أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لقاء وإلتقاء علي شطآن البحر... وائل المهدي

ظلال جسدي الهزيل وخيال روحي الممزقه سبقتي مهروله وراء نسمات آتيه من شاطيء بحر زماني , نسمات تئن بحمل ثقيل من سنوات عمري الماضيه ونبؤات لمستقبل آت وكليهما ظاهره جميل الطلعه وباطنه مر مراره الليالي والأيام , وما إن دنت تلك الظلال من البحر حتي إرتمي الجسد المتعب و إستلقي علي صخره البحر العظيم يحتضنها وكأنه يحتضن الأم العظيمه لتحنوا عليه بقليل من الراحه والهدوء من عبقها المشبع برائحه البحر ومن نتوءات الصخره المدببه كأنها تذكره بواقع حاله حتي لا يغرق ويدوب في أحلام وسراب القيلوله وحتي الشمس سلطت أشعتها المحرقه علي ظهر ذلك الجسد ليستيقظ من وهم الراحه والهدوء وما إن لمست نار تلك الأشعه ظهري المنهك حتي تذكرت كم من السياط جلدت ذلك المكان في ليالي حالكه السواد جعلت من ظهري أوديه تنهمر منها دماء وماء , وتذكرت جلادي الذي لم يرحم صبري علي آلامي وآهاتي ولم يشفق لصوت الآنين يدوي داخل كياني التي زلزلت قلاع الظلم وأسوار الظالمين , لم يرحم دمعه إنتفضت الي وجنتي لتشتكي الي الله ظلم المتجبرين , لم يرحم سكون و إستسلام جوارحي وأطرافي لتشهد الله علي قسوه القلوب وتحجر الأفئده , لم يرحم سماعي لصوت المعذبين بجواري وصراخ وعويل الأرواح من حولي , لم يرحم الظلمه الحالكه التي أعيش فيها بعدما عصبوا مقلتي بسواد قلوبهم , و الغفوه والسكره صارت صحوه وتمرد وقمت و إستقام جسدي مع الظل ليعتلي الصخره متحديا كل أوجاع البعاد مستنشقا نسيم البحر وفاتح أحضانه للرياح التي تطاردها أمواج زرقاء عاتيه متمرده علي واقعها لتقودني للتمرد والثوره من داخلي متحديا كل واقع يستضعفني ومقاوم لكل ظالم ومتسلط علي آمري وكياني , ويعلو صوتي مع صوت الأمواج ليكون صراخا والظل والرياح والأمواج تردد من ورائي مناديا لكل من له سمع وآذان صاغيه قائلا صارخا أنا الأنسان الحر ولا ذل يلاحقني , أنا الضمير الحي ولا ظالم يأسرني , أنا القلب المتعطش ولا متجبر يمنعني . أنا عبد لله وحده ولا عابد غيره يستعبدني , وكلما علا صوتي زادت دموعي لتصب في البحر بجانبي وعلت أصوات أقراني الظل والرياح الأمواج في ثوره وفرحه معلنين الحريه والعصيان معا , وفي برهه يعود الهدوء والسكون بعد وداع الأمواج .والشمس تلمم أشعتها خلف تلال الجبال الحمراء , والرياح تغادرني في موعد لها مع سجين مثلي في مكان أخر وزمان مختلف, وظلي هجرني بعد أن قادني للحقيقه وتركني مع ظلمتي , ولم يبقي معي إلا الصخره العظيمه والبحر الصامت والصافي صفاء القلب في طفولته ,وروحي حطمت قيودها وخرجت من سجنها لتداعب الفضاء الفسيح بين السماء ونجومه و بين البحر وصفائه وتصول وتجول مرحا بينهما و مقلتي تراقبهم في سكينه وإطمئنان وأنظر إليهم وانا جالس القرفصاء علي الصخره العظيمه منتظرا صديقا عزيزا علي فؤادي , وبينما نفسي تمرح وتداعب البحر الهاديء إذ بالصديق يكشف عن قدومه من بعيد من خلف جزيره هو آت وما هي إلا لحظات حتي إكتمل بزوغه وضياءه عانقت صفحات البحر ,وإنبرت روحي مسرعه لتعانق القمر ليكون الصفاء هو إغنيه يرددها كل من بصحبتي وعلي نغماتها تتراقص نفسي والقمر ومعهما نسمه تائه والمياه الصافيه وكلما يعلوا القمر ويتسلق نجوم السماء كلما تتكاثر الدرر واللألي المنثوره علي صفحات البحر حتي صار وجهه البحر ضياء متلئلئه كأن النجوم تركت أماكنها لتشدوا فوق البحر بضيائها ,وعادت الروح لتذوب في جسدي بحنان ولتشعرني بأني ما زلت من الأحياء,ما زال قلبي ينبض بنور ونار وما زال عقلي يجوب المشرق والمغرب وهو في مكانه ومازالت نفسي تتوق إلي السماء تستجدي بارئها العفو والمغفره ومازلت أنا فوق الصخره علي ضفاف البحر أحيا وعيوني شارده نحو الضياء الفضيه للقمر المنثوره علي صفحات البحر , وأرواح أحبائي الذين فقدتهم منذ ميلادي حتي شيبتي وشبابي هم ضيوف ضوء القمر وليله ,أخيرا رأيتكم يا أحبائي ..كم كنت مشتاق اليكم وروحي كانت متلهفه للقاءكم ..الدموع من عيوني كانت رساله ومرسال إليكم ..أنتم أعز وأغلي ممن عرفتهم في حياتي ..وأنتم أحن وأطهر ممن وقعت عليهم عيوني ..وأنتم أحبائي الذين سكنتم فؤادي ولم ولن تخرجوا منه أبدا ..أراكم وأنتم بين ضياء القمر علي صفحات البحر تمدون أيديكم لي في شوق ..أتمدون أيديكم لي تستنجدون بي لأحضنكم لدنياي أم تلك الآيادي الممدوده شوقا لتأخذوني إليكم..مازال كل منا في دنياه نلتقي ولا نتلاقي ولكن في تلك اليله كان اللقاء والإلتقاء..روحي وجسدي التقوا وتعانقوا من بعد غياب ..والرياح والأمواج الزرقاء كان بينهم لقاء وإلتقاء والقمر والبحر كانوا في قمه النشوه والإرتقاء ..ما أعظم تلك الليله التي فيها لقاء وإلتقاء عند الشطآن وأنا ممتطي الصخره العظيمه كأنها إمي التي سهرت عليا تلك الليله.


[email protected]

(88)    هل أعجبتك المقالة (83)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي