، وقبلهم المحامي معن الغنيمي والمحامي برهان سقال، ما يعطي بداية دليلاً عن استهداف الكفاءات والمثقفين، في محاولة لتصفية الطبقة المثقفة ومن فئة أو طائفة محددة، كما يرى معظم السوريين.
* مصدقة اعتقال
ولكن، كان لمقتل الفلسطيني وسيم أبو زينة تحت التعذيب في أقبية فرع فلسطين بدمشق، صدى مضاعفاً، حرك شريحة الطلبة السوريين وخلق ردود أفعال وصلت لاحتجاج طلاب الهندسة المعلوماتية ووقوفهم دقيقة صمت في 13 الجاري كما تقول صديقته بتول شجاع.
وقال مقربون من أبو زينة لـ"زمان الوصل": ذهب وسيم في يوم اعتقاله لاستلام مصدقة تخرجه من الجامعة فقيل له عد بعد نصف ساعة، ولما عاد تم اعتقاله من داخل الحرم الجامعي بتهمة تضمنها تقرير كيدي مكتوب ضده على أنه ناشط إعلامي وتكنولوجي، رغم أن وسيم كان من جماعة "حبوا بعضكم"، ومنذ اعتقاله في 4-12-2013 لم يره أهله، وأكثر ما في الأمر أن بعض الأخبار تصل ذويه بأن "أخرجوني من هنا لأن مرض الكبد يتفاقم وأخشى أن أموت تحت التعذيب".
مقتل وسيم أبو زينة يأخذنا لمقتل وسام ابن عضو الائتلاف فايز سارة قبل أشهر، حيث ضج الرأي العام السوري وقتذاك لمقتل وسام الذي لم يكن له أي نشاط عنفي كما يقول أبوه فايز سارة.
بل وأخذ مقتل سارة بعداً خاصا وصل لتقديم الأخضر الإبراهيمي العزاء لعضو الائتلاف بحسب ما قال لـ"زمان الوصل".
وأضاف فايز سارة: بعد أشهر من اعتقال وسام جاءت برقية لابنتي وزوجتي المقيمتين بدمشق ليأتوا ويستلموا الجثة، ولما ذهبوا أبلغوهم بموت وسام ولم يسلموهم الجثة.
سألنا حينها فايز سارة هل تود رفع دعوى قضائية فلم يؤكد عزمه، بل اكتفى بالقول "وسام كغيره من شباب سوريا الذين يموتون نتيجة وحشية النظام".
* ثروة مات
م .ماهر ابن عم لثروة الذي بلغ أهله أخيراً بموته في سجون الأمن العسكري بإدلب قال لـ"زمان الوصل" حتى الهوية لم يسلمونا إياها، بل اكتفوا بأن "ثروة مات ووقعونا على وثيقة تقول إن العصابات المسلحة هي من قتلته".
إذاً بات الموت تحت التعذيب مصير شبه حتمي يلاقيه معظم المعتقلين في سجون مخابرات النظام السوري، فقوائم الشهداء الذين يقضون في أقبية الفروع الأمنية تبدو كبيرة ومرعبة بعد نشر الصور الشهيرة لآلاف الجثث مجهولة الهوية عبر وكالة الأناضول التركية.
وقد تمكن أحد عناصر الشرطة العسكرية السورية من تسريب صور جثث القتلى في المستشفيات العسكرية بعد تكليفه بمهمة تصويرها، حيث توفى هؤلاء المعارضون بعد نقلهم إلى المستشفى نتيجة التعذيب أو الجوع.
وسبق لـ"زمان الوصل" أن التقت "القيصر" المشرف على ملف الصور المسربة.
وبحسب تقرير نشرته وكالة الأناضول، فقد قتل 11 ألف معتقل تحت التعذيب وتظهر رموز مكتوبة على وجوه القتلى وأجسادهم، تشير إلى تنفيذ الجنود السوريين لأوامر عسكرية، وترك رموز على جثث القتلى لإثبات حالات الموت تحت التعذيب.
وأشارت الوكالة حينها إلى أنه "تم التأكد من عدم وجود أي تلاعب في الصور في مختبر بريطاني". وتعرض الأشخاص للتعذيب الممنهج والخنق بالأسلاك والحبال والأحزمة. وأكدت اللجنة أنَّ "الوثائق تعد أدلة قطعية لفتح دعوى انتهاك لحقوق الإنسان، وجرائم حرب"، وأنها أعدت تقريراً بذلك.
*هل يتحرك الائتلاف؟
ولكن، لماذا لا تسارع المعارضة السورية لرفع دعاوى جنائية في المحاكم الدولية بعد أن وقد وصل عدد المقتولين تعذيباً إلى أكثر من 2305 ضحايا من أصل حوالى ١٩٤ ألف معتقل في سوريا.
ووفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، كان آخرهم الشهر الماضي فقط 149 معتقلا، وهو أعلى رقم لضحايا التعذيب خلال شهر، منذ ابتداء الثورة السورية ليتحول بشار الأسد وأركان نظامه لمحكمة الجنايات الدولية بدل أن يرث عن أبيه، الحكم للمرة الثالثة.
رئيس تجمع المحامين الأحرار غزوان قرنفل يجيب "زمان الوصل": لا يمكننا رفع دعاوى نظراً للاستحالة القانونية، حيث قبول دعوتنا مرهون بأمرين، الأول أن تكون الإحالة بقرار من مجلس الأمن الدولي، وهذا لم يحدث، علماً أن مجلس الأمن شاهد أمس الثلاثاء –بطلب فرنسي- نماذج من حالات التعذيب التي يتعرض لها السوريون على يد جيش وأمن نظام بشار الأسد.
الأمر الثاني أن النظام السوري لم يوقع على معاهدة روما، لذا لا يمكن لمحكمة الجنايات الدولية أن تتصدى لمسؤوليتها القانونية تجاه الجريمة المستمرة في سوريا، لأن سوريا لم توقع على المعاهدة.
ولكن، يسأل السوريون، وقلما تصلهم إجابة، عن سبب الصمت الدولي الذي يتحرك لمقتل زعيم هنا أو هناك فيفتح ملفات ويسخر محاكم ودول، لكنه لم يحرك ساكناً رغم تقرير وكالة الأناضول التركية الموثق والمصادق من لجنة دولية مختصة ورغم توثيق الشبكة السورية لحالات التقل التعذيب التي وصلت 2305 معتقلين، من أصل 194 ألف معتقل بينهم أطفال ونساء.
فمنذ بداية الثورة حتى الشهر الفائت قضى تحت التعذيب -بحسب الشبكة السورية- 80 طفلا و25 سيدة و51 ممن تزيد أعمارهم عن 60 عاما و107 من الثوار المسلحين (أي أقل من 5%)، والباقي كلهم مدنيون.
ووفق الشبكة فإن قوات النظام السوري تعتقل ما لا يقل عن 194 ألف مواطن سوري، بينهم قرابة تسعة آلاف دون سن 18 عاما ونحو 4500 امرأة.
يسأل سوريون: هلّا تعمل المعارضة عموماً، والمكتب القانوني في الائتلاف، بعد تفرغ الهيئة السياسية وصرف راتب ثابت لأعضائها، -تعمل- على تحريك دعوى قضائية والرأي العام الدولي، ضد المرشح الأسد الابن، ليس لأن زوجته أسماء فواز الأخرس لديها جنسية بريطانية، بل لأنه مجرم حرب..أم ترى المعارضة ستكتفي كما الجامعة العربية و"الكبار" بالقرف والاشمئزاز ووصف الجريمة السورية باللاديمقراطية!
زمان الوصل - عدنان عبد الرزاق
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية