من هوايات سيجارة الحمراء الطويلة، الملل.. وأنا.. والشاي البارد.
عندما يشتم الشعب نظامه، شتيمته تسمى (إرهاب) وصاحبها يسمى (إرهابي).
لكن..
عندما يشتم النظام شعبه، شتيمته ماذا تسمى؟.
والنظام في مثل هذه الحالة.. ماذا يسمى؟.
أجوبة قناة "الدنيا" على مثل هذه الأسئلة لا تصلح لأن تكون ورق تواليت.
من هوايات كأس الشاي البارد، ذبابة ٌيتيمة.. تظن أنّي خطيبها.
لا أغادر غرفتي منذ أشهر، فالحارة محاصرة بحواجز حقدهم.
في المساء أجلس على أريكتي، عن يميني اللابتوب وأغاني لـ(خوليو).. لا أفهم كثيراً ما يقول، لكنني أشعر بأنه يشيعني.
وعن يساري شباك غرفتي، عبره.. أتأمل الأطفال وهم يلعبون الكرة بصخب، دون اهتمام للقذائف التي تسقط على الأماكن المجاورة.
وأنا أتأملهم لمحت والدي (المتوفى) يلعب بينهم، ويسجل أهدافاً رائعة..و دعماً مني له صرت أصرخ لأجله: (كووووول لسوريا) تماماً مثل عدنان بوظو.
كم كنت أكره صخبهم قبل الحرب، الآن.. ضجيجهم يمنحني شيئاً من الطمأنينة.
أتأملهم ثانية.. فأشاهدهم في مجزرة ٍجماعية، رقابهم مذبوحة، وكرتهم تقرأ على أروحهم الفاتحة.
حاولتُ أن أبكي متأثراً للمجزرة التي اقترفها خيالي، لكنني فشلتْ، واكتشفتُ أنّي لا أملك دموعاً.. واليوم ــلسوء حظيــ يصادف العطلة الأسبوعية لبائع الدموع.
ثمّة طائرٌ حطّ على شباكي، وساعدني بأن نقر على وجهي بضع نقراتٍ لطيفة، فترك قليلاً من لعابه على خديّ.. ليصير لعابه بمثابة دموع.
عندئذٍ، اقتنعت بأني أبكي.
اشتقتُ للشوارع وللحدائق، ولوقت انصراف مدارس البنات برفقة صديقي أيام المراهقة (هاني شاكر).
الإقامة الجبرية أصابتني بوسواس خطير.
دائماً.. وكل بضع دقائق، ألتقط المشط لأمشط بقسوة شعري الطويل جداً (لأن حلاق الحارة مؤيد).
ثمّ أنتبه ــ في كل مرةــ إلى كمشة من شعري عالقة بين أسنان المشط، أنزعها وأقذفها من النافذة بلامبالاة.
فجأةً، كمشة شعري المقذوفة، تتحول في الهواء لعدة قصص، وتحلق عالياً..
يا أيها السوريون...
ألم تنتبهوا لازدياد عدد القصص في سمائنا، منذ أن اختفيتُ من الشوارع ؟...
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية