أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

طبيعة الحراك في الشارع السوري ... مازن كم الماز

انقسم المثقفون أو المحللون السياسيون منذ بداية الانتفاضة السورية إلى موقفين رئيسيين و بينهم مجموعة من المواقف غير الحاسمة لكن التي تميل بصراحة و بالضرورة إلى هذا القطب أو ذاك , الرأي الأول يرى أن نقطة الضوء الأساسية في سوريا هي النظام , و أن الشعب من دون النظام , أي من دون قمعه , سينتهي بالضرورة إلى حرب أهلية , إلى فتنة طائفية , لن يحول بينه و بينها إلا هذا القمع , الرأي الثاني يرى أن الشعب السوري قادر على أن يحيا بحرية أو أنه يستحقها , و أنه لا يوجد ما يبرر قمع النظام سوى إصراره على استمرار نهبه للبلد و احتكاره للسلطة , هذا الرأي هو الذي يحفز الشباب في الشارع بالتأكيد , إنه مقتنع بحقه في الحرية و قدرته على ممارستها و أنها وحدها المدخل لحياة أفضل , الحقيقة لا يمكن للتطييف و لا للتطرف الديني أن يفسر مركزية شعار الحرية اليوم في الشارع السوري , من المؤكد أن الطائفي لا يحتاج على الإطلاق للحديث عن الحرية , هذا المفهوم غريب عن أي طرح طائفي , هنا يجري فقط إلغاء طرف , طائفة , دين , أو أي مجموعة من الناس تحت مبررات مختلفة , لكن ليس أبدا تحت حجة الحرية , المتطرف أيضا لا يعرف فقه الحرية , على العكس , لديهما ما يكفي من الأسباب لاعتبار الحرية حالة أقرب إلى الهرطقة , حتى كشعار تبدو الحرية مستفزة للطائفي و للمتطرف ... هذا صحيح حتى اللحظة أيضا فيما يتعلق بأجهزة الأمن , الحرية أيضا بالنسبة لها هرطقة لا بد من ملاحقتها ..

 نقطة أخرى في الحراك الطائفي هي أنه حراك فوقي , تقوم بالتجييش له و ممارسته قوى و مؤسسات فوقية , دينية , إكليروسية , و سياسية مرتبطة بتلك المؤسسات , كما هو الحال في لبنان مثلا منذ الاستقلال , و كما هو الحال عليه في العراق مثلا , الشارع قد يتأثر بالطائفية , و قد ينقاد وراء الخطابات الطائفية و أصحابها , لكنه منفعل بهذه الخطابات , و لا ينتجها هو , بل يستهلك ما تنتجه المؤسسات الدينية و السياسية الطائفية , إن الحراك العفوي للشارع , السوري أو أي شارع عموما , ينصب أساسا على مطالبه هو , لا على مطالب النخب السائدة , و بالتالي فهو كما نرى اليوم على امتداد عالمنا العربي , ينتج حراكا يتمحور حول الحرية , العدالة و المساواة , لا حول الطائفية أو التطرف الديني , ما يجري اليوم يدور حول نقطة مركزية أساسية و لا تنفع هنا محاولات إنكار أو تجاهل هذه القضية اليوم تحت أي حجج أو ذرائع : قضية الشارع اليوم هي الحرية , حريته , أو حقه في هذه الحرية , الطائفيون و المتطرفون يكرهون الحرية بقدر ما يكرهون الاخر ....


(101)    هل أعجبتك المقالة (105)

2011-05-02

موقف رمادي.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي