طلبها السفاح.. هل تستطيع أن تريني الصورة؟.. التقطها السفاح بيسراه.. لم يحاول أن يشيح بوجهه ولا حتى أن يبدي على وجه علامة تأثر أو صدمة، أو يشهق ولو من قبيل التظاهر أو التمثيل.. بل تمعن جيدا ودخل كعادته في جدالياته العقيمة سائلا محاوره: هل تحققت من هوية الأشخاص الظاهرين في الصورة؟
هكذا ولأول مرة أخبر بشار العالم عبر ردة فعله، بما حاول أن ينفيه بلسانه عن جرائم التعذيب.. أخبرهم أن المشهد مألوف وربما مرغوب لديه، وأخبرهم كذلك أن "الإرهاب" الذي يدعو العالم لمحاربته معه وبالتنسيق معه، إلى درجة الترحيب بمقدم الأمريكيين لأجله، ليس بالتأكيد متجسدا في هذه الصورة.. التي بخل عليها بوصف من قبيل: لا إنه وحشي، هذا لايطاق، بل حملها ونقّلها بين كلتا يديه مدة 40 ثانية تقريبا، وكأنه يقول: إنها لي، هذا عالمي، هذه الصورة ليست غريبة عني ولا أنا غريب عنها.
بشار خلال لقائه الأحدث الذي أجرته معه"ياهو نيوز"، كان يشكك قبل طلب الصورة بمصداقية أي صورة، ويجادل في إمكانية التلاعب عبر "فوتوشوب"، ثم تحول كلامه بعد رؤية الصورة إلى الجدال في هوية الأشخاص الذين ظهرت أشباحهم في اللقطة، أي إن الأمر انقلب عنده في غضون ثوان قليلة، ولم يعد للفوتوشوب في قاموسه من مكان، وهو إقرار آخر قدمه بشار للعالم كله، باستثناء السوريين الذين يوقنون بصدق صور ضحاياهم وبإجرام بشار المغلف بطبقة سميكة من الكذب.
رأى بشار الأسد صورة ضحايا قتلوا تعذيبا بيد مخابراته، زاعما أنه يرى هكذا صورة لأول مرة، طالبا من الصحافي الذي حاوره أن يخبره بـ"هوية أولئك الأشخاص، وأين التقطت هذه الصورة"، مكررا عبارة "أريد أدلة صلبة، لا مجرد ادعاءات".. وهذا ما ستتولى "زمان الوصل" شرحه وإيضاحه، كونها من أوائل وسائل الإعلام التي نشرت أخبار وصور "جريمة العصر"، ومن أكثر الصحف التي ركزت على هذا الملف ونبشت في خفاياه، لتنشر عشرات التقارير الحصرية عنه.
بدأت قصة "جريمة العصر" تتكشف مطلع عام 2014، مع تسريب بضع صور بالغة البشاعة من ملف ضخم يحوي قرابة 55 ألف صورة، وثقه مصور عسكري منشق تم الاصطلاح على تلقيبه بـ"قيصر"، ومن هذه اللحظة أمسكت "زمان الوصل" طرف الخيط وقررت أن تتولى المبادرة في هذا الملف الذي صعق السوريين أولاً والعالم لاحقا، رغم أنه كان بمثابة رأس جبل جليد.
استنفرت "زمان الوصل" كل قدراتها على التحقيق والتحقق، فوصلت إلى نتائج قاطعة قدمت إجابات لا يخامرها شك، حول طبيعة بعض الأماكن التي التقطت فيها صور ضحايا التعذيب، وحول بعض المتورطين في "جريمة العصر" وحول هويات بعض الضحايا.
ومن أشد الأجوبة الحساسة التي قدمتها "زمان الوصل" هي التأكيد بالدليل على أن بعض صور جثامين الضحايا التقطت في مرآب مشفى المزة العسكري (601)، الذي يقع على مرمى بصر بشار غير بعيد عن "قصر الشعب".
وفي خطوة تالية تم التعرف إلى هوية العديد من المتورطين في عمليات طمس معالم "جريمة العصر"، ومن بينهم عسكريون تابعون للنظام: راكان سبسبي، خالد حوراني، أسامة حلي، محمد تفنكجي، حتى إن "زمان الوصل" لاحقت الأخير إلى ألمانيا، حيث هرب إليها تحت ستار اللجوء.
ولم تتوقف جهود الجريدة هنا، بل كشفت بالصور والدلائل مزيدا من خفايا ملف القتل تحت التعذيب، فنشرت صورا لأول مرة عن الطفلين حمزة الخطيب وتامر الشرعي، تثبت تعرضهما لتعذيب همجي أدى إلى وفاتهما، كما نشرت صورا عن أطفال آخرين قتلهم النظام بنفس الطريقة.
وساهمت "زمان الوصل" في التعرف إلى هويات عدد من الضحايا الذين قضوا تحت التعذيب في معتقلات النظام، وروت جانبا من قصصهم بشكل موثق وبشهادات من أقاربهم وذويهم، ومن بين هؤلاء على سبيل المثال: الشاب عبدالله الحريري، المهندس أحمد شحادة الشنوان، الشاب حسم إدريس إدريس، خلدون عبدالله شقير (57 عاما، من ذوي الاحتياجات الخاصة)، المهندس أيهم عمران، وأخيرا وليس آخرا طالبة الهندسة رحاب علاوي، التي سببت صورة جثمانها ملقاة بين جثامين ضحايا آخرين صدمة مضاعفة.
*سيرة ذاتية للمجرمين:
تقدم "زمان الوصل" أسماء الضباط والعناصر المسؤولين والمشاركين في "جريمة العصر" للرأي العام، ولأهالي المفقودين والشهداء والجرحى وهم:
-مدير المشفى العميد الدكتور غسان حداد
-ضابط الإدارة العقيد حسين ملوك
-ضابط الأمن الدكتور طه أسعد (طبيب جلدية) ومدير قسم العيادات في ذات المشفى
-المقدم "شادي رزق زودة" الضابط المسؤول عن إحصاء أسماء القتلى
-المجند علي برازي –من حماة، عنصر انضباط مجند دورة 104-المسؤول عن جمع العناصر وتفتيشهم ونقلهم بعد ذلك إلى "المشفى"، ليقوموا بمهمة تغليف الجثث وتحميلها إلى السيارة.
-المجند جيكر حسن –كردي من عفرين، كان يقوم بضرب الجثامين والدعس عليها مستهزئا بهم حيث يعتبر أنه كان يهبهم ختما للوصول إلى الجنة ولقاء الحوريات.
-خضر العبود من الحسكة– يقوم بكتابة تقارير بزملائه ويقوم بضرب الجثامين والدعس عليها بأقدامه.
-خالد حوراني (ظهر في صور "زمان الوصل") –من الحسكة– اعتقل على خلفية الصور التي نشرتها "زمان الوصل" وأطلق سراحه لاحقا.
-راكان سبسبي (ظهر في صور "زمان الوصل") -من حي الخالدية بحمص
-محمد تفنكجي (ظهر في صور "زمان الوصل") –من حلب، أبوه يقيم في روسيا.
-محمد عيد –من حلب –عامل مطبخ –يشارك بتحميل الجثامين، مرة قال إنه يريد أن يتبول في طعام الموقوفين.
-سميح صليبي –من السلمية– كان مؤيدا جداً بعد أن تم تسريحه من المشفى بسبب ضعف النظر تطوع لدى اللجان الشعبية
"زمان الوصل" جمعت أهم التقارير التي نشرتها سابقا حول جريمة العصر (انظر أدناه)
إيثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية