أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حدث ذات مداهمة.. مصطفى تاج الدين الموسى

مؤيدة لحزب الله - وكالات

تعرض بيتنا لعدة مداهمات مشتركة من قبل رجال الجهات المختصة و"حماة الديار"، وكعادتهم في كلّ مداهمة، مارسوا هوايتهم في تخريب البيت وسرقة ما يعجبهم.

في إحدى تلك المداهمات، دخل غرفتي أربعة عناصر، وبدؤوا بتخريب كلّ شيء بحجة البحث عن الإرهابيين، لم أستغرب منهم.. يمكن لإرهابي ما أن يحشر نفسه بين كتابين، وهذا لا يحدث عادة إلا في بلاد الحركة التصحيحيّة، حيث للإرهابيين هنا قدرات عجيبة غريبة.. لهذا قاموا برمي مئات الكتب عن الرفوف الخشبية في مكتبة غرفتي، رابعهم لم يشاركهم هذه المهمة الوطنية، كأبله راح ينقل نظراته بين عشرات الصور واللوحات على جدران غرفتي.

ثمّ سألني وهو يشير بسبابته إلى جزء من الجدار الشرقي حيث يوجد خمس صور لسينمائيين عالميين وجانبهم صورة سادسة لي:
ـــ عرفنا على الشباب..
ـــ أبطال من السينما العالمية..
ـــ مممم..على رأسي، أنا أحب السينما العالمية..
دقق في تلك الصور مطولاً، حتى وصل إلى صورتي، ثمّ تمتم:
ـــ أعرف جيداً هذا الممثل.. شاهدتُ له فيلماً جميلاً ليلة البارحة.. في نهايته تموت حبيبته..
أحياناً، ثمّة أشياء تحدث للإنسان عصية على التفسير، لم أخف من المداهمة لكنني خفتُ من كلمات هذا الأبله، خرجتُ مسرعاً من الغرفة لأتصل بريبة عبر جوالي بصبية جميلة نحب بعضنا من مدينة بعيدة، عندما سمعتُ صوتها تنفستُ الصعداء لأتأكد أن فيلم حبنا لا يزال مستمراً رغم أنف الجهات المختصة.

عنصر آخر ــكان أكثرهم انزعاجاً من كلّ شيء في هذا العالم، دونما أيّ سبب ــ بعد أن انتهى من رمي الكتب أرضاً ودسّ بعض الأشياء الخفيفة والغالية في جيبه تأمل الجدار الغربي في غرفتي.

قبل الحرب كنا نعلق صور حسن نصر الله في بيوتنا لاعتقادنا ــآنذاك ــ أنه مقاوم، لكن.. بعد الحرب، صرنا نعلق صوره خوفاً من مداهمة ما، قد تشفع لنا.

على ذلك الجدار كان هنالك صورة لـ"أرنستو تشي جيفارا"، صورة غير ملونة بلا ابتسامة كأغلب صور "تشي"، وعلى مقربة منها صورة لـ"مونيكا بيلوتشي"، صورة لا تشبه المئات من صورها، لا يوجد فيها أيّ ابتسامة لها.

قبل المداهمة بأيام قليلة، بين صورة "تشي" و"مونيكا"، لصقتُ على الجدار ــمن باب الاحتياط ــ صورة لحسن نصر الله.

العنصر المنزعج دائماً، عندما شاهد صورة حسن شهق بغضب ثمّ صرخ:
ـــ يا حقير.. كيف تضع صورة السيد بجانب صورة هذه العاهرة؟..
خيّل لي في ثانية أنّه سوف يطلق علّي النار، من غير المعقول أن تنتهي حياتي من أجل سبب بهذه السخافة!..
أسرع كمجنون وقفز على السرير، ابن الكلب.. قفز على سريري دون أن يخلع الحذاء العسكري الكريه.
التقط برؤوس أصابعه صورة حسن نصر الله من بين صورتي "جيفارا" و"مونيكا"، نزعها بهدوء.. فكّ أزرار قميصه ليدسّها بلطف بين القماش وصدره.
على باب البيت تعهدنا لهم أن نخبرهم فوراً عن أيّ تحرك مشبوه يمكن أن نشعر به للإرهابيين ومضوا ببعض الغنائم.

رجعتُ إلى غرفتي وانهمكتُ بترتيب الأشياء التي قاموا بتخريبها.
مصادفة نظرتُ إلى هنالك، استغربتُ كثيراً.. "جيفارا" في صورته و"مونيكا" في صورتها كانا بابتسامتين واسعتين.

من أين جاءتْ هذه الابتسامات على هاتين الصورتين، لم تكن سابقاً، خمنتُ في سري وأنا أشعل سيجارة:
ـــ ربما، لأن ثالثهما قد اختفى....

(144)    هل أعجبتك المقالة (130)

Ayman Harb

2015-08-29

لأن السيكارة التي دخنتها با أبله كانت " ملغومة ".


Nesrin

2015-09-03

تنفسا الصعداء بعد زوال العفن من أمامهما .. مبدع كعادتك يا صديقي...


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي