وقوفٌ طويل
ساكناً , كشاعرٍ يتأمل الغسق,
أحمرهُ
وأزرق السماء
يلّدان اخضرار العمر
مساءٌ
ليلٌ
ليلٌ مُقمرٌ
نهارٌ
نهارٌ مُغيمٌ
مساءٌ ممطرٌ
أزمنةٌ تدور في هدر الدم
ميقاتاً لواحدية منسية
صفرٌ أنا
لا باقيَّ لديّ
في تقسيمات الحلم
حلمُ, خابٍ في انتظار قدمين يدلّان الموت
قدمين يحضنان الوقوف
فمسيرٌ بيقين الوجود
ثم وصولٌ لغاية أن أكون
تاركاً إشارات الوراء:
اليأس الحاجز
الألم الرائي
الندم المتربص,
لغدٍّ يُختمر في الغيب
مُجرداً,
أقف ليلتقي بعضيَّ ببعضي
تاركاً الحيّرة
ذهولاً ينتظر
الوقوف شيء
والمسير شيء
كلاهما كلٌّ
للمضي ممهورًا بختمِ
أن أكون.
أن أكون
أن نكون
هو: أن نترك رعشات الخوف
أن نتعافى من شلل الجمود
أن نُحدِّق في طريق المسير
ونمضي,
أن نترك جدران الذاكرة
تخطُّ على نفسها وبهمساتنا
رحلة اختيارنا,
أن نترك الهزيمة أمام ذواتنا
وننطلق حتى إن يكن باليأس
ننير حلم أن نكون
ونمضي.
لا يهم
من يسبق من
الغد المُنتظر
أم
الآن المُحتضر.
اتركوا للمسافة قياس الزمن
وادعكوا الأجساد بخشب احتراقها
ولترهن الحيواتُ مصائرها:
حضِّر لنفسك
لصغارك
للحجر
للشجر
ونحن نمضي
أكفاناً
أو معجزة
تلقيك في الغد,
اعتـّمر خوذة الصبر
لفجيعةٍ قادمة
هي حربُك على نِفسكَ
من نـَفـَسك
لا تأبه الحرب بالدقة
الكلُّ
نحن
الأشياء
المرئي
اللامرئي
المنظور
المخفيُّ
لابسينَ كفن الرحيل
هي الحقيقةُ
في أن نكون.
هكذا
كان المكان
كان الزمان
في هاجس العتمة
يطرزان نقوش الحلم
فانوسُ جنٍّ اقتحم الروح
يضيء حلماً بدأ يحبو
ضوء خافتٌ يكفي
ليغادر المكان نفسه
ليعود الزمان إلى نفسه
فقط يبقى
يقظاً , الحلم مع جنِّ الحضور
ولتحمل الكلمات أمتعة
أن نكون
ولتسبق الريح في الخارج
نفحات دخان الروح.
هي المصائر شذراتٌ
من نفحة هواءٍ للنـَفـَس
الآن روحي ريشةٌ
لمعةُ البرق تـُذكِّرني بألا أندم
صوت الرعد يُداعب ضجيج إنصاتي
على هديهما
مطرٌ عاشقٌ يقذف بالحبِّ إلى طاولتي
وقمرٌ هلالٌ يُداعب الشعر
على أوراق شجرٍ هي صفحتي
كلّها في أن أكون
كلّها في العتمة
ساجدةً
في مضي
أن أكون
ودليلي إلى الخفاء
أناملُ بصيرةٍ تـُدغدغ الداخل بالروح
ودليلي إلى الغد
صياحٌ عن الديك
بقدوم الفجر.
منظاري على جبهة أن أكون
شمعةٌ تترك الكلمات
بين جدرانٍ تنهرُ خوفي,
وأنا أترك للخارج
خوف القادم للقتل .
صدايَّ:
إن كان في الحلم
يتبقى صمتك, حابساً النَفَس لحين
تصحو وتـُدمدمُ أعضاؤك بثقل الغياب
حين تحضرُ بالداء عافية الحياة.
صدايَّ:
تلذّذ بالنفي حين تريد أن تكون
فإن كنت في وطنٍ يـُرديك ريشةٍ
الريحُ تنقل
حديثاً كان
أو حياة
أو عدماً غير آبهةً بالجدران,
فقط
ابدأ حين تريد أن تكون.
أن أكون
أزرارٌ لِعُرى مغلقةٍ على المنع
تجريدٌ للحبِّ إن كان
متشظيةً تـُلاقي أجزاء روحي
كمالها.
ما همَّ
إن كنتُ نبياً
أو كنتُ سورياً
أحضن الموت بالموتِ
لحظة أن أكون.
أحياناً تشدُّني اللحظة فأنسى
ويغفو وجع الحلم فأطرب
تكرُّ قبالتي
مُكتنزة لحمٍ
تـُنادي رعشة الخوف في شهوتي
وتقضم الأعين خلسةً
تعرجاتُ الجسد إلى حين
فيما الأعينُ الحارسةُ
تكتفي بالبله حين تريد
وبالغفلة حين أنتشي,
هي أوجاع الشبقِّ
تتداخل بتلافيفها
أوجاع الدمع.
لكن
حين أكون
أيهما للنسيان
داء؟
قبل أن أكون
قبل أن نكون
هدوءٌ يقتص من القلق
بيدِّ الفجر المُنتحلةِ سرير اللّذة
قلقٌ يُغلِّق عينيه
مستريحاً على وسادة حلم
دوامة حلمٍ في يقظة
ويقظةٍ في حلم
بينهما
غدٌ تائهٌ
يليه غدٌّ للنسيان
ها
قد سبقتنا إلى الدمع أوجاعٌ
فلا تأبه العينُ للدم دمعٌ
حين نريد أن نكون.
ها
قد سرّنا
بأرواحٍ مُبعثرة تنتظر
والأمكنة تتجول على بساط الخوف:
منها من ترقب فيها العيون
السماء لتدمع
فيحيوا,
ومنها من ترقب فيها العيون الدم
ليُخلد,
وفي بعضها أرواحٌ مشلولةُ الرقص
وأخرى
تتخبط فيها بين الخيار والدجل.
لن نقف طويلاً نندبُ الحدث
هنا
أو هناك
تاركين لأرواحنا
رائحة البارود تـُدغدغ منا خيرها
ساهينَ عن الكون
نسردُ على الملأ صرختنا!!
هو الربيعُ يلهو بالفصول
هو الربيع يدقُ ناقوس أن نكون
هو الربيع يحبِّكُ بين الجدران
تشابك وروده
متمرداً على انتمائه
مجرداً من الشعر
ما دمت سأكون
أقيسُ الفصول بمداعبات الألم
أقيس اللحظة بعمرها حين تطول
ليس لي شان بالعراء
حين أحمل عُرّيِّ
ليس لي دعوى إلا إلى الصمت وجلاً
هي مشيئةُ الدم
حين يقودُ القدر
اللسان مقطوع
بعيداً في الخارج يُكلِّم الجنون
الوجه مبهوتاً
كأحمق يُداري بله الآخرين
لن تدع لي الآهات فرصة الصراخ بعد الآن
أحيا بروحٍ تتخدر بسِلمٍ كاذب
أحيا ميتاً
أتفرج على موت آخرين
في كلتا الحياتين
يُظللّني الموت.
ليس ببعيدٍ عن جدراني
العالمُ يتناحر في حقِّ جثة
رغم أن الأرض تحضنُ بالباطل جثث محقين
كم حضناً لامسَ آخر نفس ؟
كم قميصاً صبغهُ الدمُ؟
كم جداراً قبل سقوطه قال: آه!
وصاح ابتعد؟
كم سماءً استقبلت عيون الخلاص؟
كم دمعةً نـُزفت؟
كم صرخة سمعها الله؟
وما زلنا نسيرُ في أن نكون
يجفلُ قلبي من وخز الحياء
وبالكاد تنقطع بحياتي السُبل
هو الربيع يؤجره الموتُ لظلّه
ماسحاً جغرافية الحياء بأقدام رسومات" مهندسين"
يُتقنون الصمت حين يكون جريمة
هو الربيعُ
يُلّون بشقائق نـُعمانهِ أحمرًا
من دم طفلٍ أو رضيع.
لا يهم
ما دام الموت على قدمٍ وساق
.يكبر
لا يهمْ
ما دام البناء يعلو
بيتامى
وعُجز
ومبتورين
هو الربيعُ مجرداً من مشاويره
ما دام في السماء أقمارُ "المهندسين"
تـُدوِّنُ على الجُثث سيرَ الطريق
شتان بين
ربيعٍ صَوَتَ لهُ الصُراخ
و
ربيعٍ سَرقهُ سِرداب الظلام
هو الربيعُ حارداً عن اسمه
دون جواز سفرٍ تتقاذفه الأقدام
لكن كلُّ ما في الأمر أننا سنكون
أن أكون
أن نكون
يا إلهي
هذهِ مشيئة
فأين الخلاص؟
يا إلهي
هذا امتحانٌ
فأين النجاح؟
يا إلهي
ما دام المشهد
دمٌ
وموتٌ
وتدوين يراع
ونشرة أخبار
خذ بيديّ الحقّ
وأدفنه وأداً
ثم ارفع بيارق النصر
لأكبر نسبة مشاهدة
واللقطة فقط
شعبٌ يـُباد!!!؟
حينها يكون البدء
من الفناء
من الغناء
تـُبعَث الروح لنكون.
للروح في الحجر
حكايةٌ جديدة
للروح في النظر
تحديقةٌ جديدة
للروح في الخطر
حياةٌ جديدة
ما هي إلا إغماضةُ عينٍ
في الموت
في الحلم
حينها نكون.
لا أيام ستة
لا استراحةُ سابع
فقط
دم يسقي
وسيرٌ دون إشارات مرور
وذوبانٌ لحواجز الموت بنار الوصول
لا يهم
ما دمنا في الطريق
نحبو
نمشي
نزحف
نركض
والوصول في انتظار.
صدايَّ:
ثمّة في الأنين
فرح.
ثمّة في الموت
حياة.
ثمّة للنهاية
نـَـــــــــفـَــــــــــــــــــــس.
هي خياراتنا
في أن نولَّد قيصرةً
في أن نصرخ رضاعتنا رجولة
هي لقاؤنا الأول في حبٍّ سيطول
ما دمنا
نريد أن نكون.
أن نكون
عينٌ تتمرد على قزحيتها
أيادٍ تـُشلْ وتنبعث
أرجلٌ لا تسير بل تطير
ويبقى
للطريق وصول.
يطولُ في الصبر
الوقوف
تهتدي بالدم
الحياة
ويبقى في أن نكون
ابتسامة المصير
أن أكون
استرداد للوجود من مخاض الموت
في الطريق موت
لا يهم
ما دامت الشهقة الأخيرة
حُرّة.
لا يهم
ما دامت النظرة الأخيرة
حُرّة
لا يهم
ما دامت اللمسة الأخيرة
حُرّة.
لا يهم
ما دمتُ أريد أن أكون.
أن نكون
وجهة وحيدة
لنخلـُق
خطوات مدماة
لنصلْ
دمعات كثيرة
لنبتسم
لا أثر
سوى خـَلقٌ جديد
ما دمنا قد بدأنا
والوصول ليس ببعيد
أن أكون
اعترافٌ باعتناق الخلاص
إيهام للموت بالسكون
شدوٌّ بالغد.
أن نكون
يقظةٌ غافية على الحلم
حلم على حافة الانعتاق
ما دمنا قد أفقنا
للوصول.
فقط
أنشودتنا يلحنها الدم
هويتنا ألمٌ وآه
غدنا دمعةٌ ووجل
حينها في أن نكون
السياج افتراء
الكلمات عرجاء
الالتفات هراء
لا تردد في القدر
حين
قدنا الحياة
لا تردد في البقاء
حين يكون الموت سُبحة الغد.
صدايَّ:
لا تغتمْ
لا تحزنْ
يا قلبُ
النبضة ستغني
الرعشة سترقص
القيامة تـُحدَّد موعدها
ما دمت وصلت
لأن أكون.
حين أكون
حين نكون
فتحة عين وزمنٌ أخر
صراخٌ وحيد
ووصولٌ أكيد
صوتٌ يعبث بالجهات من الصدى
لن تمكث في الهواء أنفاسنا
"فوسفورٌ" يُضيء بالموت حياة
أن نكون
حين نكون
نرفلُ البارحة
في طريق كُنا
نغادر المكان
لأجير حنين يطرد الخلاء حتى رجوعنا
كما الحمائم إلى عشها
نعود إلى جدراننا
نرد على صوتنا بصدانا
لا تنتحبُ أنفاسنا
حاملين على مئزر السماء
بطولة شغفنا
نازفين من جرح البداية أفق الخلاص
حين نكون
لن يهدر الصوت
لن تسكن الآهات
ألماً
فرحاً
نصراً
كأناملِ أصابعٍ تغير جلدها
تتهاوى أرواحنا في انبعاثها
ما دام الغدُ
في شكل أرواحنا
لن يهدأ الغسقُ
لن يتوقف الشفقُ
كلاهما
جمرٌ من نـَفس الشاعر
في طريقه هدايةٌ من روح شهيد.
على شاهدته قصيدة المصير:
هنا القيامة
هنا ترتج الحياة لهول الوقت
هنا
الآلهة تحاكم الرب
هنا
الآلهة
جوعٌ
موتُ
ظلمٌ
خوفٌ
انتظارٌ
هي ذي أسماؤها
تقاضي التراب
في سبات احتل الرب
يمضي السؤال في نحر الجواب
و تـُترك المشيئة معلقة بمشنقة الغيب
لا حكم
لا عدالة
في شراكة الأرباب
سيّان
أن تكون قاضياً
أو محكوماً
ما دمت في الليل تحلم
والسائرون في العتمة
يُدفـَنون غيظاً
ويدفِنون ضحية.
في القيامة
وحيدين
هم السائرون في ظلّ الموت
يُدشنون اليوم بصرخة
يدخلون الليل بدعاء
ينسجون الحلم بدمعة
الصرخة هي لا قوة تردع خيارنا
الدعاء موتٌ و وصول
الدمعة على شهيد كاننا ونكونه
في رعشة الحياة
إما انقلاب على ما كان
أو زلزال على ما هو
في وقت يشاء أن يفرقنا
مع الآلهة
إخوة قبر
أو وداع صداقة
لا ريبة في نظرة أمعنا في الجهر بها
ولدنا لنحبّ
عشنا لنحبّ
نموت لنحبّ
هذه شاهدة القبر
في أن نكون
2013
من مجموعة ( ناموس لا) دار مومنت لندن 2014
مشاركة لـ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية