ناشط مستقل في مجال حقوق الانسان
يأبى هذا النظام المسعور إلا الاستمرار في نهش أجساد السوريين المنعتقين من ربقة استبداده وقهره ، التواقين إلى الحرية التي ماألفوها طوال حياتهم ، وقد قرروا الآن أنه آن الأوان لدفن هذا النظام الذي سرق أعمارهم وأرزاقهم وتفنن في انتهاك حقوقهم وآدميتهم .
يأبى هذا النظام المترنح أن يسقط دون أن يسقط معه الشعب السوري في هوة التناحر وأتون الاقتتال والتفكك ..
يأبى هذا النظام العاهر المصاب بكل عاهات العالم الدوني وأدرانه ، إلا أن يمعن في تدمير سوريا وخطف أرواح السوريين الذين تجرأوا على كسر حلقة الرعب التي كانت تزنر حياتهم .. وكلامهم .. وهمسهم ، فسوريا التي يراها هذا النظام البوليسي مجرد اقطاعية عائلية الناس فيها ليسوا أكثر من رعية يأكلون ويشربون وينامون ويتناسلون ليكونوا عبيد سخرة في خدمة إنماء ثروة ورفاه الحاكم ! .
(سوريا أنا ... وأنا سوريا ، وإن ذهبت أنا فلن تكون من بعدي سوريا .. ألم تكن سوريا منذ نصف قرن وحتى الآن سوريا الأسد ؟ فهي اذا لن تحيا بعد الأسد !! ) .
أليس هذا اليوم هو منطق الصراع الذي يخوضه نظام العصبة والعصابة ضد الشعب السوري ديدنه في ذلك الإفناء من أجل البقاء ...
وإذا كانت سوريا اليوم تتهاوى بقوة السقوط الحر نحو هاوية سحيقة ، وتغرق أكثر في مستنقع الدم ‘ فإن هذا العالم المتعاجز عن الفعل سيدفع ثمنا باهظا لذلك السقوط وارتداداته ... طالما بقي يتقاذف الأزمة السورية ككرة التنس في ردهات مجلس الأمن المعطل ليس فقط بالعناد الروسي الغبي الذي مازال يعتقد ببلادته المعهودة بامكانية الإبقاء على هذا النظام في سدة حكم سوريا وادارتها بعد كل هذا القتل والدم ليبقى راعيا لمصالح روسية ايرانية اسرائيلية متقاطعة ليس من بينها مصلحة الشعب السوري الباحث عن الحرية والخلاص و.. المستقبل ، وإنما أيضا باللامبالاة الأمريكية التي تدرك أن الإسهام في تغيير هذا النظام من شأنه أن يغير الملامح السياسية والاستراتيجية للمنطقة ... فهذا النظام الوظيفي تم تصنيعه ورسم أفق سياساته ليشكل درعا واقيا لأمن اسرائيل الاستراتيجي في المشرق عامة وبالتالي فليس ثمة حتى الآن مصلحة امريكية اسرائيلية برحيل هذا النظام .. وليس ثمة مصلحة أمريكية بتغيير ملامح الخارطة السياسية الحالية للمنطقة مالم تكن تلك المتغيرات تصب في السياق العام لخدمة تلك المصالح ..
فضلا عن أن تغييرا نوعيا بهذا الحجم في سوريا والمشرق سيشكل عامل دفع وتحفيز لكل شعوب تلك المنطقة وخاصة تلك التي ماتزال ترى نفسها حبيسة القهر والتخلف والحرمان الحقوقي والاجتماعي والسياسي لتحذو حذو السوريين ، وهو مايشكل خطرا على ممالك وأشباه دول لامكان فيها للمواطنة وحقوقها ، وهو مايفسر ذلك الإحجام والتردد والصمت المريب تجاه هذا الفتك العاري بالشعب السوري .
لقد أدرك الأحرار في سوريا أن تلك الشوكة المؤلمة المتجذرة في جسدهم لن تنتزعها إلا أيديهم المشحوذة بالعزم وإرادة التغيير والانتقال إلى ضفاف الحرية لبناء دولة القانون والمواطنة التي تحصنهم من الوقوع في شرك التناحر والاقتتال الأهلي الذي تدفع سلطة الاستبداد والقهر شعبها دفعا إليه عبر سياسات الترويع والمجازر والقتل الممنهج لتجعل من سوريا دولة آيلة للسقوط ترعب فيها العالم ومن حولها من الدول وتضعهم أمام خيار .. أنا أو الطوفان .
إن الجرح السوري المفتوح سيستجلب كل أنواع البكتيريا والجراثيم من قوى التطرف الديني والطائفي والمذهبي ... ومالم يدرك العالم أن تلكؤه عن حسم خياراته واتخاذه قرارا نهائيا بإغلاق هذا الجرح ومعالجته بما يحقق طموحات الشعب السوري الذي اتخذ قراره النهائي في الانعتاق من ربقة الاستبداد ونظام التسلط والاستئثار ، والانتقال بسوريا إلى مرحلة بناء الدولة الحقيقية لكل سورييها ... سوريا المتصالحة مع نفسها ومع محيطها والقادرة على الاسهام الفاعل والايجابي في مسار التطور والارتقاء العربي والانساني ... فإن سوريا ستكون مجرد دولة آيلة للسقوط في مستنقع الدم والتطرف والاقتتال الذي ستمتد رقعته وآثاره لتلقي بظلالها السوداء على المنطقة والعالم .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية