أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أين ديمقراطية "قسد"؟

إبراهيم مع والده

تواصل ميليشيات "قسد" تقديم نموذج صارخ لتجريف الحريات وقمع الكلمة، بينما تروِّج في الوقت ذاته لخطاب مزيف عن "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان". إن هذا التناقض أصبح واضحاً للجميع مع استمرار الانتهاكات ضد المدنيين والصحفيين وأصحاب الرأي في مناطق سيطرتها، لدرجة أن الوقائع لم تعد تخفى على أحد.

إبراهيم حجي الحلبي، الصحفي والمعتقل السابق في سجون نظام الأسد، كان أحدث ضحايا هذا النهج القمعي. فقد لجأت "قسد" إلى الضغط على والده المسن، في محاولة لابتزازه وإسكاته بسبب مواقفه المعارضة وكشفه المتواصل للانتهاكات التي تُمارَس بحق أبناء الجزيرة السورية.

وقد عبَّر الحلبي عن معاناته في منشور مؤلم على صفحته في "فيسبوك"، قائلاً: "يقايضوني على شيبة أبوي.. والله العظيم نظام بشار الأسد ما سواها. يوم أبوي يفتل من فرع لفرع يبكي يقلهم ابني عندكم، ويقولون لا مو عندنا يا حجي دور عند غيرنا. ولما سقط النظام، تعشم خير إنو كل ما سبق صار ذكرى وبشائر الخير أقبلت، ولكن للأسف، اليوم أتقايض بين الذل والكرامة، بين الشيبة والمبدأ".

وختم منشوره قائلاً: "فصبر جميل والله المستعان".

لكن مع هذا، ما الذي يجعل "فيسبوك" في مناطق سيطرة "قسد" ساحة حرب؟

كيف أصبح "المنشور" أكثر خطراً من خلية نائمة؟

وكيف باتت الجملة المكتوبة تهدد "الأمن القومي" أكثر من عبوة ناسفة؟

"قسد" رأت في المنشور خطراً وجودياً، وفي (أعجبني) تهمة تضامنية، وفي (مشاركة) جريمة تآمر... وباتت تُدير ما تسميه "العدالة" بمقاييس عبثية، إذ أصبح فيسبوك أكثر خطراً من داعش وأكثر إزعاجاً من الطائرات المسيَّرة.

"هنيئاً لقسد هذا الإنجاز العظيم: أول ميليشيا في التاريخ تُصنِّف فيسبوك كسلاح دمار شامل، وتُعامِل الكاتب كقنبلة موقوتة".

الأسئلة التي تفرض نفسها اليوم لم تعد موجهة فقط لـ"قسد"، بل للمجتمع الدولي بأسره:
أين المنظمات الحقوقية؟
أين العدالة لأهالي الجزيرة السورية؟
أين صوت المؤسسات التي تتغنى بحقوق الإنسان بينما تُغضّ الطرف عن انتهاكات موثَّقة يومياً؟

ما جرى مع إبراهيم حجي الحلبي ليس بداية، ولن يكون نهاية في مسلسل طويل من الانتهاكات بحق الكلمة الحرة. في وقتٍ تستمر فيه "قسد" بممارسة سياسات القمع والإقصاء، وسط صمت دولي مريب، ومجتمع دولي لا يرى إلا ما يريد أن يراه.

وفي الختام، يبقى السؤال قائماً: هل من يسمع؟ وهل من يتحرك؟

عمار الحميدي - زمان الوصل
(9)    هل أعجبتك المقالة (11)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي