يظن البعض أنني مسحور بما رأيته في دول أوروبا من عادات وأخلاق وقيم تسر القلب والعقل والنفس. في أوروبا لو سأل رئيس أو مدير دائرة موظف أو موظفة أو عامل وعاملة ممن هم تحت أمرته عما أنجزه كل منهم في يومه, لوجد أن لدى كل منهم لائحة وقائمة جاهزة يستحق عليها الشكر والتقدير والاحترام والمكافأة, لأنه لم يضيع من وقت دوامه أية دقيقة سدى. ولو فكر رئيسه بالتحقق وتدقيق أية لائحة أو قائمة أو مما سرده من أقوال من خلال الاتصال مع المراجعين الواردة أسمائهم فيها لتبين له صحة وصدق هذه اللائحة. أما في بعض بلادنا العربية والإسلامية فسيصعق أو سيصدم من يفكر بأن يسأل أو يدقق (إن وجد فيها مثل هذا النموذج ممن يدقق ما أنجزه مرؤوسيه خلال يوم دوامهم أو أنجزته إدارته في يومها) حين يكتشف أن ليس لدى بعض مرؤوسيه أية لائحة أو قائمة بمن راجعوهم أو بمن أتمموا لهم إنجاز أعمالهم وحل مشاكلهم وشكاويهم. ولو فكر بالاتصال ببعض المواطنين ممن راجعوا مرؤوسيه,أو دائرته لوجد كم هم ساخطون وغاضبون مما لاقوه من سؤ معاملة وإهمال وتجاهل وعدم احترام لهم من بعض موظفي وعناصر إدارته. ولسمع تذمرهم من حجم المعاناة والصعوبات التي تعترضهم في دائرته.وحينها سيتبين له أن بعض من هم تحت أمرته ليسوا سوى خبراء في التهرب من دوامهم,أو هدرهم لأوقاتهم, وأوقات غيرهم,وأوقات مراجعيهم سدى.وأن كثيراً من مظاهر الفساد مستشرية في إدارته.وأن عليه محاسبة البعض منهم بدلاً من مكافأتهم مادياً ومعنوياً. ولسارع إلى طلب تعديل القوانين التي تمنح نسبة من تحصيل الرسوم والضرائب والفواتير للجباة ورؤسائهم لعدم أحقيتهم بعد أن بات المواطن هو المسؤول عن دفعها في المراكز بدلا من الجباة الذين كانوا في مضى يطرقون الأبواب ويقطعون المسافات الشاسعة ويدفعون أجور النقل من أجل تحصيل الفواتير والضرائب والرسوم المستحقة. فميزانية الدولة هي الأحق بهذه النسب من الجباة ورؤسائهم منذ أكثر من عقدين. البريد الإلكتروني: [email protected]
وأنني أتنكر لأصالة عاداتنا وقيمنا وأخلاقنا العربية وأغمطهم حقوقهم,وظنهم ربما خطأ وإثم وفي غير محله.
فمن واجب كل منا أن يقف في وطنه أو في أي بلاد يزوره على المناطق والضفاف والتلال التي تسر روحه وعقله وفؤاده وناظريه ,لا أن يهمل هذه الأمور ويحصر وقوفه على مزابل وطنه أو مزابل البلد الذي يزوره.
فقد تجد قيم وعادات وتقاليد اندثرت رغم أنها كانت السائدة فيما مضى, لتحط مكانها أخرى لم تكن من قبل معروفة.أو تجد قيماً وعادات وأخلاق مازالت موضع فخر واعتزاز من كافة شعوب الأرض. وعادات وقيم وتقاليد قذف شعب بالبعض منها إلى المزابل حين وجد أن ضرها أكثر من نفعها وعللها مزمنة وفالج لا تعالج.
كم هو محزن حين ترى من يعميه حقده على حاكم أو حزب في بعض بلادنا العربية والإسلامية فلا يرى من الانجازات الحضارية الكبيرة التي تحققت في ظلهما أي شيءٍ منها.بينما يُبصر بوضوح بعض الفساد مهما صَغُر. وكم هو مضحك حين يدفع الحقد بأحدنا ليحمل وزر وأخطاء فرد تقاعس أو قصر أو أخطأ في عمله وواجباته لآخر أو للنظام والحكومة.أو يذود أحدنا للدفاع عن ما أرتكبه فرد أو جماعة من خطأ كي نحميهما من التبعات والمسؤولية .أو يجهد آخر لغاية بنفسه أو لكسب ثقة أسياده لخلط الأمور وتزييف الصورة وتشويه الحقائق.
في أوروبا مثلاً تشعر بالفخر والاعتزاز حين تراجع دائرة حكومية أو خاصة لإنجاز أية معاملة.فأمام الدائرة ستجد مواقف مأجورة بالساعة والدقيقة للعربات ولغيرها من وسائط النقل.وحين تدلف المبنى وتتقدم إلى مكتب الاستعلامات سيرشدونك بالتمام والكمال للموظف أو المكتب الذي عليه معالجة موضوعك. وحين تراجع هؤلاء المسؤولين ستجد حسن الاستقبال,وحسن الاستماع لطلبك وللكل ما تقوله, وبكل رحابة صدر ووجه بشوش سيحلون مشكلتك ,أو يطلبون لأنفسهم بعض الوقت للمراجعة والتدقيق والدراسة واتخاذ القرار بشأنه. وحينها سيطلبون منك بكل أدب ولباقة أن تذهب لتستريح على أحد المقاعد المخصصة في الصالون أو الباحة ريثما يحين دورك,أو ينهون حل مشكلة من سبقك,وأنهم سوف ينادون عليك من خلال الإذاعة.وحين يحل دورك سترى كم كانوا ومازالوا مهتمين بأمرك, حين يتقدمون بالاعتذار عن كل ما أرتكب من إهمال أو تقصير بحقك. وربما قد يذكرونك بما نسيت من معاملاتك السابقة التي لم تتابع من قبلك, ولكنهم تابعوها وأنجزوها وهي الآن جاهزة وأنهم سيسلمونها لك مع كامل وثائقها ومرفقاتها وحتى أنهم يبررون لك تقصيرك. ولن تجد موظف أو عامل يضيع الوقت باحتساء فنجان شاي أو قهوة ويدخن السيجارة باليد الأخرى. أو يغرق في لهو وثرثرة ونقاش بيزنطي وقصص ألف ليلة وليلة عن معاناته اليومية وعن ما يعشق ويحب ويهوى ويكره في حياته مع زميل أو زميلة. فالعمل بنظرهم أهم وأسمى, وحل مشاكل الناس بنظر كل واحد منهم له الأولوية وهو الأفضل والأحسن والأولى.وتشعر بأن الواحد منهم قد ترك بيته ليعمل لا ليضيع الوقت والعمر سدى. وأن هم الواحد مهم أن يرضي الله وضميره ووطنه لا لينال مغنماً أو منفعة أو جائزة أو مرحى.ولن تجد من يقول لك أن مشكلتك مستعصية, أو لا حل لها,أو أن القانون في بلده لم يتضمن حلاً لمعالجة مشكلتك فيندب معك حظك ومصابك. فالقانون هو القانون ولديه لكل مشكلة الحل والعلاج والدواء والبلسم. وحتى لو أخطأت بتصرفك أو رفعت صوتك من شدة هياجك وغضبك على موظف أو موظفة فلن تقابل سوى بتصرف هادئ ودسم باللباقة وحسن التصرف والأدب,لأنهم يعلمان أن صاحب الحاجة أرعن. وأنك ربما منزعج لأنهم عطلوا عملك حيث تعمل بسبب مراجعتك لمتابعة قضية ضرورية تهمك. ولن تجد موظفين وعمال ذكور كانوا أم إناث يتصرفون أثناء دوامهم في الدائرة أو المعمل تصرفات غريبة وعجيبة,أو تجد أحدهم يظن أو يعتبر:
أتمنى على القراء أن يثروا هذا الموضوع بمقترحاتهم وتعليقاتهم لما له من أهمية في محاربة ظواهر الفساد والإفساد.
السبت: 14/11/2009م
[email protected]
[email protected]
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية