• فراس الخطيب.. بفضل قراري سيحبني 12 مليون سوري، وسيسعى لقتلي 12 مليون آخرون
• "فيفا" تواطأت مع الأسد ورفضت التطرق لملف انتهاكاته في المجال الرياضي بحجة أنها خارج الصلاحيات
إنه منتخب الديكتاتور.. المنتخب الذي قام نظام بشار الأسد باستثماره في حملته القمعية المروعة مدعوما بشكل ضمني من الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".. هذه العبارة لم يقلها معارض سياسي أو رياضي سوري مناوئ للنظام، ولا حتى قالها محلل خلال فورة غضب من جرائم النظام، بل هي نتيجة خلصت إليها واحدة من أهم القنوات المتخصصة حول العالم، بعد تحقيق مطول جدا، أجرته في بقاع مختلفة، وسلطت الضوء فيه على عشرات الشخصيات والقصص.
شبكة "ESPN" التي تمتلك سلسلة قنوات بينها واحدة من أهم المحطات الرياضية الأمريكية على مستوى البلاد والعالم، خصصت ملفا كاملا للحديث عن العلاقة العضوية بين نظام الأسد وبين الرياضة، لاسيما كرة القدم، مفندة حجج من يدعون أنه منتخب الوطن، أو يطلبون الفصل بين السياسية (بالأحرى الحرب والقتل) والرياضة.
"زمان الوصل" اطلعت على ملف "ESPN" تحت عنوان "منتخب الديكتاتور"، وتولت ترجمة أهم ما ورد فيه، علما أن الملف استند إلى مقابلات مع لاعبين حاليين وسابقين، ومسؤولين (حاليين وسابقين) في ميدان كرة القدم، فضلا عن أصدقاء وأقارب للضحايا، وقد أجريت المقابلات بين أيلول/سبتمبر 2016 وآذار/ مارس 2017، في كل من: ماليزيا، ألمانيا، تركيا، السويد، الكويت وكوريا الجنوبية.
*أكرههم كلهم
يبدأ الملف قصته من بعد ظهيرة أحد أيام شباط/فبراير، حيث يجلس اللاعب فراس الخطيب خارج مركز تجاري في الخليج العربي، "مشلولا من قرار يخشى أن يقتله"، قرار أتى بعد 5 سنوات، من مقاطعة اللاعب للمنتخب احتجاجا على الدكتاتور بشار الأسد الذي قصف وجوع أهل حمص (مسقط رأس الخطيب).
الآن، فجأة يبدو أن "الخطيب" قد تغير كليا، وبات يفكر في الانضمام إلى المنتخب بحجة مساعدته لبلوغ نهائي كأس العالم في العام المقبل.. أسبابه معقدة، وهو غير مستعد للبوح بها.
يكرر الخطيب "أنا أخاف" بلكنة إنجليزية متكلفة، مضيفا: "في سوريا الآن، إذا تحدثت، فإن شخص ما سوف يقتلك جراء ما تحدثت به، سيقتلك بسبب رأيك، وليس بسبب ما تفعله".
"الخطيب" الذي كسب الملايين من احترافه في الكويت، وربما يقدم المركز التجاري الذي يجلس خارجه لمحة عن نمط الحياة الباذخة هنا، ولكن اللاعب يبدو محطما من تفكيره بالقرار الذي اتخذه "كل يوم قبل أن أنام، أقضي ربما ساعة أو ساعتين للتفكير في هذا القرار".
الخطيب يخرج هاتفه لعرض صفحته على فيسبوك، التي تستقبل 100 رسالة يوميا، بمن فيهم أقرب أصدقائه، ومنهم "نهاد سعد الدين"، الذي يقول للخطيب إن عودته إلى النظام سترمي به في "مزبلة التاريخ إلى جانب من يدعم المجرم بشار الأسد"، متعهدا -أي سعد الدين- بعدم التحدث مع الخطيب مرة أخرى، إن هو عاد إلى النظام.
"سعد الدين" واحد من اللاعبين الذين حاول النظام قتلهم، فخلال حصار حمص، أصيب في ركبته برصاصة قناص، ثم تعرض لإصابة أخرى وهو يحاول إنقاذ نساء وأطفال من قصف للنظام، وعندما وصل إلى النمسا، حيث يعيش الآن، اكتشف الأطباء أن لديه تصدعاً في عدة فقرات.
لكن "الخطيب" يتجاهل حتى ما حل بصديقه، معلقا: "الآن، في سوريا هناك العديد من القتلة، وليس فقط واحدا أو اثنين، وأنا أكرههم كلهم"، معقبا: "مهما حدث، فسيحبني 12 مليون سوري، مقابل 12 مليون آخرين يريدون قتلي".
وترى "ESPN" في تقريرها أن كرة القدم عكست وجها من وجوه الانقسام في سوريا، حيث يقف اللاعب ضد اللاعب والمدرب ضد المدرب، وقد تعمقت هذه الانقسامات مع مضي 6 سنوات على الحرب، وسقوط مئات الآلاف، وتشرد الملايين داخل سوريا وخارجها.
أما نظام بشار الأسد، والعاملون في ماكينته الرياضية يحاجّون أن كرة القدم هي الميدان الوحيد الذي يمكن فيه للسوريين من جميع الأطراف أن يتعايشوا بسلام، فكرة القدم هي "حلم يجمع الناس معا، يعطي الناس ابتسامة ويساعدهم على نسيان رائحة الدمار والموت"، حسب "بشار محمد" المتحدث باسم المنتخب.
لكن الواقع يكشف خلاف ذلك، إذ يثبت أن نظام الأسد –وبدعم ضمني من "فيفا"- استثمر كرة القدم في حملته القمعية، وهو الذي قتل وقصف وعذب حتى الموت 38 لاعبا سورياً على الأقل، حسب إحصاءات جمعها "أنس عمو" الصحافي المتخصص في متابعة شؤون الرياضيين السوريين.
وفضلا عن عشرات الضحايا من اللاعبين، هناك ما لا يقل عن 13 لاعبا مفقودا (مجهول المصير).
*نفاق
تؤكد الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن النظام استخدم الرياضيين والأنشطة الرياضية لدعم ممارساته القمعية الوحشية، كما حوّل ملاعب كرة القدم إلى قواعد عسكرية لشن هجمات على المدنيين، فيما يقول "عمو" إن الأسد كان حريصا على إظهار دعم الرياضيين والفنانين له بقوة، لأن هؤلاء "هم أكثر الناس تأثيرا في الشارع".
عام 2015، تم تسليم تقرير من 20 صفحة بعنوان "جرائم الحرب ضد لاعبي الكرة السوريين"، يدور حول انتهاكات النظام في سوريا لقواعد "فيفا" التي تحظر استخدام السياسة في كرة القدم، وقد اعتمد "فيفا" على هذه القواعد 20 مرة على مدى العقد الماضي؛ ليتخذ على ضوئها قرارات بحرمان بلدان عدة من اللعب دوليا، لكن "فيفا" نفسه تجاهل كل ذلك في الحالة السورية وردّ على التقرير بالقول: "إن الظروف المأساوية... تتجاوز نطاق الأمور الرياضية"، مشددا على القضية خارجة عن إرادته.
وتهرب مسؤولو "فيفا" من إجراء مقابلات مع "ESPN" للتعليق على الأمر، مكتفين بإصدار بيان يشير إلى "محدودية ولاية وصلاحيات "فيفا" التي تخولها التحقق من أي ادعاءات في مثل هذا الوضع المعقد".
يقول "أيمن قاشيط"، اللاعب السوري السابق الذي سلم هذه المزاعم إلى مقر "فيفا" في زيوريخ: "هناك تناقض بين قرارات فيفا وقواعدها.. إنهم يصدرون توجيهات لتجميد أي اتحاد بسبب التدخل السياسي، في الوقت الذي تحدث حرب شاملة في بلد تستخدم ملاعبه مقرات عسكرية، ويموت الأطفال ولاعبي الكرة تحت سن 18 عاما، ويتم إلقاء لاعبي الكرة في السجن.. كل هذا يحدث وهناك أدلة كثيرة، ولكن أين هو القرار؟.. هذا هو النفاق".
"مارك أفيفا"، محام متخصص في القانون الرياضي ودرس قوانين "فيفا"، يؤكد أن سوريا تمثل "حالة واضحة من التدخل النظامي للدولة في كرة القدم المحلية والدولية، ومع ذلك فقد اختار "فيفا" الصمت وعدم التصرف تجاه قضية شائنة جدا".
"فادي دباس" نائب رئيس "الاتحاد السوري لكرة القدم" ورئيس المنتخب، اعتبر أن ما يثار حول انتهاكات نظامه في المجال الرياضي "غير صحيح على الإطلاق"، لأن من صاغوها لاعبون منفيون يعارضون الأسد، مشدد على أن الأخير "يحمي الشعب السوري"، وأن اللاعبين المعارضين يمثلون أنفسهم فقط.
لكن النظام الذي يدعي "دباس" أنه يحمي الشعب السوري، هو نفس النظام الذي فر منه الملايين، ومن بينهم مئات اللاعبين السوريين الذي غادروا سوريا إلى البلدان المجاورة وأوروبا، رافضين الانخراط في فرق تمجد النظام وتلمعه.
وأحد هؤلاء الرافضين "فراس العلي"، الذي انشق عن النظام ومؤسساته الرياضية، وفر خارج البلاد، بعد علمه بمقتل ابن عمه الطفل (13 عاما) بيد قوات النظام.. "فراس" يعيش الآن مع أسرته في مخيم "قرقميش" للاجئين جنوب تركيا.
"العلي" يعتبر أن اللعب لمنتخب النظام يمثل عارا وقلة شرف "لا يمكنني القيام به، أشعر أنني أخون كل شعبنا الذين قتلوا على يد الطغيان.. هؤلاء اللاعبون يحملون علم الموت".
"فراس العلي" الذي كان يملك 3 منازل، يعيش الآن مع أسرته في خيمة، وهو أمر يصعب على البعض إدراكه، إذ كيف يضحي نجم رياضي بحياة البذخ وجنون المشجعين، ليكتفي بخيمة.
*مثابرتكم دليل على كذبة الثورة
كان "العلي" يلعب لفريق الشرطة، واحد من أبرز الفرق السورية، ويتقاضى نحو 125 ألف دولار في الموسم الواحد، وهو مبلغ يمثل ثروة في سوريا، وكان يصنف واحدا من أفضل 20 لاعبا على مستوى البلاد، ويعيش حياة رغيدة إلى حد أنه لم يفكر بالاحتراف خارج سوريا.
لكن اللاعب الآن يفضل الخيمة على أي شيء يمكن للنظام أن يمنحه إياه، ففي عام 2011، عندما هاجمت قوات النظام مسقط رأسه "حماة" قتل ابن عمه (19 عاما)، وهو طالب في كلية الجغرافيا، أثناء مشاركته في إحدى المظاهرات.
يقول "العلي": "أصابت الرصاصة عينه وخرجت من رأسه"، وفي وقت لاحق، أسقط النظام برميلا متفجرا فوق منزل كانت تقطنه ابنة أخيه فأحالها إلى أشلاء، ويعقب مستذكرا: "رؤية إنسان مقطع إلى قطع تمثل كابوسا.. كانت مقطعة إلى نحو 200 قطعة، كانت قد اختفت فعليا".
انضم "العلي" إلى الاحتجاجات السلمية، وكان يغطي وجهه خشية التعرف عليه، ليعيش حياة مزدوجة، يعكسها تحديه للأسد في الشوارع وتمثيله له في الملاعب.
في صباح أحد الأيام اتجه "العلي" للتدرب في ملعب العباسيين بدمشق، فوجد أن النظام حوّله إلى قاعدة عسكرية.
ويعلق: "أبقوا لنا نصف الملعب، والنصف الآخر كان للفرقة الرابعة، رأيت هذا بأم عيني، وكان هناك مدفعية في الأماكن المخصصة للرياضيين، كان يستعدون لقمع المظاهرات انطلاقا من الملعب الذي كنت أتدرب به، كنت أسمع إطلاق النار من داخل الملعب، وكانت المظاهرات حينها سلمية والطرف الوحيد الذين كان يحمل السلاح في ذلك الوقت هو النظام".
كان مدرب المنتخب حينها "فجر إبراهيم"، يلقي على مسامع اللاعبين محاضراته في ضرورة المثابرة حتى نظهر للعالم أن الثورة مجرد كذبة وأنه لا تأثير لها على سوريا إطلاقا.
وكان "العلي" من بين الذين يشعرون بالتشتت والضغط النفسي الرهيب، وفي إحدى الليالي وبينما كان ينزل في فندق "بلو تاور"، بشارع الحمرا في دمشق، لم يستطع النوم من هول الأصوات والمشاهد التي راقبها من الطابق الثامن، حيث بدأ النظام قصف عدة أحياء في العاصمة "كنت كمن يشاهد فيلم رعب على الشاشة".
وفي ليلة أخرى، وبينما كان "المنتخب الوطني" يتحضر لخوض منافسات في الهند، ورد إلى "فراس العلي" نبأ عن استشهاد ابن عم له (13 عاما) في هجوم على إحدى قرى حماة، وبعد نصف ساعة من هذا الخبر المفجع كان على "العلي" ان ينضم لمأدبة عشاء للمنتخب، استغلها أحد اللاعبين لإظهار السخرية من المتظاهرين، ما استفز "العلي" ودفعه للشجار مع ذلك اللاعب قبل أن يتم الفصل بينهما، ليغادر "علي" متخذا قراره النهائي.
وفي صباح اليوم التالي، انطلق "فراس" مع أسرته عابرا نحو الشمال وصولا إلى تركيا، وعندما علم النظام بأمره صادر ما كان قد أودعه في حسابه من أموال، كما دمرت منازله الثلاث، "إنه أمر صعب، ولكنني لا آسف على أي شيء إطلاقا.. لا أدري كيف يشعر من يلعب تحت هذا العلم ويحمل صورة الشخص الذي هو السبب في قتل وتشريد أكثر من 7 ملايين سوري؟".
*واحة سلام أم سلاح
السؤال المحوري بالنسبة لفراس العلي، لفراس الخطيب، بل ولملايين المشجعين، هو: هل يمكن للمنتخب أن يكون بمثابة "واحة سلام" لالتقاء السوريين؟ أم إنه سلاح آخر للأسد لإظهار بالمظهر الطبيعي وإضفاء الشرعية على سلطته؟
الصحافي "أنس عمو" فكر في هذا السؤال ملياً، وكان جوابه عبر البدء في بناء مشروع يهتم بحقوق الرياضيين في سوريا، وقد بدأ مشروعه قبل 5 سنوات، عندما أدرك أن الرياضيين هم من بين أبرز ضحايا وحشية الأسد، وأن الأخير يستخدم كرة القدم كأداة الدعاية.
ومع مقتل العشرات من الرياضيين، وتشرد آلاف آخرين، يعتقد "عمو" أن جيلا كاملا من كرة القدم في سوريا قد اختفى.
بدايات الثورة، كان "عمو" صحافيا في جريدة مملوكة لرامي مخلوف ابن خال بشار، كما كان يعمل مع "نادي الاتحاد"، حيث شهد بنفسه كيف بدأ النظام بحشد اللاعبين وإجبارهم على حضور المسيرات المؤيدة، وقد كان عدد من اللاعبين غاضبين جدا من زجهم الإجباري في صفوف المؤيدين.
ومع تصاعد الأحداث، بدأ جيش النظام في استخدام الملاعب ضمن المدن الرئيسة كمراكز اعتقال احتجاز، ومقار عسكرية، ويظهر اثنان من المقاطع على سبيل المثال، إطلاق صواريخ من ميدان ملعب العباسيين في دمشق، وهو نفس الملعب الذي قال "فراس العلي" إن اللاعبين أجبروا على تقاسمه مع قوات النظام.
لكن "فادي دباس"، الذي يتولى منصب "نائب رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم" يرى كل ذلك مجرد "مزاعم كاذبة"، مصرحا بأن الملاعب "لم تستخدم أبدا لأغراض عسكرية"، وموجها اللوم إلى وسائل الإعلام الغربية التي اتهمها بالانحياز.
تنص قوانين "فيفا" التي يفترض أن يكون "الاتحاد السوري لكرة القدم" خاضعا لها، على أن "كل عضو في فيفا يدير شؤونه بشكل مستقل، وبدون أي تأثير من طرف ثالث"، وقد استند "فيفا" على بند الاستقلالية 24 مرة على الأقل خلال العقد الماضي، متخذا 20 قرارا بالحرمان من اللعب الدولي، ردا على نشاطات اعتبرتها "فيفا" "تدخلا حكوميا في الشأن الرياضي".
في عام 2009، مثلا، علق "فيفا" نشاطات العراق بعد أن علم أن الحكومة هناك قد حلت اتحاد كرة القدم وأرسلت عناصر أمنها للسيطرة على مقره.
وفي عام 2014، علق "فيفا" نشاط نيجيريا بعد أن حلت الحكومة الاتحاد النيجيري لكرة القدم، عقب نتائج منتخبها الوطني المخيبة للآمال في البرازيل.
ويرى "عمو" أن العنف ضد اللاعبين، واستغلال الفرق لأغراض الدعاية واستخدام الملاعب لأغراض عسكرية يشكل انتهاكا لقوانين "فيفا"، الذي تنصل من اتخاذ أي إجراء، لأنه "شريك في جميع الجرائم التي ارتكبت ضد لاعبي كرة القدم والأضرار التي لحقت الملاعب والملاعب الرياضية"، حسب "عمو".
أرسل "عمو" ملف الانتهاكات التي جمعها إلى اللاعب "أيمن قاشيط" حيث سافر من مكان إقامته في السويد إلى مقر "فيفا" في زيورخ (سويسرا)، لكن "فيفا" لم يلتفت له مطلقا ولا لما يحمله، فانخرط في نشاط يركز على تعليم طرائق توثيق الانتهاكات، ليخرج لاحقا بعريضة شكوى قوامها 20 صفحة، ومقدمة باسم أكثر من ألفي رياضي، فصلهم النظام من اتحاده الرياضي.
كتب "قاشيط" عريضته باللغة الإنجليزية، وهي واحدة من اللغات الرسمية المعتمدة لدى "فيفا"، مشيرا فيها إلى "جرائم الحرب التي ترتكبها القوات الحكومية في سوريا ضد لاعبي كرة القدم، وصمت الاتحاد السوري لكرة القدم عن هذه الجرائم".
وتتضمن الشكوى جدولا يضم 10 لاعبين يعتقد أنهم رهن الاعتقال لدى النظام، كما تسرد أسماء 11 لاعبا دون 18 عاما، وأسماء 20 لاعبا بالغاً قتلوا على يد النظام، فضلا عن صور ومقاطع لملاعب استولى عليها جيش النظام واتخذها قواعد له.
يقول "قاشيط" إنه حاول إرسال المعلومات بالبريد الإلكتروني إلى "فيفا" لكنه لم يتلق أي رد، فعاد إلى "زيورخ" وقدم الوثيقة في مكتب الاستقبال، لكنه لم يسمع ولم ير شيئا.
*قدم شكواك ضد النظام إلى النظام
في صيف 2015، توجه "قاشيط" إلى مقر "فيفا" مجددا، وهذه المرة مع مترجم ساعده على تصوير اللقاء، وبعد نقاش مع أحد موظفي الاستقبال، تمكن "قاشيط" في النهاية مع التحدث إلى "ألكسندر كوخ"، مدير التواصل في "فيفا".
وفي الفيديو الموثق للقاء، يخاطب المترجم مسؤول "فيفا" بالقول: "سيكون موضع تقدير كبير إذا تابعت منظمتكم الوثيقة، لأن الطريقة الوحيدة للضغط هي "فيفا" بوصفها مظلة هذا الاتحاد (الاتحاد التابع للنظام)".
وهنا يبدو الارتباك على "كوخ" نوعا ما، وهو يرد: "المشكلة التي أراها أنه ليس هناك شيء يمس.. كرة القدم".
بل أن "كوخ" يبلغ "قاشيط" بوجوب توجيه شكواه إلى "الاتحاد السوري لكرة القدم"، الذي يمكنه بعد ذلك تقديم شكوى إلى "فيفا"!!، وهنا يحاول اللاعب السوري أن يُفهم مسؤول "فيفا" أن "الاتحاد" الذي يوصي بالشكوى إليه هو الخصم، وهو الاتحاد الذي يشتكي رياضيو سوريا المضطهدون من ممارساته.
بعد اللقاء بشهر، تلقى "قاشيط" رسالة إلكترونية من نائب الأمين العام "ماركوس كاتنر"، أكد فيها الأخير أن الأمر يتجاوز صلاحيات "فيفا".
"كاتنر"، الذي سيطرد من "فيفا" لاحقا بسبب فساده المالي، قال في رسالته تلك إن منظمته "تدعم تماما أي جهد يهدف إلى ضمان تمتع جميع الرياضيين بممارسة لعبة كرة القدم في بيئة خالية من العنف، ونحن نشكركم على مبادرتكم"، معتبرا أن الملابسات التي تم ذكرها في التقرير تذهب أبعد من نطاق الرياضة.
ويتساءل "قاشيط" في حديثه لـ"ESPN": كيف يمكنك أن تطلب من اتحاد كرة القدم تقديم شكوى رسمية تتعلق بانتهاكات تمسه؟!، من الواضح أن الاتحاد السوري لكرة القدم جزء من النظام، ولا أحد يعتقد خلاف ذلك.
ويضيف اللاعب السوري: "عار على فيفا.. لم أطلب منهم اتخاذ قرار على الفور، طلبت فقط التحري، وإذا لم يكن ما ورد في التقرير دقيقا، فيمكنهم تجاهل المعلومات ورفضها".
بدورها، سعت "ESPN" إلى مقابلة مسؤولين في "فيفا" للحديث حول الوضع في سوريا، لكن المنظمة رفضت الطلب، واستعاضت عن ذلك بإصدار بيان فضفاض شبيه بالرسالة التي سبق توجيهها إلى "قاشيط"، ومما ورد فيها: "طوال السنوات الأخيرة، تم إخطار فيفا بادعاءات عدة أطراف -غالبا ما تتناقض المعلومات وفقا لاختلاف المصادر- بشأن العنف الذي أثر على ممارسة كرة القدم، وفيما نفهم تماما الظروف المأساوية التي تحيط بهذه الأحداث، فنحن بوصفنا هيئة رياضية حاكمة ندرك أيضا أن هذه الأعمال المزعومة، تتجاوز نطاق المسائل الرياضية في حالة بلد غارق بالكلية في حرب أهلية".
وادعى البيان أن "فيفا" امتنع عن التصرف نتيجة "محدودية ولايته واختصاصاته التي تخوله التحقق من ادعاءات تخص مثل هذا الوضع المعقد".
لكن "مارك أفيفا"، المحامي الرياضي والخبير بقضايا "فيفا"، قال إن الأدلة ضد سوريا تفوق بكثير الحالات الأخرى، بما في ذلك نيجيريا، وهي حالات انبرى "فيفا" للتصرف حيالها، متسائلا: "في أي سياق سيكون "فيفا" حريصا على الانخراط والتصرف؟".
ويوضح "أفيفا" أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يرى من مصلحته عدم التدخل" في أزمة سياسية تشارك فيها كل القوى العالمية بما فيها الولايات المتحدة وروسيا (الأخيرة ستستضيف كأس العالم في العام المقبل)، مؤكدا أن اتخاذ إجراءات ضد المؤسسة الرياضية التابعة للنظام يتطلب شجاعة تفوق تلك التي أظهرها "فيفا".
غدا الأحد:
• لماذا لا يستطيع "الخطيب" الحديث عن قرار عودته إلى منتخب النظام
• كيف تم نبذ المنتخب من كل دول المنطقة ورمي بعيدا مسافة 7500 كم
• مسؤول رياضي رفيع.. لم أسمع باسم جهاد قصاب على الإطلاق
إيثار عبدالحق- ترجمة- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية