أزمات كثيرة تلاحق الشباب السوري وتدفعه للهجرة بحثا عن مستقبل أفضل في بلد يعاني عدد كبير من شبابه من الاغتراب والانكفاء الذاتي بسبب التهميش الذي يطال البعض، فضلا عن الظروف الاقتصادية القاسية.
وتشير دراسة أعدتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة ونشرتها مؤخرا عدد من وسائل الإعلام السورية أن أكثر من 34 بالمئة من الشباب السوري يفكر بالهجرة لأسباب متعددة تتعلق بالبطالة وعدم كفاية دخل الأسرة للشباب وانخفاض دخل الشباب العاملين.
ويشكل الشباب 40 بالمئة من المجتمع السوري حسب الأرقام الرسمية، ويقتصر دور المنظمات والهيئات الحكومية التي تمثلهم على بعض الأنشطة الرياضية والترفيهية، في ظل غياب شبه كامل لمنظمات المجتمع الأهلي التي تعنى بالشباب.
وتؤكد صحيفة "بلدنا" السورية أن أغلب الشباب في سوريا يعانون من أزمة العثور على عمل بعد إنهائهم المرحلة الدراسية، خاصة بعد افتتاح مجموعة من الجامعات الخاصة، وتأمين التعليم المفتوح والموازي، ممّا ضخّ إلى سوق العمل شباباً مؤهّلاً أكاديمياً وبأعداد كبيرة.
وتشير (على سبيل المثال) إلى كلية الحقوق في جامعة دمشق "التي تزخر بآلاف الطلبة في السنة الأولى، في حين يفتقر السوق إلى العرض والطلب الكافي لمثل هذا العدد، مماّ أخلّ بالمعادلة ودفع بالكثير إلى السعي نحو فرص أخرى في بلاد الغربة".
وتنقل عن جاد المصري (طالب جامعي) قوله إنه يطمح إلى السفر إلى أيّ بلد عربي (خليجي بالدرجة الأولى) أو أي بلد أوروبي من أجل تكوين نفسه بشكل جيد وتحصيل مردود مادي يمكن أن يؤمن له على سبيل المثال بيتاً وأسرة بعد تخرجه في كلية الحقوق.
وتتساءل صحيفة "قاسيون" السورية "لماذا يحمل الشاب السوري الكفء حقيبته ويهاجر"؟
وترى أن الضغوط الاقتصادية المتمثلة بعدم وجود فرص عمل كافية وارتفاع نسب البطالة وخاصة في صفوف المتعلمين، بالإضافة للضغوط اجتماعية من زيادة سكانية هائلة وضيق هامش الحريات وارتفاع سقف القبول بالجامعات الوطنية هي أبرز الأسباب التي تدفه الشباب السوري للهجرة.
ويؤكد المحلل السياسي أيمن عبد النور في حوار سابق مع "ميدل إيست أونلاين" ضرورة وجود جهة منظمة (وزارة أو مجلس أعلى لرعاية الشباب) تنسق بين الهيئات الحكومية والجمعيات الأهلية التي تعنى بالشباب السوري وتضع خطة لتطوير الشباب لمدة 10 سنوات، مشيرا إلى ضرورة دعم الحكومة السورية لتنفيذ هذه الخطة.
وحول عمل الهيئة التي ستمثل الشباب يقول عبد النور "يجب أن تنقل للشباب توجهات الحكومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وألا يقتصر عملها على الرياضة، إنما يشمل أيضا تنمية المجتمع بكل أبعاده الفكرية والمعلوماتية والثقافية إضافة إلى إعطاء الشباب فرصة للمشاركة في الحياة السياسية".
ويقول خليل العبد لصحيفة "بلدنا": "كنت أرفض دائماً فكرة البحث عن الاستقرار خارج محافظتي، لكن زيادة المصاريف، لا سيّما بعد الزواج، والدخل المحدود الذي أتقاضاه، لا يمكن أن يساعدا على تأسيس وبناء أسرة متكاملة، خاصة في ظلّ الاحتياجات المتزايدة، وغلاء الأسعار، ما دفعني إلى التفكير وبشكل جدي في البحث عن عمل في أحدى الدول الخليجية، وأنا أتابع بشكل دائم جميع الإعلانات عن طلب عمال، كما أسعى من خلال الإنترنت إلى مراسلة جميع الشركات التي تطلب موظفين".
ويرى مدون سوري يدعى محمد أن الشباب السوري لا يؤمن بمستقبله ويعاني من "الشيخوخة المبكرة".
ويشير في مدونته "نسمات الشام" إلى أن الشباب يسافرون إلى الخارج من أجل تحقيق أحلامهم والهرب من الأوضاع الاقتصادية السيئة.
ويرى أن انتشار المحسوبية والفساد تجعل من الصعب على الشباب السوري إيجاد عمل، لذلك فإن أعداد كبيرة من الشباب اليوم تسافر إلى دول الخليج للبحث عن مستقبل آمن، مشيرا إلى أن الزواج أصبح حلما بعيد المنال للشباب بسبب ارتفاع كلفة المعيشة.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية