ذكّرتنا أصالة نصري صاحبة أغنية "حماك الله يا أسد" لحافظ الأسد خلال فترة حكمه لسوريا، بعد علاجه لها من شلل الأطفال، وأغنيته "زادك الله" شكرت فيها الأسد "الإنسان الذي رعانا صاحب الشخصية القوية".
في أغنيتها الجديدة، التي صار اسمها ألبوم "الحب والسلام" وهو اسم مهرجان رياضي سوري قديم، كان اسمه المحبة والسلام، تحوّل إلى اسم آخر هو مهرجان الباسل، بعد أن انفضّ السامر الأوروبي وعادت الفرق الرياضية إلى بلاد الحب والسلام، فلنا المقاومة والصمود ولهم الحب والسلام.
غنّت أصالة بالثوب الأحمر، ثوب فالنتاين، وتذكرت شجرة رأس السنة الميلادية، لا الهجرية، فالهجرية ليس لها شجرة ولا بابا نويل.
وجمعت في أغنيتها مطربين ورؤساء وملوك محور الثورة المضادة، طوبى لهم بهذا الحب والسلام، والخلافة الأرضية والثوب الأحمر. غير أن ما أغاظنا هو صورة عمر المختار التي تبدو ناشزة عن نظم الصور في السبحة، وفيها يسلّم الراية للسيسي حتى يحرر ليبيا، فنحن في عصر المطرب البطل، بعد أن مضى عصر الفارس البطل، والعالم البطل، والفقيه البطل، وشاعت لعمر المختار أقوال كثيرة، كلها مترجمة عن فيلم الرسالة، ليست من إرثه العربي مباشرة، مثل قوله:إننا نقاتل لأن علينا أن نقاتل في سبيل ديننا وحريتنا حتى نطرد الغزاة أو نموت نحن، وليس لنا أن نختار غير ذلك، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وهو كما ترون قول خال من الحب والسلام، و"نحن لن نستسلم، ننتصر أو نموت"، وهو أيضاً خال من الحب والسلام، وقوله: ستأتي أجيال من بعدي تقاتلكم، أما أنا فحياتي سوف تكون أطول من حياة شانقي. وهو كما ترون خال من الأغاني والحب والسلام والأثواب الحمراء، إلا ثوب الدم المجازي، وقد حضر عمر المختار في الأغنية ليس لحبه الأغاني، فقد كان يحب القرآن، إنما ليذكّر بالسيسي وتحرير ليبيا من أهلها، وكأن مصر حرة، وهي عطشى وجائعة، وهو الشهيد الوحيد، في الأغنية، فأغلب شخوص الأغنية عاشوا عيشة الملوك، ويمكن اعتبارها سرقة لجمجمة عمر المختار. وصفت المطربة الإماراتية أحلام أصالة بالزميرة، لقوة صوتها وصعوبة تحكمها به، وغياب الحنان فيه، ويمكن أن نعرج في حديثنا على مشاهير آخرين ضلّوا وأضلوا مثل علي فرزات الذي سخر من إضراب بريتا حجي حسن عن الطعام، ودعا محمود عباس وإسماعيل هنية أن "يقلع شوكه بيده" اللي فينا بسورية مكفينا"، فالفلسطينيون أخوتنا بل قدوتنا، ثم قال قولا يشبه الكفر، إذ تمنّى رئيساً كالسيسي لسوريا! وكانت رسوماته حلوة في عصره، ولم تعد كذلك، فالجيل الجديد من الرسامين أجمل ريشة ورسماً، مثل ياسر أحمد وعلاء اللقطة، وموفق قات، وسواهم، ورسام جيد لكن لا يحسن الكلام، وكذلك الشاعر اليساري العراقي سعدي يوسف الذي بدا في حواره في صحيفة عكاظ طامعا في الرز فمدخ محمد بن سلمان مدحا كبيرا، فقال: أوجه له التحية، وقل له «سعدي يوسف يحييك ويقدر لك إخراج قدرات شعبك من القمقم»، وربما كان يطمع في جنسية سعودية، وكذلك وهبة الزحيلي من التيار الديني.. وتبدو الأغنية شبيهة بالخاطرة أو المقال السياسي، والتذلل للآخر، وإعلان الاستسلام، وهي دون أغنية "بشرة خير"، ذات اللحن الهندي المقتبس، والأغنية لا تصنع وطناً وإن كانت تطرب، وكان نهاد قلعي، مؤلفاً، أنضج من هؤلاء، وهو يحاول مساعدة غوار في الفوز ببعض الليرات في إحدى حلقات "ملح وسكر"، ففاز بأغنية طروب، فسأل غوار: وين بيصرفوها؟ فقال البورظان ساخراً من فوزه: ع الشاشة، ويبدو أن هناك اسماً قد سقط من الأغنية، هو بشار الأسد، ربما نتنياهو، فالأخير أيضاً يسعى للحب والسلام، بل هو الطرف الآخر غير المذكور في الأغنية، هو "الحبيب المجهول".
هذه أغنية حب وسلام خالية من الحب والسلام، كررت أربع أو خمس مرات كلمة الحضن، ونعرف الحضن الذي هربنا منه، وهي أغنية تصرف على الشاشة، وقد تنال فراشة فالنتاين بعض الرز فصحة على قلبها وهنيئاً لها بالحضن.
نقول في الختام إن غضبنا هو لعمر المختار الذي أسر في هذا الحضن، فليس هذا حضنه، وهو الذي قال لعدوه الإيطالي الغازي: أموالكم مثل مجدكم زائلان، وإنّ شلل الضمائر أضرُّ من شلل العضلات، وإن الشهرة غير الفروسية، فقد ينال الشهرة الأخيار والأشرار، والأشرار أكثر في هذا الزمان.
أحمد عمر - من كتاب زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية