أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الشيخ راشد الغنوشي...لا بد من العودة فوراً ... د. عوض السليمان

دكتوراه في الإعلام - فرنسا


مرة أخرى تعود الحكومة التونسية إلى المراوغة ، للالتفاف على ثورة الجماهير وسرقتها لصالح دكتاتورية ابن علي، فاليوم قام الغنوشي، والمبزع بالاستقالة من حزب الرئيس المخلوع، في محاولة إقناع الشعب التونسي بنظافة أيديهما من كافة أشكال الفساد التي كانت في عهد الرئيس الهارب.
هل صحيح بالفعل أن استقالة الغنوشي والمبزع من الحزب الحاكم تعفيهما تماماً من المسؤولية عن حكم تونس؟ والسؤال الأهم، لماذا لم يستقل الرجلان قبل سنوات عدة؟، ألم يكن الغنوشي رئيس وزراء في حكومة فاسدة؟ أ لم يكن مثلاً مشرفاً على وزارة الداخلية التي تنكل وتقتل التونسيين وتزج بهم في غياهب السجون؟ ألم يكن مسؤولاً عن وزارة الاقتصاد ؟، ولماذا انتحر شبان تونس؟ أليس من الفقر والبطالة وعدم الشغل والاضطهاد والتنكيل الذي كانوا يتعرضون له صباح مساء؟، هل كان زين العابدين المسؤول الوحيد عن كل هذه الجرائم، بينما كان محمد الغنوشي مثلاً منقطعاً للصلاة والصيام والتزهد؟.
الأعجب في تصريحات الرجل أنه أجاب على سؤال حول الشائعات التي تقول أن ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس الفار، هي التي كانت تقود تونس فعلياً، قائلاً: هذا ما يتهيأ لنا.
الحقيقة يحار المرء كيف يعلق على هذه الإجابة المعيبة، هل يعني أن رئيس الوزراء الغنوشي وهو من أهم رجالات بن علي لم يكن ليعلم ما يدور في بلد هو رئيس وزراءه؟، هل كان يغط في النوم؟ فلا يعرف أحوال الشعب التونسي ولا أحوال القصور التونسية؟، أم أنه اليوم لا يقول الحقيقة ويتهرب من واجباته تجاه الشعب الثائر؟. وكلا الأمرين مر، لأنه إن كان لا يعرف فكيف قبل على نفسه أن يكون رئيس وزراء ويستمر في منصبه حتى اليوم، فا لأشرف أن ينسحب من السياسة والحكم، وينقطع فعلاً للعبادة نادماً على جهله ببلده. أما إن كان يعرف ويتهرب من الحقيقة فإن المصيبة أعظم، ولا بد من محاسبته كما لا بد من محاسبة كل أركان النظام القديم، الذي اختزل البلاد في عدة أشخاص ينهبون قوت الناس في تونس.
ليس فحسب، فقد ثبت لنا أن الغنوشي هذا، لم ينحز للشعب حتى الآن ، بل ولم يلتزم بما وعد به من أن الحكومة المؤقتة ستمثل أطياف الشعب كافة، فقد استبعدت الحكومة الجديدة، أحزاب المعارضة غير المصرح بها، وهذا تثبيت واضح لدعائم الدكتاتورية المخلوعة، وليس هناك على ما يبدو رغبة لدى الغنوشي وأصدقائه بإحداث تغيير حقيقي في البلاد.
كما تفاجأت أيضاً، بإشارته الغريبة إلى زعيم حركة النهضة الإسلامية المحظورة، الشيخ راشد الغنوشي، فقد قال رئيس الوزراء أن راشد الغنوشي لن يتمكن من العودة إلى تونس ما لم يصدر قانون عفو يسقط حكم السجن مدى الحياة الصادر بحقه عام 1991.
أ ليس هذا الكلام فضيحة بكل المقاييس، فمن الذي أصدر حكم السجن، أليس زين العابدين الهارب في السعودية، أ لم يسقط نظام زين العابدين، فكيف تبقى هذه الأحكام الجائرة بحق الغنوشي الشيخ؟، وكيف يقول رئيس الوزارة التونسية أن الشيخ لن يتمكن من العودة إلى بلاده بناء على قرار إرهابي صدر من الرئيس الفار ضده فقط بسبب معارضته للنظام؟. هذا في الوقت الذي عاد فيه السيد منصف المرزوقي إلى تونس. أفلا نتساءل لحساب من ترفض عودة الغنوشي إلى بلاده، أم أن هذا إرضاء للغرب، من خلال التأكيد لهم أن الغنوشي لن يعود إلى بلاده وأن الإسلاميين لن يصلوا إلى الحكم يوماً.
الأهم من هذا كله، أن يسمع الشيخ الغنوشي نصائح من ينصحه بالعودة الفورية إلى تونس، ونحن منهم بالطبع، وإنني أعتقد أن على الشيخ الجليل، أن يعود اليوم قبل غد إلى بلاده وليفعل النظام ما يشاء، وهو لن يفعل شيئاً، فهو اليوم أضعف من أن يواجه إرادة الجماهير، وأعتقد أن الوزير الأول لن يجرأ لا هو ولا وزير داخليته ولا رئيسه على إصدار أمر باعتقال الشيخ راشد، بل سيرضخ للأمر الواقع وسيدخل الشيخ منتصراً بإذن الله.
ولهذا فإنني أكرر النصح لراشد الغنوشي حفظه الله بالعودة إلى تونس، ولعمري فإن الحكومة التونسية أجبن اليوم من أن ترفع بصرها إلى وجهك. فتوكل على الله، إذ عليك اليوم واجب تجاه الشعب التونسي لا بد أن تقوم به، ولا بد أن تشارك بإعادة الحق إلى نصابه في بلادك، وألا تترك الحكومة الجديدة تلتف على انتصار الجماهير وتسرقه منها، فيعود القهر والإرهاب إلى بلد بدأ يتذوق طعم الحرية. وإن قبض عليك أيها الشيخ، ولن يحدث، فإنك على درب ابن تيمية وأحمد ومالك وغيرهم كثير ولا تنس قول الله الكريم: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

(100)    هل أعجبتك المقالة (100)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي