أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رسالة من الدويلعة وإليها.. سوريا للجميع، ثورة على الظلم لا تمييز

أم أيمن هي أم لستة شهداء

إلى إخوتنا المسيحيين في سوريا الحبيبة،
تابعنا جميعًا، باهتمام بالغ، النقاشات الدائرة حول مستقبل سوريا، والتخوفات المشروعة التي قد تنتاب البعض، لا سيما فيما يتعلق بنوايا الحكومة تجاه جميع مكونات الشعب السوري. ولا شك أن ما طرحه الصحفي الأستاذ عصام الخوري في برنامج "على الطاولة" مع الدكتور معاذ محارب، من شكوك حول خلفية الحكومة، يستدعي منا وقفة تأمل وتوضيح.

غير أن الصورة الحقيقية لسوريا، وتطلعات شعبها، تتجلى في تفاصيل قد تغيب عن الكثيرين. فما شهدناه مؤخرًا من استقبال السيد الرئيس لوفد من القنيطرة، وبرفقته الحاجة أم أيمن فريال علي إبراهيم، والدة ستة شهداء، يحمل في طياته رسالة عميقة وواضحة.

قصة عائلة تؤكد وحدة الصف
الحاجة أم أيمن هي أم لستة شهداء، جميعهم ولدوا وعاشوا في حي الدويلعة بدمشق لأكثر من ربع قرن، قبل أن يتم استملاك بيوتهم عام 2002. هذه العائلة، كغيرها من العائلات السورية، لم تكن سوى جزء من نسيج المجتمع المتنوع. الشهداء هم فواز وعيسى وقصي وأحمد وعلي وفاروق الأحمد، الذين استشهدوا في معارك خان الشيح وزاكية بريف دمشق، وهم من أبناء الجولان. 

إن خلفية هذه العائلة، التي تضم حتى عم الشهداء الستة، عمر عيسى الأحمد (أبو عيد)، الذي كان قائدًا عسكريًا واستشهد لاحقًا، وكذلك أخوه محمد عيد الأحمد الذي استشهد في استعصاء صيدنايا عام 2008، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الثورة السورية لم تستهدف مكونًا بعينه.

هذه العائلة، وعشيرة الباخات التي ينتمون إليها من عشائر الجولان، قدمت ما يزيد عن 90 شهيدًا في الثورة. تاريخهم يشهد على معاداتهم للنظام قبل الثورة بسنوات طويلة، حيث سُجن العديد منهم في صيدنايا لأكثر من عشرين عامًا، أمثال محمد الناصر ومحمد الشهابي ومحمد حسين إبراهيم وأبناء المرحوم علي المحمد الخالد.

تعايش أصيل لا يعرف التمييز
المغزى الأهم في هذه القصة يكمن في جغرافية المنطقة التي سكنها هؤلاء الشهداء. 

فهم كانوا يعيشون على مسافة لا تزيد عن 2 كيلومتر من ثلاث كنائس في الدويلعة وكشكلول. ومع ذلك، لم يتوجهوا إلا لمقاتلة نظام البعث. لم يتجهوا نحو الأماكن التي يعرفونها جيدًا، بتنوع مكوناتها ومداخلها ومخارجها. هذا يؤكد أن هدفهم كان رفع الظلم، لا الاعتداء أو التهجم على الآخرين.

ولمن يتخوفون على الحريات الشخصية، وعلى البارات والمشروبات الكحولية، فإن بيت عائلة الشهداء الستة وبيت جدهم قبل الاستملاك عام 2002 كان يقابل محل مشروبات كحولية (مشروبات الشيخ فادي) لصاحبه ناظم أبو فادي، والمحل ما زال موجودًا حتى الآن ولم يتعرض له أحد خلال الثورة أو بعد التحرير.

سوريا وطن للجميع
إن هذا التوجه من سكان الدويلعة، وأهالي الجولان المحتل، يثبت للقاصي والداني أن الشعب السوري لم يسعَ إلا لرفع الظلم عن نفسه وعن غيره. أي عمل إرهابي يستهدف الكل ولا يميز بين مسلم أو مسيحي، ويكفي اصطيادًا في المياه العكرة.

فلا أحد يريد إلا العدالة الاجتماعية والعيش بكرامة. وللجميع حرية الاعتقاد وممارسة شعائرهم الدينية، وهذا ما نص عليه الإعلان الدستوري. سوريا للجميع، بأصالة تاريخها وتنوع مكوناتها.

نؤكد لكم أن النسيج الاجتماعي السوري أصيل ومتماسك، وأن الثورة كانت ولا تزال ضد الظلم، لا ضد أي مكون من مكونات مجتمعنا الغالي.

الدكتور عمر اليوسف - زمان الوصل
(14)    هل أعجبتك المقالة (8)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي