بين جامع الأكرم ومعضمية الشام كليومترات قليلة، لكن المسافة لم تعد كذلك قط، بل ربما لم يعد يصح قياسها بالكيلومترات منذ اللحظة التي حل فيها "بشار الأسد" على الجامع الواقع في نهاية حي المزة، مشاركاً في "إحياء ذكرى عيد المولد النبوي"، بينما كان أركان نظامه بأوامر عليا منه يحضرون لارتكاب مجزرة الكيماوي، التي نفذوها بعيد خروجه من المسجد وعودته إلى القصر.
صارت المسافة مسافات، فما بين بشار وبيت الله الذي كان بداخله، وما بين بشار وصاحب ذكرى المولد أبعد مما بين قطبي الكون، مما لايمكن قياسه حتى بالسنوات الضوئية، ولايعلم بُعده إلا الله وحده، ومن بَعدِه ضحايا الكيماوي الذين فاضت أرواحهم إلى بارئها، وأسر أولئك الضحايا.
ما بين المعضمية و"جامع الأكرم" إذ يدنسه بشار، هو ما بين الحي والميت، ما بين الإنسانية واللا الإنسانية، ما بين الحق والباطل، ما بين الأبيض والأسود، ما بين الجنة والنار، ما بين البداية والنهاية.. بداية نهاية البشرية بجوهرها الحقيقي، لا بشكلها الفيزيائي الذي أفرز "قامات منتصبة" اصطفت بين يدي بشار، وهي تزعم أنها واقفة بين يدي الله عزوجل، تصلي له وتدعوه، حاملة معها كل إجرامها وجبروتها وقسوتها؛ لتتمسح بذكرى من قال الله فيه: [وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين].
إيثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية