اصبروا وصابروا... اثبتوا لا تغادروا أماكنكم إلا قدماً.... صوبوا بنادقكم صوب الطغاة.... ثواراً جبابرة العصر، بل كل العصور.... كونوا للمرتزقة القتلة أشباحاً تؤرقهم، وأصحاب المنابر لكم بالرصاد، يدبجون لكم كل أنواع وألوان الخطب النارية، يمجدون لكم استشهادكم وعنادكم ومروءتكم،،،، يصرخون بأعلى الصوت: صامدون حتى اقتلاع النظام ومحاكمة القتلة .... وبالطبع نحن مجاهدو الفيسبوك، نضم صوتنا الى اصوات مجاهدي المنابر، نرصد، نكتب، نحلل، ننظر، نعيب، نجتهد، نقيم، نصوب، لا نخطأ، ندبج العبر والمواعظ، نتابع بطولاتكم، صور ضحايانا وشهداءنا، نتسمر أمام التلفزيونات، نتابع عويل الأمهات، صراخ الأطفال، قهقهات خصيان وغلمان القاتل ينتشون بسفك الدم وجز الرقاب.... منزهون عن أخطاء كأخطاءكم... نستشرف المستقبل، نحلل مواقف الدول والساسة حتى قبل أن ينطقوا بكلمة، نقرأ الكف حتى المغلول منها في الدم، قادرون حتى على وضع الخطط الحربية والاستراتيجيات والمبادرات من وراء فصوص الكمبيوتر أو الهاتف الذي يلازمنا، نكاد لا نخطئ فنحن من طينة مختلفة، نعيب عليكم وعلى كل من نلتقي برأي أو معلومة أو نصيحة.
إن تحدثنا كان المحلل الزيات قزماً، نزار عبد القادر أمي في الاستراتجيا، فكل واحداُ منا محللاُ مخططاً منظراً، قادرون على تجيير وقائع وأحداث في قوالب فذلكات مدبجة بعناية لتخدم فكرة يؤمن بها أحدنا، نحن القادرون على التحليل والتمحيص واستشراف المستقبل، قادرون على سرد سيناريوهات ما يدور في سراديب القصر الجمهوري في قمة جبل قاسيون وأنفاقه، بل ما يدور من حوارات متوترة بين أبالسة مساعدي رأس العصابة، نضع الخطط والأفكار لاغتيال رأس الشر حتى وهو قابعاً في مقصورته في باخرة روسية بحماية مرتزقة من كولومبيا أو من جماعة الحرس الثوري الإيراني، مع ثلة من أقرب المقربين له، نجول في تلافيف مخ أي منهم، نعرف بما يفكر أحدهم، ما تحدث به نفسه، بل ما يوسوس له شيطانه.
نتألم لألمكم، نستلق على أريكة مريحة، بعد تناول حبات الاسترخاء لقيلولة بعد الظهر، ينخر رؤوسنا صرير سكين يحز عنق ضحية بين يدي جلاديه وسط قهقة رفاقه، على شاشة ميمونة تشن حرب داحس والغبراء من رأس الساعة الى رأس الساعة، نصاب بالصداع، نهرع الى حبات تسكين الصداع ونكيل له السباب، تطربنا صولاتكم وجولاتكم ومشاهد اقتحامكم على اليوتيوب الميمون لأعتى حظائر الرعب في أنحاء بلدنا، تنتفخ أوداجنا، نحييكم، نشد على أياديكم عن بعد، نحلف بحياتكم، نبوس لحاكم وجباهكم السمر والتي لفحها صقيع شتاء قاسٍ، نتأوه، نتألم بصمت ونصرخ ونسكت، تجود القريحة بسرد وقائع من زاوية يراها الراوي أنها الأكثر أهمية، أو سقطة من سقطات ثوارنا على الأرض، ضربنا كفاً بكف لمنظر أرغفة الخبر مغموسة بدم الأطفال والنساء أمام مخبز انتظاراً لرغيف يسد رمق مذعورين في خندق أو قبو أسفل بيت مهدم، عندما ضاع الخبر والمخبز والساعي الى الرغيف، وسط الأشلاء ذعر مخيف بين مسعف وآخر يلملم أشلاء عزيز أو صديق أو ابن حي أو حتى من لايعرف....!!! .
منمات المشهد مخضبة بالدم والدخان والنار، الكل على ألأرض يتوقع موتاً قادما في أي لحظة، قد يأتي أو يتأخر، وسط ازيز القذائف وهدير الطائرات يهرع الأطفال الى صدور أمهاتهم طالبين المأمن الذي لاتمتلكه، الأم تلملم أطرافها مذعورة، تحضن ما تيسر من أطفالها لتحميهم، تنسى نفسها... هي ثقافة الموت المشرعة أبوابه الآت مع أي هبة ريح، نقدر ما تعانون، لا ماء ولا كهرباء ولا وسائل اتصال للاطمئنان على قريب او صديق في حي مجاور تعرض لصاروخ من بعيد، أو لغارة طائرة أمطرت الحي بحمولتها، الدخان والموت يعشعش في كل الأرجاء، زرقة السماء لم تعد كعادتها حيث تطاولت سحب سخام القذائف والصواريخ، توشحت السماء والأرض بالسواد، احتضنت الأرض بحنو جثامين وجثامين، وفي كل الأركان بقايا من أشلاء مدنيين وضحايا باغتهم صاروخ أو قذيفة، لم يتمكن شهود عيان لملمة تلك الأشلاء، فتيبست على أديم الأرض الثكلى بأبناءها، دماء ودماء جفت على الأرض، لم يبق منها سوى علامات داكنة على التراب أو الرصيف أو بقايا أنقاض بيت هدف....؟؟ والأرض تحنو على مجموعات مبعثرة الأشلاء فيما أسموها مقابر جماعية.... أعدت على عجل، جثث تم دفنها أكثر من مرة بعد مواراتها على عجل ليتسنى للمشيعين الدفن اللائق....؟؟
هناك في الوطن.... نعلم أنكم لم يعد لكم اهتمام بما يقول الآخرون عبر التلفزة، حيث لا مجال أمامكم لمتابعة نشرة أخبار تفوح برائحة دماؤكم، أو بمرور مجموعات ببدلاتهم الداكنة يلوحون للكاميرات مهرولين لقاعة الفندق للاجتماع وتداول أموركم، مشتتون في كل الأنحاء، تبحثون عن مكان قصي قد لا تزوره صواريخ وقذائف العصابات، تتناقلون ما تيسر من أخبار حول ما يدور من حولكم، أو في محيطكم الأبعد والأبعد، وجل أحاديثكم استجرار لمناقب أحباء وأصدقاء راحوا شهداء، وتارة عن أنواع المقذوفات والصواريخ والطائرات بين ثابتة الجناح والمتحركة الجناح، بين البراميل الغبية من صنع النظام او عنقوديات الكرملين وصواريخ أصحاب العمائم في سراديب قم، خلعتم على كل منها إسماً وأسماء وألقاب أخذها العالم.....؟؟
اعتذاراتنا أمام هذا الدم وتلك المجزرة التي لم تتوقف، يصغر أمام جبروتكم وعندكم وتصميمكم و و و و و؟؟ أزلام الطاغية استخدموا أبشع وأوسخ الوسائل والإمكانيات لتركيعكم .... لإرهابكم ... لإرجاعكم لبيت الطاعة البغيض، استخدم كل ألوان التقية البغيضة.... والكذب الرخيص، والكذب الأسود فوصفكم بالارهابيين والمرتزقة والجراثيم وأعداء الوطن، أدوات أجندات الآخرين، المارقون، الكافرون بالوطن والولاء، كل ذلك بعد أن شق الكرماء في وطني عصا الطاعة، قلبوا الطاولة في وجه الوارث اللاشرعي، وأعلنوها ثورة للكرامة ولبناء سوريا المستقبل، أقسم أحرار الوطن أن لارجعة للوراء حتى اقتلاع النظام، كل النواميس ورموز العزة تصغر أمام كبرياؤكم، صبركم، قوة شكيمتكم، إصراركم الذي ما زاد مع الوقت الا قوة، فكتبتم في تعاريف الثورات والعزيمة عناوين جديدة لم تسبقكم أمة إليها.
أهلنا ..... أحباءنا.... مهما حاول أي من السوريين أن يتسامى لمستوى عطاؤكم وإقدامكم لن يصل لمستوى حبة عرق من جبين مقاتل مغوار، شهم، مقدام، يصارع قوى البغي، بقلب مفعم بالإيمان وحب الوطن، يرفع راية الله أكبر ،،،،، جاع وعطش، ترك أهله دون رعاية أو ما يسد رمقهم وحمل سلاحه وروحه على كتفيه ليقاتل من أجل الوطن، كل من لبى نداء الفزعة للوطن، نحني هاماتنا، نجل فيكم هذا الإصرار والإكبار، سطرتم أروع آيات البطولة في وجه أعتى آلة البغي،
العالم المتمدن يتفرج .... يحصي بلا اهتمام ضحايانا ... مجازرنا، مدننا تحت زخا الصواري المتوسطة المدى "سكود"، سكوتهم ترخيص للقاتل حتى باستخدام كل أنواع السلاح والكيمياوي ليس ببعيد عن المسموح، وماوراء الستارة تدور رحى حرب قذرة من نوع آخر، في استهداف أي قائد أو رمز لفصيل فاعل على الأرض، في محاولة استخبارية مدروسة للوقيعة بين القوى على الأرض وإنهاك كل الفصائل والتنظيمات المقاومة لجرائم النظام، للعمل على فرض أية حلول تأتي من هناك، تضمن مصالحهم، وتبثي سوريا بشعبها الجبار بعيداً عن أي تطور، واستلاب الإرادة المستقلة لسوريا القادمة، وتعزيز استقرار أبدي لدولة اسرائيل بعد تحييد القضية الفلسطينية عن فعل الإرادة الشعبية الحرة للعرب وسوريا هي المركز، ناهيك عن حماية التركة الواسعة من الأنظمة الدكتاتورية في الوطن العربي، وإفشال أي نظريات لإسقاط الدكتاتوريات من قبل الشعوب، وهذا ما يفسر تحول أو تلكؤ معظم العرب الذي وقفوا إلى جانب الثورة في ايامها الأولى، ومن ثم المرور بمرحلة الكمون والصمت، ومن ثم المناداة بالحل السلمي الذي يسعى إليه العالم بما فيهم العرب، والذي يؤدي إلى إنتاج منظومة جديدة من الدكتاتوريات يكون فيها النظام القاتل في سوريا أحد اللاعبين.
الثورة ما ضية إلى أهدافها التي رفعها السوريون منذ يومها الأول....ولن تكسر إرادة الأحرار أي قوى مهما بلغت من جبروتها... والصبح قريب...؟؟؟
* صحفي سوري مغترب
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية