ليس النظام الأسدي الذي ابتدأه وأسسه الخائن حافظ الأسد، نظام حكم دولة دستوري أو قانوني من حيث المبدأ والنتائج، وإنما هو نظام احتلال إسرائيلي ضمني، فرضته إسرائيل على سورية منذ عام 1970 بعدما أبدى الخائن حافظ الأسد تعاونه الكامل وخيانته القذرة في بيع وتسليم الجولان ومرتفعات جبل الشيخ إلى إسرائيل في حرب عام 1967 حيث لم يسمح للجيش السوري بالدفاع عن الوطن بإعلانه الرسمي بصفته وزيرا للدفاع آنئذٍ سقوط الجولان قبل أن يدخله جندي إسرائيلي واحد بيومين كاملين!! وحيث أمر الخائن الأسد جميع الضباط والجنود السوريين بالإنسحاب الكيفي الفوري من الجولان! وهذا ما حصل فعلا، فلم تكن هناك أي معركة بين جيش إسرائيل والجيش السوري بقيادة حافظ الأسد إطلاقا، وإنما كان هناك انسحاب كيفي، تبعه بعد يومين دخول سلمي كامل لجيش إسرائيل، وحيث لم يجدوا جنديا سوريا واحدا ليُقاتلوه أو حتى ليُصافحوه!!
ونتيجة اتفاقات الخائن حافظ الأسد السابقة لمعركة الجولان، مع إسرائيل، فقد عملت السطات والمخابرات الإسرائيلية على معونة حافظ الأسد على القيام بحركته التصحيحية، وأمّنت له اعترافا دوليا سريعا بنظام حكمه!
ولقد كرر الخائن حافظ الأسد من موقع رئيس الجمهورية السورية، الخيانة ذاتها عام 1973، تنفيذا لولائه للسلطة الإسرائيلية بإعادة تسليم كامل الجولان إلى إسرائيل مرة ثانية، وذلك بعد نجاح الجيش السوري بقيادة العميد عمر الأبرش في تحرير كامل الجولان وحتى حدود بحيرة طبريا، إلا أن الخائن الأسد – بصفته رئيس الجمهورية / القائد العام للجيش والقوات المُسلّحة - وجّه أوامره للعميد الأبرش للعودة بالجيش السوري إلى حدود الإحتلال الحالية، فلما رفض، قام أحد أعوان الأسد بقتل العميد الأبرش، وعاد بالجيش إلى حدود الإحتلال الحالية! وتغطية لذلك فقد صدر عن القيادة العسكرية الأسدية بلاغ كاذب بأن العميد الأبرش قد انتحر! وهل يُعقل أن ينتحر قائدٌ مُخلصُ شريف حقق انتصارا رائعا سريعا، وحرر كامل الأرض المحتلة من وطنه؟
نرى من الحدثين المذكورين أن النظام الأسدي المُتسلط على سورية ما هو إلا حكم إسرائيلي بحت كامل 100%! مندوبه في حكم سورية هو حافظ الأسد الذي حقق لإسرائيل جميع طلباتها في سورية إطلاقا، ومنها التالي:
أولا : العمل على بقاء الجولان ومرتفعات جبل الشيخ تحت الإحتلال الإسرائيلي، والذي أصبح من وجهة نظر إسرائيل "جزءاً من دولة إسرائيل" وفقا لقانون أصدرته إسرائيل !
ثانيا : تخريب الجيش السوري، وإعادة بنيته القيادية الفاعلة لتكون من الأقلية العلوية بالذات، وخلافا لتمثيل جميع مكونات الشعب السوري!
ثالثا : قيادة البلاد وشعبها باتجاه إيقاف شامل لمشاريع التنمية الوطنية، وبالتالي خلق البطالة، والفقر، وانخفاض مستوى معيشة أغلبية الشعب تدريجيا!! وحتى تمادت إلى أدنى مستوياتها في التاريخ السوري إطلاقا على عهد المندوب الإسرائيلي الخائن الإبن بشار الأسد!
رابعا: خلقُ أزمات البلاد الإقتصادية والمعيشية، والعمل على مُفاقمتها، بدل العمل على معالجتها!
خامسا: تخفيضُ الإنتاج الوطني بشكلٍ شامل قياسا لعدد السكان المتزايد بنسبه الطبيعية- بدل زيادته أو السماح بزيادته - مما أدى – ولا زال يُؤدي- إلى زيادة الإستيراد، ومن ثمَّ تخفيض قيمة العملة الوطنية، فزيادة الغلاء المتواصل تدريجيا، فانخفاض مستوى معيشة الأكثرية الساحقة من الشعب، ومن ثم زيادة نسب هجرة المواطنين السوريين – وخاصة الخبرات الفنية - للعمل في الخارج! رغم أن الوطن قد انفق الملايين على تخريج كلٍّ منهم! فضاعت في وقت واحد: آلاف المليارات المنفقة على التعليم، وضاعت معها الخبرات ذاتها التي بناها الوطن ويحتاجها لتنميته وتطوره!
سادساً: نشرُ أفظع مستويات الفساد في العالم، في أوساط السلطة، وبعض أوساط الشعب – وخاصة منهم بعض التجار وأصحاب رؤوس الأموال غير الشرفاء - وهذا ما حقق عدّة أهداف خيانية للوطن، كان غرضها:
1. تنفيع أقارب الرئيس حافظ وأعوانهم ومواليهم من موجودات الخزينة السورية، ليغتنوا ويصبحوا من أصحاب رؤوس الأموال وقدرات البلاد المالية:
• نذكر منهم واحدا على سبيل المثال – لا الحصر– محمد مخلوف أخ زوجة حافظ الأسد، وابنه رامي مخلوف المشهورين على عهد حافظ وبشار الأسد! وهذا فضلا عن مئات أخرى من آل الأسد ومخلوف وشاويش إلى آخر قائمة الفساد الوطني والأخلاقي النهبوي والتخريبي!
• ونذكر الآن واحدا فقط من مئات من وزراء الحكومة الذين ساهموا بالجهد التخريبي الإفسادي المُنظم، ألا وهو – على سبيل المثال فحسب- "يعرب بدر" وزير النقل في الحكومة العطرية السابقة، الذي تعاقد مع شركة ماليزية على بناء مشروع السقف المستعار لصالة مطار دمشق الدولي بمبلغ 55 مليون "يورو" (ثلاثة مليارات ليرة سورية) في حين تنقص تكلفته التعاقدية الحقيقية عن مليون واحد فقط على أكبر تقدير! "أي أن السعر المذكور تزيد نسبته عن 3000% أكثر من السعر التعاقدي القانوني المشروع" وطبعا لم تجر محاسبته إطلاقا! ذلك أن الوزير المذكور لم يكن يعمل لحسابه فقط، وإنما لحساب بشار الأسد شخصيا وأقربائه، وللوزير حصة – كما باقي مُعظم الوزراء الفاسدين – ولقائد النظام ورموزه، باقي قيمة موارد العقد، فكيف يُحاسَب الوزير فيفضح بشار الأسد شخصيا ورموز الفساد من أقربائه؟؟ إن مثل الوزير المذكور وعقده، ما هو إلا مثل من مئات الأمثلة التي قادت البلاد واقتصادها إلى ما هي عليه اليوم من خراب وتخلف وتراجع! بل وإفقار لأكثرية الشعب السوري!
• وهناك مئات فضائح الفساد الإجرامية بحق الشعب والوطن، اذكر اثنين منها فقط على سبيل المثال:
o تصدير جميع كميات القمح السوري الممتاز بأسعار تقل – تعاقديا فقط – عن ثلث قيمته العالمية، واستيراد قمح روسي مخصص لعلف الحيوانات من شركة فسادٍ مصرية فعلت ذات الشئ مع حكومة حسني مبارك المصرية! بأسعار تزيد أضعافا عن أسعار القمح السوري الممتاز المُصدّر، ولقد جرى إطعام أهالي الرقة وأدلب منه، فأُصيبوا بالإقياء والمرض، مما اضطر المسؤولين لوقيف استهلاكه.
o نهب جميع واردات تصدير النفط السوري، وهو ما فضحته جريدة تشرين الحكومية في عددها بتاريخ 17/10/2009 عن نهب مبيعات النفط السوري لعام 2008 والذي جاء فيه بالحرف الواحد:
"إن سورية احتلت المركز الثامن من حيث قيمة الصادرات النفطية في عام 2008، وجاء ترتيبها بعد قطر، وقبل البحرين ومصر، وحسب تقرير منظمة أوابك، فإن قيمة الصادرات النفطية السورية بلغت في عام 2008 مبلغ 7989 مليون دولار! ألا أنه لم يدخل منها قرش واحد في ميزانية الدولة السورية! "
فأين ذهبت آلاف الملايين المذكورة! يا شرفاء الأمن القومي! والقيادات التي تقتل الشعب لمجرد مطالبته بحقوقه؟
وبالمناسبة فقد نشرت محطة "تلفزيون ألمانيا وفرنسا" مُؤخرا تقريرا بأن الأموال التي جُمّدت لبشار الأسد في بنوكهما تزيد عن سبعين "مليار" دولار – يعني سبعين ألف مليون دولار! نهبها جميعا هو وأبيه من خزينة الدولة، وتصديرات البترول، وتصديرات القمح السوري، ونهب فروق أموال المواطنين الخاصة نتيجة التخفيضات المتتالية لقيمة العملة السورية! بينما تعاني أكثرية الشعب من انخفاض حادٍّ مُؤلم في مستوى المعيشة، والبطالة، والقدرة على الإنفاق الأساسي للحياة!
وهذا طبيعي، فإما أن يكون هناك أمانة للحاكم على أموال الخزينة العامة، وتوزيع عادل للثروة الوطنية، ينسجم مع جهد كل مواطن، أو أن الثروة الوطنية تُنهب في مُعظمها من قبل رموز الفساد الوطني الذين هم رموز النظام ذاته، فلا يبقى للشعب والمواطنين إلا الفتات فينحدرون تدريجيا في مجاهل الفقر والحرمان والمعاناة، وهذا هو حال أكثرية الشعب السوري الذي أوصله له الخائن الفاسد المُجرم بشار الأسد!
2. التزام بتحقيق تراجع إنمائي وتطويري حوّل سوريا وشعبها إلى دولة متخلفة أخلاقيا، وضعيفة إنتاجيا وتنمويا، بل وذات قدرات مُتراجعة بشكل شامل! لماذا حصل هذا؟ هو لسببين:
1) نهب مُعظم خزينة الدولة في عقود فساد أجرتها الحكومة مع شركاء لبشار الأسد وأقربائه، وبالتالي لم يبقى أي فائض لاستخدامه في مشروعات تنموية تُعالج أزمات البطالة والفقر والحرمان، بل تجاوز الأمر إلى قيام الحكومة بسلسلة طباعة أوراق نقد سورية بدون غطاء ذهبي نظامي- بغرض دفع الرواتب والمصاريف الثابتة - مما أدى بالتالي إلى سلسلة انخفاضات وصلت بقيمة الليرة السورية إلى أقل من 25% من قيمتها قبل عهد بشارالأسد، وهذا هو السبب الأول للغلاء الذي تجاوز 400% من الأسعار قبل عهد الرئيس المشؤوم! وهذا بذاته يعني أن الحكومة/ بشار الأسد قد سرق من كل مواطن 75% من أمواله السائلة والمدخرة، كما يعني أنه خفّض جميع الرواتب والأجور بالنسبة ذاتها!
2) التوجيهات الإسرائيلية لعميلها بشار الأسد بمنع القيام بمشاريع تنموية، لأن التنمية تُنتج الثروة، أي تنتج قوة الدولة وشعبها، وهو ما حرّمته إسرائيل على عميلها بشار الأسد!
3. تحويل المجتمع السوري من مجتمع أخلاقي مُبدع بنّاء تاريخيا منذ آلاف السنين، إلى مجتمع يحوي أعدادا متزايدة من المنحرفين الذين يخرجون بفسادهم عن مواطنين صالحين، إلى مواطنين فاسدين هدفهم الوحيد الكسب غير المشروع – مثل قياداتهم السياسية- دون العمل المنتج عن طرق الكسب الحلال المشروع!
4. سدّ طرق المعيشة الشريفة أمام المواطنين الشرفاء، ودفعهم لمغادرة البلاد للعيش والعمل خارجاً، وبالتالي:
1) زيادة نسب القابلين بالإنحراف والفساد، والمشابهين لرموز النظام من الأقرباء ومواليهم!
2) حرمان البلاد من خبرات وطنية حقيقية هي بأمس الحاجة إليها، مما يضطر الدولة دائما للإستعانة بخبرات وشركات أجنبية باهظة الثمن، تستنفذ ما يتبقى – بعد النهب- من أموال الوطن!
ولقد أدّت التشريعات المشبوهة التي أصدرها بشار الأسد وحكوماته – بناء على تعليمات إسرائيلية- ومثالها: تحرير الإستيراد والتصدير، تحرير أسعار السلع الأساسية، إلغاء الدعم عن المواطنين، رفع أسعار المحروقات، إضافة لمسلسل تخفيضات سعر العملة السورية، إلى سلبيات وطنية واقتصادية ومعيشية خطيرة نذكر منها:
• إغلاق وتوقف أكثر من 2500 مصنع للقطاع الخاص مُنتج وقائم قبل عهد بشار الأسد.
• تراجع زراعي فظيع أدى لاستيراد القمح لتغذية الشعب، بينما كانت سوريا أحد مصدري القمح عالمياً!
• تضاؤل فرص العمل، ورفع نسبة البطالة!
• تفاقم الغلاء بشكلٍ متصاعد دون توقف!
إن الأمور المذكورة لم يفعلها النظام الأسدي من نتاج عبقرياته الذاتية، وإنما هي نتاج إملاءات إسرائيلية صريحة صدرت عن مكتب متخصص ومتفرغ في الموساد الإسرائيلي لعمليات تخريب سورية تخريبا شاملا، إلى القصر الجمهوري الأسدي، فيقوم الأخير بإصدارها بصفة مراسيم جمهورية – بإسم الشعب العربي السوري – أو إصدارها بصفة توجيهات رآسية للحكومة القائمة أو أحد وزرائها، أو إلى أيّ من تشكيلات الدولة المرغوب تخريبها ومثاله الحكومة، مجلس الشعب، الجيش وقياداته، الهيئات والمؤسسات العامة، العقود الهامة في الدولة.... وهذا ما يجري في سورية بكل دقة منذ بداية الحركة المسماة زورا بالتصحيحية، وحتى هذه الساعة!
وهذا ما يُفسر فعلا الإنحدار الإقتصادي والإنتاجي والمعيشي والأخلاقي الشامل الذي أصاب سورية منذ بداية العهدين الأسديين، والذي انحدر أكثر بكثير خاصّة على عهد الخائن الغبي المُجرم القاتل لشعبه، والمحارب لوطنه، والعميل لإسرائيل - وإسرائيل بالذات- بشار الأسد!
وأذكر أنه قبل أيام أذاع تلفزيون BBC برنامجا كان موضوعه مناقشة الوضع السوري الحالي، وكان من ضيوفه إعلاميين عرب، وأحد إعلاميي إسرائيل الذي أجاب على تساؤل بجواب مضمونه:
إن إسرائيل قد لا تسكت على إسقاط بشار الأسد ونظامه، وقد تتحرك عسكريا لنجدته، لأن في بقائه بقاء إسرائيل!
وهذا كلام صحيح 100% يفسر ويعنون العلاقة الأسدية بإسرائيل منذ عام 1967!
يتبع في الجزء الثاني.
مراجعة شاملة ومختصرة للنظام الأسدي، والوطن والشعب العربي السوري جزء 1
المهندس سعد الله جبري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية