خضتَ حرباً مع خصم أو عدو، وخرجتَ مذموماً مدحوراً، مشلولاً مطحوناً، مجروحاً مخذولاً، فقدتَ عيناً وأذناً، وأنفك جُدع، وأصابعك قطعتْ، ووضعتْ بين رغيفين وأجبرتَ على أكلها مشوية، وتعرج على عكاز، وتكاد أن تتسول على باب الجامع، احمد ربك فما زال لديك عين تبصر بها، وقدم ترفس بها، وساق تمشي بها، وأذن تسمع بها أغاني نانسي عجرم زوجة البطل الذي قتل العامل السوري، وماجدة الرومي التي لم يقتل زوجها أحداً، لكن الرئيس الذي عانقتْه دمّر مالي، ويريد أن يدمّر غيرها، وهذه الطرق هي:
الطريقة البصرية: لا تيأس أبداً أيها الفتى، أظهر أنياب الابتسامة واجعلها كابتسامة المهرج، واضحك، وافرح، وارقص وأعلن النصر بأصبعيّ يدك السليمة، لأنك ما زلت على قيد الحياة، فالعدو كان يقصد قتلك، ولم يستطع لأن الأعمار بيد الله. أعلن مثل الأنظمة العربية يوم الهزيمة نكسة، فكشة، نكزة فيسبوك، لايكة غاضب، بل يمكن أن تعلنه يوماً للنصر!
الطريقة الثانية: وهي السمعية، أجبر من يليك من النساء والرجال والولدان على الإكثار من الزغاريد وقرع الطبول ودقِّ الدفوف وعزف المزامير، فليس بالخمر وحدها يسكر الإنسان، فهناك الحشيش والأفيون وطبول النصر.
الطريقة الثالثة: وهي الذوقية، أعلنْ يوم الهزيمة يوماً يشبه الأيام الوطنية عند زعمائنا الوطنيين، زيّنْ بيتك بالورد، ادهن الباب كما يفعل الحجاج، بالأبيض، اكتب عليه: نصراً مبروراً، ارسم نخلة الحجاز، فالنخلة عمتنا، اشتر الحلوى ووزعها ابتهاجا بالنصر على العابرين.
الطريقة الرابعة: وهي الشميّة، ادهن ظهور أيدي العابرين بأصبع الطيب، يمكن نثر العطور في البيت، اقتدِ بصناع المارتديلا عندما تفسد لحوم الحيوانات الميتة، يحوّلونها إلى مارتديلا بإعادة تدويرها بعد مزجها بكميات هائلة من البهارات حتى تضيع بصمات الفساد في عاصفة البهارات والطيب، وأكثِرْ من حكايات البطولة عن غدر العدو وخيانة الأصحاب، ويمكن أن تتحدث عن الصمود.
الطريقة الخامسة: إذا استطعت أن تذهب إلى عقول الناس بدلاً من الحواس الخمس فهو أفضل الطرق وأسرعها، وإذا كنت غنياً اعمل مكافأة لكل أعور في الحارة، وهدية لكل أعرج، وتخفيضات في السعر لكل مداح كذاب، إذا كان عندك محل، وبالمقابل اجعل عقوبة في بيتك لكل من يشك في النصر بتهمة الإساءة إلى شخصك الكريم، اجعل غايتك المشي بجانب الحيطان والدعاء بالسترة والحجاب والبوركيني.
الطريقة السادسة: ابنِ كثيراً من الحيطان في بيتك، فلها فوائد كثيرة، مثل توفير المشي الآمن بجانبها بعد التوجه لله بدعاء: يا رب السترة، ومثل جعلها لوحات لكتابة شعارات النصر المبين والتحذير من الأخبار المغرضة، وللجدران فوائد في صدِّ الأخبار ومنع الريح والعواصف، ويمكن أن تزوَّد الحيطان بآذان فتتجسس لك على أعدائك من أهل حارتك وبيتك ممن يشككون بنصرك المؤزر.
الطريقة السابعة مساء: لقد أكلت علقة ساخنة، ويمكن أن تباهي بجروحك وعاهاتك أمام أهل بيتك وحارتك، إياك أن تتحرش بعدوك، ولا بأس من سبّه وشتمه، لكن من غير اعتداء حتى تحافظ على يدك الباقية وعينك السليمة، من يجرؤ على قذف حصاة على بيت العدو نكّل به تنكيلاً واجعله عبرة لمن اعتبر وإرغاماً لمن جحد وكفر، لأنه اختار الوقت والزمان غير المناسبين.
الطريقة الثامنة: عوِّض هزيمتك بقهر الضعفاء وظلم المساكين والعُزّل وأبناء السبيل الذين سيكثرون في حارتك.
الطريقة التاسعة: العدو قوي، وحتى لا تخسر عينك الثانية، وتمشي على عكاز مرفوع الرأس، اقضِ على كل من تسوّل له نفسه استرجاع الكرامة، ويفضل أن تتعاون مع العدو، فأن تمشي على ساق واحدة خير من أن تلعن الظلام.
الطريقة العاشرة: وهي طريقتان، الأولى أن تتحالف مع العدو سراً، وهي الطريقة السورية، والثانية أن تتحالف معه علناً، وهي الطريقة المصرية والإمارتية. اتصل بالعدو، حالفه، اظهر معه في الصور، المهم أن تحافظ على موقعك، فالسلام غاية الغايات، ويمكن أن تستعين بالأشعار والآيات القرآنية بعد حرفها عن سياقها.
طريقة حادية عشرة كهدية على البيعة: وهي طريقتان، أن تكثر من الفخر بالذات والأمجاد، أو أن تسخر من الذات والأجداد والمجد التليد، المهم ألا تتأسى بالأجداد، وأن تتجنب السعي إلى استعادة المجد.
حبّة سكر: لا تنس عزيزي المفعوس المدعوس المنكوس أن تحنّط ساقك المكسورة وتعلقها على صدر غرفة الاستقبال كذكرى من المعركة واصنع منها قوس النصر.
افرح بالنصر ماي دارلينغ.
عشر طرق لاستعادة النصر وأنت مدعوس مفعوس*
*أحمد عمر - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية