أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

استقلال السويداء: مشروع طائفي تحت ظل إسرائيل

أرشيف

طرح المحامي فراس الشوفي فكرة استقلال السويداء خلال لقاء على قناة "المشهد"، مما يثير تساؤلات تتجاوز النقاش الدستوري أو الطائفي، لتلامس جوهر الواقع الجيوسياسي المعقد في المنطقة. بينما يقدّم الشوفي رؤيته لـ"دولة" ذات دستور أوروبي، يرى مراقبون أن هذا الطرح قد يتحول عمليًا إلى "كانتون طفيلي" تابع لإسرائيل، مما يحوّل الحلم السياسي إلى كابوس إقليمي.

أول ما يثير الاستغراب هو تجاهل الشوفي للتنوع السكاني في السويداء. يركّز على الطائفة الدرزية ويتجاهل نحو 30% من السكان من البدو، كما يغفل الانتهاكات الإنسانية التي تعرّض لها السوريون غير الدروز، بما في ذلك المقابر الجماعية وعمليات التهجير. هذا الطرح الأحادي لا يخدم السويداء ولا سوريا، بل يعيد إنتاج وهم "الدولة الدرزية"، مع تجاهل تاريخ المنطقة وتنوعها.

حديث الاستقلال على الشاشة يبدو سهلًا، لكن التطبيق العملي يواجه تحديات كبيرة:
- الضعف الاقتصادي: أي كيان صغير ومعزول سيكون هشًا اقتصاديًا، وسيعتمد على دعم خارجي للبقاء.
- الضعف الأمني: في ظل وجود خلايا مسلحة وشخصيات متورطة في جرائم حرب، سيكون الكيان الجديد هشًا أمنيًا، ويحتاج إلى حماية خارجية.
- التبعية الجيوسياسية: موقع السويداء يجعل أي مشروع انفصالي عرضة للارتباط باللاعبين الإقليميين، وعلى رأسهم إسرائيل، مما يهدد السيادة الوطنية.

فكرة "الكانتون الطفيلي" ليست مجرد نظرية، بل انعكاس للمخاطر الحقيقية: كيان صغير على الحدود السورية يصبح نقطة توتر دائمة، مهددًا استقرار سوريا ولبنان والأردن، ومعمّقًا الانقسام السياسي، ويضع الدروز في مواجهة مع محيطهم، ليصبحوا أداة لمصالح إقليمية ودولية.

في النهاية، خطاب الشوفي، رغم مظاهره القانونية، يظل جدلية طائفية فارغة. يحوّل النقاش حول الحقوق والحكم الذاتي إلى رغبة في بناء دولة أحادية الطائفة، بعيدة عن الواقع، وعواقبها قد تكون وخيمة على المنطقة بأسرها.

في الختام، يزعم الشوفي أن السويداء خارج حكم الأسد منذ عام 2016. إذن، ما هي هذه الأرتال الأمنية الضخمة التي خرجت من المحافظة يوم التحرير؟ وماذا عن أعوان الأسد قتلة الشعب السوري الذين يحميهم "الهجري"؟

الحسين الشيشكلي - زمان الوصل
(136)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي