منذ يومين يكتب يافع في حمص رسالة لأبيه وأمه قائلاً: أنا آسف يا أبي ويا أمي لم أعد أحتمل، أنا أعرف أن هذا سيريحكم مني، و يشنق نفسه.
قد تبدو للوهلة الأولى قصة هذا المراهق خلافا عائليا بحتا، لكن كل الواقع الاجتماع السوري اليوم رهين للاستعصاء الوطني الكبير، و للانهيار الاقتصادي السبب الرئيسي نظام سياسي قبيح، قرر بعد كل هذا الموت والدمار، أن يستمر كما كان تماماً، بدون أن يقدم على أي تغيير، حتى أنه تفنن في ما سمي انتخابات مجلس شعب أخيرة في انتقاء كل (زعران) البلد وأمراء الحرب، ليمثلوا السوريين، بكل قباحة وقلة وجدان، وما نراه إلا ذاهباً بنفس الأسلوب نحو الانتخابات الرئاسية في أيار القادم 2021م.
في نفس الوقت وفي محافظة السويداء، أقدم رجل بسيط في مدينة (شهبا) على شنق نفسه هو أيضاً بعد أن ضاقت به الدنيا، ولم يعد قادراً على إعالة عياله، وترك ولداً لازالت الصدمة حتى اللحظة تهز كيانه، وهو يتذكر مشهد أبيه.
وآخر يفجر قنبلة في نفسه وبناته. ومعلمة –أمثولة– تنهي حياتها بيديها.
كل هؤلاء يوقتون الساعة، على زمن سورية الممتلىء حزناً وقهراً، ولا صيحة من (عروة بن الورد) لتفتت صمت الأرض والسماء.
أما الرئيس القابع في قصر المهاجرين، يفند مفرادات نصره، وعناصر معركته المظفرة، فلا يريد أن يدرك مطلقاً إلى أين أوصل البلاد والعباد، ولا يريد أولئك الذين يبيعون الناس على وسائل إعلام السلطة هذا (النصر) أن يستحوا، ولا نعرف كيف تجري الدماء في وجوههم.
في المستوى الإنساني والرحمني، لا بد يتمنى كل واحد منا، أن يهمس في أذن أي شخص تسول له نفسه أن ينهي حياته بقول الله سبحانه وتعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله)، ولكن حال السوريين بات يصعب على (الكافر) كما يقول المثل المصري.
يا الله ما الذي يحدث فيك يا وطن الكرامة والخبز الطاهر؟
ما الذي يحدث فيك يا وطن العبقريات الصناعية والزراعية؟يا وطناً لم يجع أهله إلا من سلطة جائرة، توقف كل أسباب الأمل في الحياة؟
يا وطناً ثرواته لا تعد ولا تحصى؟
إلا في حسابات المصارف الأجنبية، حيث يقتتل السراق عليها، بينما ينتحر القهارى.
يا الله
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية