أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه المشهور, بضرورة خلق دولة فلسطينية مستقلة, وطالب الدولة الإسرائيلية
بضرورة الإعتراف بها والعمل من أجل تحقيق سلام شامل في المنطقة ل:.. أن هذا السبيل يخدم مصلحة إسرائيل ومصلحة
فلسطين ومصلحة أمريكا, ولذلك سأسعى شخصيآ للوصول الى هذه النتيجة, متحليآ بالقدر اللازم من الصبر الذي تقتضيه
هذه المهمة..../.ونحن نرى ياسيادة الرئيس بأنكم ستحتاجون الى صبر أيوب كما يقال, فالتاريخ لايبنى بساعات ولايتغير
بخطاب واحد, ولكن كما يقول المثل الصيني: أن تتقدم خطوة واحدة, خير من لاشئ../.لأن غطرسة وعنجهية الكيان
الصهيوني منذ أكثر من ستة عقود, سببه الدعم العسكري والمادي للولايات المتحدة وأوروبا, ولايمكن ازالته في خطاب
واحد,ونؤيد قولكم :..إنني أقوم بذلك وأنا أدرس أن التغيير لايحدث بين ليلة وضحاها ولايمكن لخطاب أن يلغي سنوات من
عدم الثقة, كما لاينبغي أن أقدم الإجابة على كافة المسائل المعقدة التي أدت بنا الى هذه النقطة.../.ومن واجبنا أن نقدم لكم
بعض الأجوبة لتلك المسائل المعقدة التي أوصلتنا الى هذه النقطة, وهي جزء من فيض .
لقد اعتاد حكام بني صهيون ومنذ نشوء دولتهم على الدعم المطلق واللامحدود عسكريآ وماديآ وسياسيآ من الحكومات
الأمريكية السابقة, ويعتبرون أنفسهم الإبن المدلل لأمريكا, تاجروا بمجازر الهولوكوست ومذابح النازية في أوروبا خلال
الحرب العالمية الثانية, لإبتزاز جميع الدول الأوروبية وبشكل خاص ألمانيا, من أجل الحصول على مليارات الدولارات
سنويآ, وكأن شعبنا الفلسطيني المسكين هو سبب تلك المجازر النازية, ومن قام بقتل اليهود في ألمانيا وأوروبا .اعتاد
حكام اسرائيل فرض مواقفهم وإرغام جميع دول أوروبا وأمريكا في تأييد سياستهم الإستيطانية والتوسعية في الشرق
الأوسط .جميع قادة وزعماء أمريكا السابقين, كانوا يتجنبون دائمآ المواجهة مع اللوبي الصهيوني في المجتمع الأمريكي,
وذلك بسبب تأثيره في القرار السياسي والإقتصادي والإعلامي . في كل حملة انتخابية, نراهم يتوسلون لكسب أصوات ودعم
اللوبي الصهيوني لهم . يقدمون له التنازلات السياسية, ويتبارون في تقديم المزيد من الدعم العسكري والمالي للكيان
الصهيوني, على حساب المبادئ الإنسانية وحقوق الشعب الفلسطيني, وهنا تكمن مشكلة عدم الثقة لدى شعبنا الفلسطيني
والعربي, بجدية السياسة الخارجية للولايات المتحدة ونزاهتها .لانرى المواقف العادلة والشبه انسانية إلا في نهاية حكمهم,
أو بعد ولايتين وحين لايحق لهم الترشيح مرة ثالثة, وعندما يدركون جيدآ بأنهم سيغادرون العمل الإنتخابي ولا يحتاجون
دعم اللوبي الصهيوني, عندها فقط نسمع بتصريحاتهم وخطاباتهم الشبه إنسانية بحق شعبنا الفلسطيني, واشتهرت السياسة
الخارجية للولايات المتحدة منذ عدة عقود, بدعمها وتأييدها لديكتاتوريات العالم الثالث, وأنها خلف جميع الأنظمة القمعية في
وطننا العربي, واتسمت بالعدائية والإستفزازية ومناهضتها لطموحات شعوب العالم الثالث, بازدواجيتها في المبادئ والقرارت
الدولية, شعارات براقة في حقوق الإنسان والديموقراطية والحرية والعدالة, تخفي خلفها سياسة الدمار والإضطهاد والسيطرة
على الإقتصاد العالمي . هذه الصورة السوداء والقاتمة للسياسة الخارجية الأمريكية, لايمكن تغييرها بين ليلة وضحاها,
وتحتاج الى مواقف جدية وجريئة من حيث المنهج والأسلوب . نعم العالم يتغير وعلى السياسة الأمريكية أن تتغير وتتماشى
مع التغيير, وعلينا جميعآ أن نتعاون ونعمل سوية من أجل التغيير, وخلق عالم جديد تسوده العدالة والمساواة وحب الأخرين
. لنبدأ سوية حوارنا الهادئ ونناقش خطابكم كأحرار ياسيادة الرئيس, وبشكل ديموقراطي سليم .نعترف بداية أن خطابكم
التاريخي شكل قفزة نوعية وتبدلآ جديدآ في السياسة الأمريكية .أعلنتم مواقفكم بكل جرأة في بداية دخولكم الى البيت الأبيض
, وتطرقتم فورآ الى الأحداث الساخنة التي ورثتوها, وتجرأتم لأول مرة في تاريخ أمريكا الحديث, من الوقوف مع الحق
والتصدي لمزاعم الإسرائيلين ووقاحتهم وتحديهم لجميع القرارات الدولية . أعلنتم موقفكم الصريح ومطالبتكم بالدولة
الفلسطينية المستقلة, وأنتم في بداية الطريق, واعتبرت شعوبنا في كل مكان, أن ذلك خطوة جيدة وبداية مشرقة لطي
صفحات الماضي المرير, والعمل سوية لإتخاذ خطوات مستقبلية جريئة وسيادية, ونحن كأوروبيون وأمريكان من أصول
عربية, وكقوميون وعلمانيون وسياسيون وصحفيون عرب, نؤمن معكم بنفس القيم والمبادئ الحضارية, ونتقاسم الرؤية
المشتركة للنهوض الإنساني والتقدم الحضاري للبشرية . هجرتنا مشتركة وتمتد في أوروبا لأكثر من ستة عقود وفي أمريكا
اللاتينية والشمالية تجاوزت لأكثر من مئة عام, لأسباب اقتصادية واجتماعية وربما دينية وأغلبها الأن سياسية . عاشت
جاليتنا وانخرطت في المجتمع الغربي بكل احترام وتقدير لجميع الثقافات والأديان والتقاليد , لم نلجأ للعنف وتوريط
المجتمعات والدول التي أصبحنا جزء" منها, في حروب خارجية كما يفعل اللوبي الصهيوني منذ عدة عقود, وخير دليل
وصولكم الى البيت الأبيض وإيمانكم بأمريكا وبالقيم الأمريكية, مع اعتزازكم بجذوركم الأفريقية والإسلامية .ونحن أيضآ
كجالية أوروبية وأمريكية من أصول عربية, نعتز بثقافتنا وبقوميتنا الأصلية وبتراثنا العربي, ونؤمن بحقنا العادل في
استرجاع فلسطين .بعكس الحركة الصهيونية العالمية التي جاءت الى فلسطين لتحتلها بقرار مشؤوم ' وعد بلفور 'وقامت
بالإستيلاء على جميع أراضي فلسطين, وشردت شعبها وامتدت في توسعها الإستيطاني لتحتل أجزاء اخرى من أراضي الدول
العربية المجاوره, خلقت بؤرة استيطانية في الشرق الأوسط, وشكلت كيانآ عنصريآ يهدد أمن المنطقة وأمن العالم أجمع .
قامت الحركة الصهيونية معتمدة على أوهام دينية وأساطير خيالية من أجل تأسيس دولة عنصرية, مبنية على الدين .رفض
شعبنا الفلسطيني والعربي ذلك الكيان الإستيطاني والعنصري وحاربناه باسم القومية العربية لأننا عرب, ولم نقبل محاربة
الصهيونية باسم الإسلام أو المسيحية, لأننا أبناء تلك الديانات وشعبنا الفلسطيني يتقاسم المسيحية والإسلام, وحتى الديانة
اليهودية قبل دخول الحركة الصهيونية منطقة الشرق الأوسط .ومانراه اليوم من مواقف لحكومة نتنياهو اليمينية سوى
تجسيد لتلك المبادئ العنصرية, وماطرحهم بيهودية الدولة وعبرية اسرائيل وتهويد المدن والتاريخ والأسماء ,سوى
استمرار لتلك السياسة الإستيطانية, ورفض فاضح بعدم الإعتراف بوجود الديانات الأخرى, واستنكارلوجود الشعب
الفلسطيني وحقه في العيش على أرضه . اعتراف اسرائيل بوجود دولة فلسطينية مستقلة, يعتبر انتصارآ للصهيونية
ولإسرائيل وليس انتصارآ للشعب الفلسطيني والعربي , فنحن نعيش على أرضنا منذ ألاف السنين, التاريخ معنا والزمن
بجانبنا, لانحتاج الى اعتراف الإسرائيلين لأننا موجودين على أرضنا ونحن أبناء تلك المنطقة, ونعلم جيدآ أن المستقبل
سيكون لنا ولأجيالنا القادمة, لذلك لانرى ضرورة الإستعجال وتوقيع الإتفاقيات الكارثية بحق أجيالنا القادمة . اسرائيل تعلم
جيدآ ويعلم مسؤوليها الصهاينة أنهم بحاجة الى الإعتراف بوجودهم وشرعيتهم من قبل الشعب الفلسطيني ودول الجوار ,
رغم قوتهم العسكرية وجبروتهم الإستيطاني, وأن لاسلام لهم ولا وجود لهم في منطقة الشرق الأوسط, بدون اعتراف العرب
بهم, وفي التاريخ أمثلة كثيرة ؟؟؟؟.
رحب الشعب العربي والشعب الفلسطيني بشكل خاص, في مبادرتكم بطرح دولتين مستقلتين, تعيشان في سلام جنبآ الى
جنب, لكن حكومة اسرائيل لازالت تستمر في عنجهيتها وغطرستها المعتادة, وبدآت مناوراتها للإلتفاف على مبادرتكم كي
تتجنب الإعتراف الصريح بحق الدولة الفلسطينية المستقلة في الوجود, رغم أن ذلك يعتبر مكسبآ اسرائيليآ, قبل أن يكون
فلسطينيآ أو عربيآ, نحن نؤمن بالتغيير ونؤمن أن العالم قد تغير منذ خمسون عامآ, وانطلاقآ من ذلك فإن قبولنا بفلسطين
67 يأتي ضمن تلك النظرة الواقعية للأحداث . إذا اعترفوا بدولة فلسطين, فهذا من حظهم ويكونوا بذلك قد أمنوا وجود
دولتهم في منطقتنا, ونحن واقعيون ونحترم اتفاقياتنا وتعهداتنا, أما أذا استمرت حكومة اسرائيل في رفضها للتغيير وفي
رفضها لجميع قرارات العالم واستمرت باستنكار حقوق شعبنا الفلسطيني, فسنطالب بفلسطين 48, سنطالب بفلسطين التقسيم
وبتنفيذ قرارات هيئة الأمم لعام 1948, وهذه قرارات دولية لاتسقط بالتقادم وهي من حق شعبنا الفلسطيني, وإن بقيت
تستمر في تعنتها ورفضها الدائم وهذا مانؤمن به, فسنخرج لهم فلسطين ماقبل الوعد المشؤوم, فلسطين 1915, ونعاهد
شعبنا بأننا سنستمر في نضالنا من أجل تحقيق ذلك, نحن وأبناؤنا وحتى أحفادنا أذا اقتضى الأمر ذلك, وكما قلنا فإن التاريخ
معنا والمستقبل في صالحنا . سنعمل كأوروبيون وأمريكيون من أصول عربية, للحصول على وعد جديد, ليس كوعد بلفور
المشؤوم, وإنما وعد أوروبي أو أمريكي أو وعد مشترك, وستأتي فلسطين من أوربا وأمريكا, كما جاءتنا الصهيونية
بمزاعمها الإستيطابية في منطقتنا, فمن هم مع التغيير والتجديد ياسيادة الرئيس .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية