أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نظرية "ذيل الثعلب" في الحكم مع التطبيقات*

حكاية ذيل الثعلب شهيرة، وملخصها أن حجراً سقط على ذيل ثعلب، بمؤامرة غير كونية، فقطعه، فشعر الثعلب بالحزن الشديد على ذيله الرائع الذي تصفه الحكايات بأنه ناعم وحريري، وسبع لفات. أجمل ما في الثعلب ذيله المضفور. تيجان الحيوانات على رؤوسها، أما تاج الثعلب فعلى دبره، ولذلك هو أذكى الحيوانات، والصيادون يصيدون الثعالب من أجل ذيولها، فيجعلونها قبعات وأوشحة حول أجياد النساء الجميلات، فتصير رؤوسهن كأنها وردات في أكمام الحرير، فيزدن كيداًعلى كيد ويسقط الرجل في المصائد.

مرَّ ثعلب شامتٌ بالثعلب الأزعر الذي فقد مُلكه وتاجه، وسأله عن شعوره، وكان قد فقد ذيله كما أخبرناكم، بالمؤامرة الطبيعية، لكنَّ رأسه لا يزال في مكانه، فقال: شعور رائع، أجمل من شعور ناسيت بعد الحلاقة، كأني أطير في السماء السابعة، كما أني تخلصت من الوزن الزائد، ومن بهرج الحياة الفانية، فاقتربت من الحق، فقطع الثعلب الشامت ذيله ليشعر بشعور "ناسيت" ويتخلص من الوزن الزائد، ويتخلص من بهرج الحياة الفانية، ويقترب من الحق والسماء السابعة، لكنه أدرك بعد فقدان ذيله أنها كانت مكيدة، وأنه ليس أمامه سوى أن يقتدي بماري انطوانيت التي كانت تلثغ بالراء وتلفظها غيناً، فحذفت حرفاً من الأبجدية الفرنسية، فأشاع الثعلب الثاني محاسن قطع الذيل ومكاسبها، وإن هو إلا كالختان عند ذكور المؤمنين، وكان ثعلباً من سادات قومه الثعالب، فقطع الثعالب ذيولهم، وفسد شعب الثعالب الذي صار شعباً أزعر.

*تأويل الحكاية:
شاعت طرفة عند عودة بشار الأسد من جامعات لندن في طب العيون إلى القصر الجمهوري ليعمل في السياسة من أعلى، وفي طب الذيول، أنّ الشبيحة أطلقوا لحاهم أيام باسل، ثم طوّلوا رقابهم أيام بشار الأسد، وأصل هذه النظرية في الملك والحكم أن الناس على دين ملوكهم ولحى أبناء ملوكهم، وعلى رقبة رئيسهم، والصواب على رقاب الشعب.

تروي كتب التاريخ أنّ المسلمين أيام الوليد بن عبد الملك لما كان يزداد من القصور الشاهقة، يقول كل واحد من الرعية للآخر: بنيت كم؟، كم ارتفع بناؤك؟ ولما صاروا في عهد سليمان بن عبد الملك وكان يحبُّ المَزارع، كان كل واحد يقول: كم مزرعتك؟ لما صاروا في عهد عمر بن عبد العزيز جعل الواحد من الرعية يقول للآخر: كم قمت الليلة، كم قرأت من جزء، كم صمت من يوم؟ وهكذا تغيرت الدنيا وفق نظرية ذيل الثعلب التي نقترح تدريسها في كليات العلوم السياسية.

كان كمال باشا الذي لقب بأتاتورك، فاسداً ومفسداً وسالونيكي، وهو أول من غيّر القسم، فأقسم بشرفه ومعتقده، وكان قد حرر البلاد من الاحتلال اليوناني، فانتفخ، وصفَّر أسته، وكبر في عين نفسه، أي أنه جعل شرفه أقدس من مقدسات شعبه، ثم تبعه حافظ الأسد، وقد رأينا ما فعل بنا شرفهما ومعتقدهما.

* بعض الخلاصات من حكاية ذيل الثعلب:

إنَّ الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشعب هي لفحص الذيول في مجتمع الثعالب المغدورة التي يحكمها الكلاب، وقياسها، وبيان ما إذا كان نما لأحد الثعالب الكريمة ذيل يتباهى به. مجلس الشعب، أو مجلس الثعالب هو للثعالب مقطوعة الذيل، حتى تتفرغ للكيد للرعية.

إن الشعب في حكايتنا ثعالب كريمة وشريفة، لها ذيول رائعة، وتاريخ مجيد، وجوهر العبرة في حكايتنا أن الثعلب الأزعر لم يكن ثعلباً أصلاً، وإنما هو كلب ابن كلب، خال من الشرف، حسود، تنكّر وعمل نفسه ثعلباً، وتولى ما تولى، ولذلك قلّت الحيلة، وشحّت الوسيلة، وندرت الفضيلة، وقلَّ الأشراف، وكثر الهتاف، والهتاف أقرب للنباح من عمل العقل والحيلة، كما قلَّ الجمال والخضار والنضار في ربوع البلاد ومثلثاتها، وبعض التفسيرات تقول إن الثعلب وحش.

ومن العبر أن الرؤساء استبدلوا بنقصان الذيل رتباً وقبعات وتيجان وإشارات مثل: سيادة المشير، سيادة الفريق، و"الإمام الأكبر"، وآية الله العظمى، وروح الله، والذي منه لزيادة الشرف الغائب أو الناقص.

*أحمد عمر - من كتاب "زمان الوصل"
(548)    هل أعجبتك المقالة (592)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي