ليتساء كل عاقلٍ مفكّر لماذا استجابت قوات الناتو لدعم ثورة الشعب الليبي بسرعة وفعالية حتى تحقق لثورة ليبيا النصر؟ ولماذا لا زالت الدولة العُظمى – الولايات المتحدة الأمريكية – المشهورة بكثرة التدخل في كلِّ أمر ودولة في العالم – وصغير وكبير - في جميع أنحاء العالم منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، تمتنع عن التدخل الجاد ولو بإنذار جادّ غير تهريجي كالذي يتقوّله أوباما ووزيرة خارجيته؟
الجواب هو أن الولايات المتحدة بقياداتها هي الحليفة الأولى لإسرائيل في العالم! وهي لا زالت تمتنع عن التدخل في الوضع السوري بفعالية سياسية لإسقاط النظام - رغم فظاعة معالجته للثورة السورية، وعدد القتلى الذي تجاوز أحد عشر ألفا، ولا زال مستمرا بعشرات الشهداء يوميا؟ - وذلك لسبب أساسي هو أن الحكم السوري هو أيضا عميل وحليف لإسرائيل، فكيف تُهاجم جدّياً وتُقاتل السلطة الأمريكية حليف حليفها؟
أكرره: فكيف تُهاجم وتُقاتل السلطة الأمريكية جدّياً حليف حليفها؟ وهذه هي المسألة بجميع حقائقها وابعادها!
إن تصريحات أوباما وكلينتون بأن على بشار الأسد "التنحي" ما هي في حقيقتها ومضمونها إلا تهريجات سياسية سخيفة، لا فعالية لها، ومُعيبة بحق الدولة العُظمى أمريكا!!
ولنتساءل:
هل تعجز الولايات المتحدة الأمريكية عن توجيه إنذار مكشوف لبشار الأسد بالإستقالة ومغادرة البلاد خلال ثلاثة أيام مثلا، وإلاّ فستقوم بتسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي؟
وهل الولايات المتحدة الأمريكية تخاف من روسيا لأجل ذلك؟ لا، إطلاقا، فروسيا بالنسبة لأمريكا ليست أكثر من الصفر – على الشمال- حين تشاء ذلك، وما سماح أمريكا الضمني بتدخل روسيا في سورية إلا مناورة وتغطية للسكوت والجمود الأمريكي، لعدم إحراجها في التصدي الجاد للعميل الإسرائيلي بشار الأسد! بل إن هذا هو السبب الواضح في استقواء بشار الأسد وقتله الفظيع المُنكر لمواطنيه طيلة عام كامل!
إن الظروف الروسية الشاملة تجعلها عاجزة عن تحدي أي توجيه جدّي أمريكي، وهي تعلم كما تعلم جميع السلطات العربية، أن أمريكا تُهرّج – مُجرّد تهريج- بإعلانات تهريجية يُطلقها أوباما ووزيرة خارجيته من آن لآخر، وذلك لإسكات استنكارات ومطالبات الصحافة الأمريكية والرأي العام الأمريكي والدولي، للسلطة الأمريكية لأخذ دورها العالمي التقليدي الذي تمارسه منذ الحرب العالمية الثانية على جميع دول العالم! ولكن الإنتهازية والتبعية الأوبامية لإسرائيل "والأوبيك" الصهيوني في أمريكا هي التي تمنع الإدارة الأمريكية الحالية من تدخلٍّ سياسي جاد فعّال وشريف!
ويكفينا نظرة بسيطة لصورة أوباما مع ناتانياهو في جلستهما المشتركة أثناء زيارة ناتانياهو الأخيرة لواشنطن لنفهم من الصورة، أن "نتانياهو" هو الذي يُمثل دور القائد المُسيطر على لأوباما الذي يجلس جلسة مستكين مُطيع!
إنه السبب الوحيد – الوحيد – والسبب هو أن النظام السوري الأسدي هو عميل لإسرائيل بالذات منذ عام 1967 حين سلّمها الجولان، ومنع الجيش السوري من القتال! ثم أعاد تسليمها الجولان مرّة ثانية في حرب تشرين 1973، ولما كانت إسرائيل هي المُسيطرة على السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط كافة، فمن المستحيل أن تسمح إسرائيل لأمريكا – وللناتو – بالعمل الجادّ لإنهاء حكم حليفها وعميلها في سورية : بشار الأسد!!
والحقيقة المكشوفة لكلِّ ذي بصيرة: إن قرارات ومراسيم السلطة الأسدية في سوريا منذ عام 1970، إنما تُكتب في تل أبيب، وترسل إلى القصر الجمهوري السوري الأسدي، ليقوم بإصدارها بإسم الشعب العربي السوري! ولأغراض تخريب سورية وإفقار شعبها، وهذا ما هو حاصل في سورية منذ استلام بشار الأسد منصبه 1970، ولا زال حتى اليوم! ولنقولها بصراحة ومسؤولية وطنية وشخصية: إن إسرائيل هي التي تحكم وتتحكم في سورية، وذلك بواسطة عميلها بشار الأسد وأنصاره حاليا، وأبيه حافظ من قبله! وهذا هو التفسير المنطقي الوحيد، لما ارتكبه "آل الأسد" من تخريب سياسي واقتصادي ومعيشي وأخلاقي في سورية منذ عام 1970 حتى اليوم!
فمن كان يرضى من المواطنين السوريين المُخلصين الشرفاء بهذا الحال، فلينام في العسل، حتى يأتي دوره في القتل الأسدي/ الإسرائيلي، ومن كان رجلا حقا – لا مُجرّد ذكر – وطنيا شريفا أمينا لربّه، مخلصا لسورية وشعبها، فليبادر إلى ممارسة الحل الوحيد الضامن لإنهاء العهد الأسدي الإسرائيلي المتسلط على حكم سورية، والمُثبت بمئات البراهين التاريخية والمنطقية التي يُدركها كلّ عاقل لبيب، وشريف مخلص لوطنه وشعبه، بل ولنفسه ومصالحه، ولأولاده وأجياله فضلا عن أخوانه من ذات شعبه!
بعد الإطلاع على ما ذُكر من ارتكابات وخيانات – وهو نذرٌ قليل من كثير جدا جدا غيره، ولكن خطير جداً– وما تسبب به حتى الآن، وما سيتسبب به في مستقبل سورية وشعبها في حال استمرار الحكم – أو الإحتلال الأسدي - ليحتم التساؤل: هل هناك حلٌّ للشأن السوري، إلا إستمرار الثورة في جميع محافظات ومدن البلاد في وقت واحد؟ ومدّها من جميع المواطنين بالدعم البشري، والمادي – وهذه مسؤولية أغنياء سورية الوطنيين - { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } وذلك حتى إنهاء وإقصاء ومحاسبة قيادات النظام السوري الفاسد الخائن الحالي، وإحلال نظامٍ ديموقراطي شريف وأمين وهادف إلى تنمية البلاد ورفع مستوى معيشة شعبها، وإنهاء البطالة، وتحرير الجولان! ومعالجة الأزمات الكثيرة المتفاقمة التي خلقها النظام الأسدي الفاسد الخائن خلقا، تنفيذا لتوجيهات إسرائيلية محضة!
وليعود الشعب السوري إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي قانونيا وعمليا ومعيشيا، ويشعر بأنه مواطن حقيقي ذي كرامة، مالكٌ - مع غيره من المواطنين - بلاده وسلطة القرار فيها!
أخيرا، خلاصة النتائج:
لقد أثبت الحكم الأسدي كاملا ومنذ بدايته في عام 1967 عمليا / 1970 رسميا أن "الإحتلال الأسدي لسورية" طيلة أثنان وأربعين سنة، كان أكثر فظاعة وإجراما وتخريبا من الإحتلال الفرنسي لسورية طيلة استعماره لسورية نحو ربع قرن، وأنه ارتكب إجراما وتخريبا وتقتيلا أكثر مما فعلته ذات إسرائيل مباشرة مع المواطنين السوريين، بل وحتى الفلسطينيين!
يُضاف إلى ذلك أمرٌ أكيد ومحقق وهو خيانة الأسدين الأب والإبن خيانة دستورية وعسكرية ووطنية وقومية كاملة! ففضلا عن موضوع الجولان وبيعه وتسليمه لإسرائيل مرتين في عام 1967 وعام 1973، فلقد قام الحكم المذكور بتخريبٍ حقيقي لسورية تجسد في منع وتوقيف التنمية الوطنية توقيفا شاملا كليا – وهذا أخطر ما يُصيب أي دولة، وأي شعب- !! مما أدى إلى بطالة وإفقار تاريخي لأكثرية الشعب!! إضافة لتراجع تنموي واقتصادي ومعيشي وحضاري وثقافي شامل!! وهذا لا يخرج إلاّ عن خائن مُتسلّط يُمثل تحكّما إسرائيليا فعليا في الشؤون الداخلية والإقتصادية والمعيشية السورية، نفّذه حافظ الأسد، وتابعه وأكمله، وأفرط فيه، وفاقمه بشار الأسد، مما يُؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك بأن كلٍّ منهما ما هو إلا مجرد خائن عميل لإسرائيل بالتأكيد وبالبرهان المنطقي والعلمي والواقعي!
ولنعد إلى مراجعة الحل الوحيد الذي يُنقذ سوريا وشعبها ومستقبلها، ألا وهو قيام الجيش الوطني الحرّ، وجميع من يقدر من المواطنين الشرفاء المخلصين لربّهم ووطنهم وشعبهم، بسلسة اغتيالات يومية واسعة النطاق بحق جميع مسؤولي السلطة السورية من أعلاها في القصر الجمهوري إلى جميعها في الحكومة ومجلس الشعب والقيادة القطرية وضباط الجيش الخونة الموالين لبشار الأسد! وهذه هي وسيلة مقاومة الشعب ذي التسليح القليل والخفيف، مقابل تسليح النظام الذي يستخدم تسليحا عسكريا ثقيلا ضد الشعب ومظاهراته السلمية!!
وهذا هو الحل الوحيد، ولا حلَّ غيره! فإما هو الخلاص من نظام فاسد مُخرّب خائن، أو هو عبودية لقياداته وخونته إلى الأبد!
أما الأغبياء قصار النظر من ضعاف النفوس، والجبناء، أو عملاء النظام الأسدي، والمسمين أنفسهم بهيئة التنسيق! - وهو فعلا أسمٌ على مسمى – فمن ذا الذي يُنسّقون معه؟ - إلا نظام فاسد خائن يرفضه الشعب بما يشبه الإجماع، ولا يقبله ويُنسّق ويتعاون معه إلاّ خائن مثله، يريدون أن يفرضوا استمرار بقاءه على البلاد وشعبها عقودا – أو قرونا – من الزمن! في حين لا يقبل الشعب بأكثريته الساحقة إلا إسقاطه كلية ونهائيا إلى الأبد!
وهؤلاء معروفة عقوبتهم في جميع الشرائع الإلهية والقوانين العالمية الوضعية؟ ويجب أن ينالوا جزاءهم السريع من الشعب أسوة بقيادتهم الأسدية سواءً بسواء جزاءً وفاقا، وتجنبا لمزيدٍ من خداع المواطنين الطيّبين حسني النية! أويتوقفوا ويُعلنوا توبتهم ويتبرؤوا مما زعموه ووجهوا به، فأساؤوا للوطن والشعب والتاريخ، بل ولأنفسهم وكلّ من يتصل بهم!
الوطن، الشعب، الأسد، والحلّ الوحيد للسوريين / الجزء الخامس والأخير
المهندس سعد الله جبري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية