أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

غَرِيْبَةٌ، كَهَوَى تَشْرِيْنَ أَنْتِ ... عمر حكمت الخولي

 

«إلى نور م.»

غَرِيْبَةٌ

كَرِيَاحِ الصَّيْفِ لَوْ قَدُمَتْ

مِنَ الشَّمَالِ لِتَمْضِيْ نَحْوَ مُعْجِزَةِ الْحُبِّ الأَخِيْرَةِ

في تَارِيْخِ أَشْعَارِي

هُنَا انْكِسَارِي، بِصَمْتِ الثَّغْرِ مُبْتَسِمَاً

يَرْوِي الْحِكَايَةَ أَنْوَارَاً تُؤَطِّرُنِي

وَيُشْعِلُ الْوَطَنَ الْمَنْهُوْكَ بِالنَّارِ!

نُوْرٌ تَعَشَّقَنِي، لا شَكْلَ يَرْسُمُهُ، أَوْ لَوْنَ يُدْرِكُهُ

يَرْمِي بِمُعْضِلَةِ اللاَّهُوْتِ

يَسْحَرُنِي

فَأَنْتَشِي أَبَدَاً مِنْ طِيْفِهِ الْعَارِي

أَنَا حُدُوْدُكِ يَا نُوْرَ السَّمَاءِ

فَضَاءَاتٌ تُوَسِّعُنِي

أَنَا انْعِكَاسُكِ - مَيْتَاً كَانَ - أَبْعَثُهُ

لِيُحْيِيَ الأَرْضَ سَاعَاتٍ بِأَذْكَارِي

أَنَا اسْمُكِ الْمُصْطَفَى الْمَخْفِيُّ في وَسَطِ الثَّالُوْثِ

أَنْتَزِعُ الآمَالَ مِنْ شَغَفِي

لِيَبْلُغَ الْحُبُّ آفَاقَاً لإِنْكَارِي!

 

2-

تُغَادِرِيْنَ مَسَاحَاتِ الْهَوَى تَرَفَاً

وَتَدْخُلِيْنَ مَتَى شِئْتِ احْتِيَالاً بُيُوْتَ الْعِشْقِ!

أَنْتَظِرُ الْمَعْنَى، أَتُوْهُ بِإِلْهَامِ انْتِظَارِكِ

يَمْتَدُّ احْتِرَاقَاً إِلَيْكِ الشِّعْرُ وَالأَمَلُ

وَتُصْبِحِيْنَ لآيَاتِ الرُّبَا امْرَأَةً

تَرْتَاحُ حِيْنَ تُنَادِيْهَا الْبِلادُ.. فَلا يَنْسَاكِ مُعْتَقَلُ!

أَنَا انْحِسَارُكِ في بَحْرِ الْمَوَاجِعِ وَالآلامِ

تَنْقُصُنِي ابْتِسَامَةُ الثَّغْرِ - قَبْلَ الْفَجْرِ - تَحْتَفِلُ

أَنَا انْبِعَاثُكِ يَوْمَ الْحُبِّ فَاتِنَتِي

وَكَيْفَ يُبْعَثُ مَنْ في الْحُبِّ يَشْتَعِلُ؟

أَنَا الْمُتَيَّمُ.. بَعْضُ الصَّدِّ يَخْنِقُنِي

وَتَعْتَرِيْنِي أَنَاهِيْدُ الْوَدَاعِ قُبَيْلَ الْمَوْعِدِ الْمُشْتَهَى

يَلَفُّنِي وَجَعِي، وَالْحَرْفُ، وَالْقُبَلُ!

غَرِيْبَةٌ كَمَعَانِي الصَّمْتِ أَنْتِ

فَضُمِّيْنِي إِلَيْكِ، وَضُمِّي جُرْحَ ذَاكِرَتِي..

أَنَا الْجُنُوْنُ، فَلا الأَوْطَانُ تُعْتِقُنُي

وَلا الْمَدَارِسُ تَنْسَانِي، وَلا السُّبُلُ!

 

3-

إِنِّي أُحِبُّكِ

لا ثَغْرٌ سَيُشْعِلُنِي

وَلا نُهُوْدَ تُنَادِيْنِي

وَلا جَسَدُ

إِنِّي أُرِيْدُكِ صِنْوَ الشَّمْسِ سَيِّدَتِي

قَرِيْنَةً لِفَضَاءِ الْكَوْنِ

مَلْحَمَةً

وَآيَةً في كِتَابِ الْحَقِّ تُعْتَقَدُ!

إِنِّي أُرِيْدُكِ أَنْوَارَاً لِكُلِّ مَدَىً

وَأُفْقَ مَشْرِقِنَا، رَايَاتِ مَوْطِنِنَا

وَطِفْلَةً

في هُدَى الرَّحْمَنِ تَتَّقِدُ!

غَرِيْبَةٌ، كَهَوَى (تَشْرِيْنَ) أَنْتِ

وَإِنِّي الآنَ أُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ يَخْلِقُ في (أَيَّارَ) كُلَّ هَوَى الْعُشَّاقِ

يَبْعَثُنَا لِحَمْلِ بُشْرَى الَّذِيْنَ اسْتَنْبَتُوا رَحِمَاً

وَنَخْلَةً لِلَّتِي - عَذْرَاءَ كَانَتْ - فَزَكَّى اللهُ مَنْ تَلِدُ!

إِنِّي أُحِبُّكِ، وَالشِّعْرُ الَّذِي كُتِبَتْ

حُرُوْفُهُ وَقْتَ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ، سَرَى

فَكَادَ يَسْقُطُ مِنْ أَرْكَانِ قِصَّتِنَا..

كُلُّ الْحِكَايَةِ أَنِّي في هَوَاكِ أُقَاسِي الرُّعْبَ

أَرْتَعِدُ!

 

4-

غَرِيْبَةٌ كَجُنُوْنِ الْوَجْدِ سَيِّدَتِي

تَخْشَيْنَ مِنْ عَبَقِ الْوَرْدِ الْمُعَتَّقِ في أَبْيَاتِ شِعْرِي

وَتَنْسَيْنَ الْمَخَاوِفَ في وَمْضٍ

فَتَبْتَسِمِينْ!

وَتُحْرِقِيْنَ مَعَانِيْ العُمْرِ

كُلَّ الأَسَاطِيْرِ الَّتِي عُرِفَتْ

وَكُلَّ عُرْفٍ بِأَوْطَانِي

وَتَخْتَلِقِينْ

مِلْيَوْنَ عُذْرٍ لآيَاتِ الْهُيَامِ إِذَا

جَعَلْتُكِ امْرَأَةَ التَّوْحِيْدِ ذَاتَ حَنِينْ!

إِنِّي بِسِحْرِكِ قَدْ آمَنْتُ

يَشْهَدُ لِي كُلُّ الَّذِيْنَ تَعالَى رَبُّهُمْ أَحَدَاً

وَكُلُّ حَاجٍّ إِلى الأُرْدُنِّ

أَوْ في صَعِيْدِ الأَرْضِ دُوْنَ يَقِينْ

إِنِّي بِعِشْقِكِ قَدْ سَبَّحْتُ

وَالْمَلَكُ الْمَسْكُوْنُ فيَّ يُزَكِّيْنِي...

إِذَا بُعِثَتْ رُوْحِي إِلَيْكِ

إِلى دَيْنُوْنَةِ([1]) الْقَدَرِ الْمَكْنُوْنِ

وَالْحُبِّ وَالتَّارِيْخِ وَالرَّبِّ

يَوْمَاً مَا.. بِعِشْقِي، بِأَشْعَارِي

سَتَعْتَرِفِينْ!

 

5-

لَمْ أَعْشَقِ امْرَأَةً مِنْ قَبْلُ مِثْلَكِ

أَنْتِ الْعِشْقُ

ذَاكِرَةُ الآفَاقِ، ذَاكِرَتِي

وَأَنْتِ جَنَّةُ مَنْ في الأَرْضِ

أَسْكُنُهَا رَغْمَاً..

وَأَنْتِ عَلاقَاتُ السَّمَاءِ بِنَا

وَحْيُ النُّبُوَّةِ، عَذْرَائِي، وَعَائِشَتِي!

لَمْ أَعْشَقِ امْرَأَةً مِنْ قَبْلُ سَيِّدَتِي!

لَمْ أَعْرِفِ الْقُبْلَةَ الأُوْلى

ولَمْ أُدْرِكِ الأَشْعَارَ قَبْلَكِ

أَنْتِ الشِّعْرُ

عَاصِمَةُ الأَكْوَانِ، عَاصِمَتِي

وَأَنْتِ كُلُّ مَفَاهِيْمِي وَأَسْئِلَتِي

وَأَنْتِ وَجْهُ رَبِيْعِ الأَرْضِ في لُغَتِي

وَأَنْتِ كُنْتِ قُبَيْلَ الْبِدْءِ عَاشِقَةً

وَكُلُّ عَاشِقَةٍ يَا (نُوْرُ) آلِهَتِي!

وَأَنْتِ أَنْتِ!

كَفَى بِالنُّوْرِ مُعْجِزَةً

كُلُّ الْقَصَائِدِ تَفْنَى قُرْبَ مُعْجِزَتِي!

25 أيَّار 2009م

من ديوان «نور» تحت الطبع

نُشرت في مجلَّة (ألف) /تشرين الثاني 2009م/

 


 

[1] الدينونة: يوم القيامة.

(81)    هل أعجبتك المقالة (79)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي