بداية لا بد من الاعتذار عن انزلاقي إلى معركة هامشية قميئة أسهمت ولو بقدر قليل في إلهاء الناس عن هممومهم الحقيقية ولو إلى حين، ولربما على نطاق ضيق، ولكن ما يشفع لي أمام نفسي على الأقل أن هذه المعركة رغم صغرها أسهمت أيضا في كشف الطريقة التي يتربى عليها مؤيدو النظام، فهم في غالبهم نسخة عنه في الكذب والتدليس والتهجم الشخصي على كل من يعارضهم أو يطالب بحق من حقوقه الطبيعية.
لقد أثبت بعض المؤيدين خلال الأيام المنصرمة أنهم كما نظامهم يستهينون بكل الأخلاق وبكل المبادئ والمثل والأعراف في سبيل تمرير هضمهم لحقوق الناس، ولهم في زعيمهم قدوة في هذا المجال فهو الذي أصدر قرارات ومراسيم مصادرة بيوت وأراضي وأرزاق الناس الذين هجرهم من بيوتهم وقراهم ومدنهم بعد تعرضهم لأبشع مجازر عرفها تاريخ البشرية.
لن أعود لبداية الحكاية فقد تحدثنا فيها كثيرا، ولكني سأرد هنا على سيل الأكاذيب التي ساقها صانعو مسلسل "كسر عضم" والاتهامات التي وجهوها إلي شخصيا مع وعد بأن هذا المقال هو آخر ما سأقوله حول الموضوع مهما حدث ومهما يكن.
1- يقول صناع مسلسل "كسر عضم" وعلى رأسهم طبعا "إياد نجار" و"رشا شربتجي" أني لم أكتب من المسلسل سوى 400 مشهد، وهذا كذب واضح ودليل ضدهم يكشف فعلا أنهم مجموعة من الكذبة التي لا تملك حجة سوى الكلام، فكل الأدلة تقول عكس هذا الكذب، منها شهادة الأستاذ "عماد ضحية" صاحب شركة "بانة"، وهي المالك الأول لنص "حياة مالحة" والتي يؤكد فيها أن النص كان مكتملا وأن "إياد نجار" اشتراه من الشركة لصالح شركته كاملا حتى آخر مشهد.
2- وثاني الأدلة هو كذبتهم التي تنعكس عليهم وتصبح دليلا ضدهم وهي تأكيهم على أنهم دخلوا التصوير، وصوروا أربعة أيام من مسلسل "حياة مالحة"، وأنا هنا أطلب شهادة كل أصحاب شركات الإنتاج، وكل الممثلين السوريين وكل المخرجين في سوريا وخارجها إن كان أحدا منهم شارك أو سمع عن مسلسل يبدأ المخرج بتصويره رغم أن الكاتب لم يقدم إلا 400 صفحة أي أقل من ثلث المسلسل، هذا لم ولن يحدث في أية شركة ولا في أي عمل سينمائي أو درامي.
3- ثم أن هناك لجنة صناعة السينما والتلفزيون التي تقول قوانينها بعدم جواز قبول تنازل من أي كاتب لأية شركة إنتاج عن مسلسله إلا بعد أن يكون منجزا على الورق ومنتهيا، وهذه لجنة صناعة التلفزيون تشهد بذلك وكل من تعامل معها أيضا يشهد بأن القوانين لا تسمح بالتنازل إلا إذا كان العمل مكتملا، ومع ذلك تصر "رشا شربتجي" على الكذب بأنها لم تتسلم إلا 400 صفحة فقط في ترديد ببغائي لما قاله معلمها "إياد نجار" (معلمها في كل شيء طبعا).
4- يقول البعض لماذا لا ينشر "فؤاد حميرة" الأحداث المقبلة من المسلسل إن كان هو فعلا الكاتب الحقيقي؟ ليقل "فؤاد حميرة" أي حدث سيأتي في المسلسل ونحن سنصدقه، وللإجابة على هذا المطلب أقول: يا أخوتي، النص الذي تم تصويره عندي منه نسخة كاملة، وكان بمقدوري أن أنشر منه مشاهد لما سيحدث في مستقبل الأحداث الواردة في المسلسل، ولكن هذا كذب وغش وتدليس، فكيف تريدون مني أن أدافع عن حقي بالتدليس والغش؟ النص عندي حتى آخر ورقة، ولقد نشرت منه بضع صفحات، بل ونشرت تفريغا لبعض المشاهد، وأنا أربأ بنفسي أن أكذب في قضية تتحدث أصلا عن حقي الضائع، وأرفض اللجوء إلى الغش والتدليس مهما يكن، فالحقيقة يجب ألا يمسها غش أو يدنسها كذب.
5- قال "إياد نجار" في لقائنا على العربية أن المسلسل ليس فيه حديث عن الإيدز إلا سبعين صفحة، وأنا أتحداه وأتمنى من كل متابع للمسلسل أن يعد ويحصي مشاهد الإيدز هذا أولا، ثم من قال لك إني أتحدث عن الإيدز أيها الجاهل الأمّي؟ أنا أتحدث عن طاغية منهك ومنخور من داخله، ولكنه يخفي ذلك عن شعبه كي لا يطمع بضعفه ويستهين به، ولذلك يلجأ للقمع والقهر وتصفية كل من يأخذ خبرا بحقيقة مرض الطاغية، ولكن تفكيرك الضحل لم يمكنك من فهم المسلسل فرحت تضرب يمينا وشمالا مثل جمل هيجته شمس الصحراء.
6- التشابه في التيمة أيها الأخوة، فحين نتحدث عن رجل يحلم بعودة أخلاق الفرسان وإصلاح المجتمع فإن تفكيرنا يقودنا مباشرة إلى شخصية الدون كيشوت التي كتبها سيرفانتس وهي باسمه، وحق من حقوقه حتى بعد وفاته بقرون بعيدة لقد ارتبط الدونكيشوت بسيرفانتس برابطة أبدية لأنه مخترع الشخصية، وأول من تناولها وتحدث بمنطقها، وهنا بيت القصيد في الخلاف حول مسلسل "كسر عضم" و"حياة مالحة"، الشخصية الرئيسية "أبو جرير"، والتي أصبحت "أبو ريان" في مسلسل "كسرعضم"، مسؤول في الدولة أصيب بمرض الإيدز، وهذا ما يريد إخفاءه عن الجميع، لكن سبب الإخفاء في النص الذي تم تصويره، كان مخففا ومائعا فأصبح السبب نتيجة صراع بين "أبو ريان" ومسؤول آخر على منصب في الدولة، بينما هو في نصي "حياة مالحة" صراع بين طاغية مريض وشعب يثور في وجهه في آخر مشهد حين يعلم مرضه ويدرك هذا الشعب أن زعيمهم ليس إلا شجرة بلوط أصابها التسوس وتملأ أحشاءها الديدان والعفن، فثاروا في وجهه طلبا للحقوق وللدفاع عن شرفهم الذي أراده أبو جرير مهدورا عند قدميه.
7- في "كسر عضم" يموت ابن المسؤول منتحرا وأنا لن أعلق على هذه الشخصية، وفي مسلسل "حياة مالحة"، يستلم الابن مكان أبيه بعد أن يشتد عليه المرض، فيكشف عن وجهه الحقيقي بأنه أكثر دموية من والده وأقذر من أبيه بكثير رغم أنه يقدم نفسه للناس شخصا أديبا يهتم بالفن والفنانين والإعلاميين والأدباء، ومن هنا..هنا أيها السادة مربط الفرس، فالإشارة إلى بشار الأسد وأبيه واضحة هنا، ولكن العمل مغر ويحقق مشاهدة كبيرة، ولكن لا بد من تغيير التيمة التي كتبها "فؤاد حميرة" عن العلاقة بين الأب وابنه الذي تسلم السلطة بعده، فجاءت التغييرات بناء على نصائح استخبارتية واضحة وكان التعديل على يد عنصر موظف في القصر الجمهوري يطنطن له الضعفاء ويطبل الجبناء لذكره والمخرجة زوجة ضابط في المخابرات.
8- المسألة تتعلق إذا بتغيير وجهة المسلسل، ولكن التيمة الأساسية للشخصية تبقى، هل وضحت الرؤية أيها السادة؟ أرجو ذلك.
كنت قد وعدت بأني لن أعود للحديث عن هذا الموضوع، ولكني أحذر "رشا شربتجي" من مغبة الاستمرار في سيل الكذب الذي يجرفها وأحذرها مع "إياد نجار" من اختبار صبري، فإن كانت أخلاقي وتربيتي قد منعاني من قول كل شيء، فإني والله أحذر من كشفكما على حقيقتكما وعلى الملأ فلست من يقعقع له بالثنيان وأنتما العارفان جيدا من هو "فؤاد حميرة".
*فؤاد حميرة - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية