دأبت أجهزة النظام السوري على مختلف مستوياتها منذ انطلاقة الثورة السورية على قلب الوقائع وتزوير الحقائق بطريقة فجّة ووقحة، تعبِّر بشكل أو بآخر عن عدم اكتراثها بأي مصداقية، فالهمّ والاهتمام هو أن "سوريا بخير" حتى ولو وصل الثوار إلى بُعد أمتار من قصر الرئيس "المفدّى".
وضمن هذا السياق كان استمرار النشاط الرياضي بمثابة خط أحمر بالنسبة للنظام، للدلالة أن الحياة تسير بشكل طبيعي في البلاد، فكانت البداية في عام 2011 باستمرار المسابقات الرياضية، وحصر إقامة المنافسات في المدن الهادئة، فأجريت مباريات دوري كرة القدم وكأس الجمهورية في ملاعب دمشق وحلب وطرطوس واللاذقية والحسكة، ومنافسات كرة السلة في حلب ودمشق.
وتجدر الإشارة إلى أن لقب بطل الدوري موسم 2010 -2011 قد حُجب، فيما أقيم الموسم التالي بطريقة جديدة مختصرة، ورغم ذلك لم تكتمل معظم المنافسات لانسحاب عدد كبير من الفرق وتعذّر تنقّل الفرق التي لم تنسحب، إلا أن القيادة الرياضية متمثّلة بالاتحاد الرياضي العام واتحاد كرة القدم أكملت المسابقة "بمن حضر" وفاز بالبطولة فريق الشرطة !
الطامة الكبرى في مسابقة الكأس، واسمها الرسمي "مسابقة كأس السيد رئيس الجمهورية"، فقد انسحبت معظم الفرق من المشاركة منذ الأدوار الأولى، وينص نظام البطولة على مواجهة الفرق بنظام الذهاب والإياب، إلا أن اتحاد الكرة قرر إقامة المباريات من دور واحد اختصاراً للمباريات، ولكن ذلك لم يغيّر من الواقع شيئاً، وبعد سلسلة من الانسحابات والاختصار والتأجيل، وصل إلى الدور نصف النهائي أربعة فرق هي الجيش والاتحاد والوحدة والجزيرة.
وبعد تأجيل إقامة مباراتي الدور نصف النهائي انسحبت فرق الجيش والاتحاد والجزيرة، ليأتي الخبر الهزلي قبل أيام بمنح لقب المسابقة لفريق الوحدة دون أن يلعب في سابقة فريدة من نوعها.
ويأتي تصريح رئيس اتحاد كرة القدم "صلاح رمضان" حول هذا القرار ليزيد الطين بلة، إذ وصف القرار بأنه "قرار قوي ولا تراجع عنه"، ووصف انسحاب الفرق الثلاثة بأنه "غير مبرر ودون عذر مسبق"، كما أكّد أن الفرق المنسحبة من هذا الدور والفرق التي انسحبت سابقاً ستعاقب بعدم المشاركة في المسابقة لمدّة عامين وفق اللوائح المعتمدة !
ونحن في معرض حديثنا هذا لا نلقي بأي لومٍ على الفريق الذي يطلق عليه الجمهور السوري اسم "البرتقالة الدمشقية" والمتوَّج باللقب "رغماً عنه"، إنما نسأل القيادة الرياضية الدخيلة أصلاً على الرياضة والتابعة للحزب وفروع الأمن، ألا يشعرون بأنهم يضحكون على أنفسهم قبل أن يضحكوا على من يسمع هذا القرار العجيب؟ وهل وصل بهم الانفصال عن الواقع إلى هذا الحد وقد تحوّلت الملاعب إلى ثكنات عسكرية مليئة بالذخيرة والسلاح ويرتع فيها الشبيحة وعناصر الجيش؟؟
لكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً، من سيسلّم الكأس للنادي المتوّج، هل هو "الرئيس المختبئ" أم أحد أعضاء القيادة القُطرية أو ربما أحد أعضاء "خلية الأزمة".. من يدري؟! المهمّ أن "سوريا بخير"...
أحمد عيد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية