مطارا في الولايات المتحدة تستخدم الآن تقنية متطورة تصور المسافرين عراة بالكامل، ضمن الاجراءات التي يتم اتخاذها للوقاية من الارهاب ومنع تهريب أي مواد قد تستخدم في إنتاج أسلحة دمار شامل أو تنفيذ أنشطة إرهابية، وهكذا فإن دواعي الأمن بمفهومه الأميركي تفرض هذا الأسلوب من (الشفافية) في التعامل مع البشر كما ولدتهم أمهاتهم، بما يتناقض تماما مع أحد قيم المجتمع الأميركي في كفالة الحريات الشخصية والعامة، التي تصبح ـ في هذه الحالة ـ نوعا من المعايير المزدوجة ومظهرا من مظاهر وأعراض فصام الشخصية لمن يحاول أن يستر نفسه ويتجمل بارتداء ما يستر عوراته، بينما هو ـ في الحقيقة ـ عريان (بلبوص)!
وفي تسجيلات المعلم خليل البتانوني المحفوظة بمكتبة الكونجرس، يذكر معاني بعض الأسماء التي يقول إن أصلها قبطي فرعوني ومنها بلبوص وتعني الشخص العاري من أي لباس وهو اسم شائع بهذا المعنى لدى عامة المصريين، والافراط في استخدامه خلال مؤتمر جماهيري حاشد بمصر منتصف الثمانينيات، تسبب في إقالة مسؤول حكومي بارز حوّل المعارضة السياسية بكل رموزها وشخصياتها إلى مجرد مجموعة من البلابيص، ولا فرق يذكر في هذا المعنى بين بلابيص مصر ونظرائهم في الولايات المتحدة!
وبهذا الفهم فان البلبصة ـ والبلابيص ـ يمكن أن تعتبر رديفا لوصم المعارضة السياسية بالارهاب بادعاءات تفتقد أي أدلة ثبوتية، فمن كان معارضا للسياسة الخارجية لواشنطن فهو إرهابي بلبوص يستحق تسجيل تفاصيل بدنه العاري في الدماغ الالكتروني لوكالة المخابرات المركزية، توطئة للتعامل معه بما يستحقه في السجون والمعتقلات السرية والمعلنة، ومن كان ـ من وجهة النظر الاميركية ـ بلبوصا فإنه انسان مستباح الخصوصية ومستلب الحريات .. لكن هناك أساليب قد تجنب المسافرين هذا المستقبل التعيس في بلاد البلابيص، بالسفر إلى المطارات الاميركية التي لم تستخدم بعد تلك التقنية غير الأخلاقية، تحاشيا للوقوع تحت طائلة الممارسات غير القانونية التي يتضمنها قول: من ليس معنا فهو بلبوص ضدّنا!
جريدة الوطن العمانية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية