بلغ عدد المرشحين لمسرحية الانتخابات الرئاسية في سوريا، حتى اليوم، 18 مرشحا، من بينهم ثلاث نساء وكردي، وربما يزيد عدد الحالمين، بدور ثانوي أو كومبارس، بتلك المسرحية، قبل أن تنتهي مهلة تقديم الطلبات في 28 نيسان/ابريل الجاري، لنشهد عرضاً ديمقراطياً، بالخارج في 26 من شهر أيار/مايو المقبل، وعرساً بالداخل في 20 من منه.
من أدنى درجات الفطنة ربما، ألا نقع بفخ التطرّق للمرشحين، من هم وماهي أرصدتهم ولا حتى لماذا ترشحوا، إذ مجرد أن ترى صورة بشار الأسد خلف صورة لمرشح أو إنهاء منشور لآخر بـ"سوريا الأسد"، ستعي سطحية المكيدة وسوء إخراج اللعبة.
بيد أن ما يجب الوقوف عليه، للتاريخ على الأقل، هي بيانات من تسمى أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التسعة، والتي أجمعت وأيدت ترشيح بشار الأسد، وأصدر كل من الأحزاب على حدة، بياناً فضحوا خلاله محبتهم للأسد وأسباب تأييده ومن ثم دعوتهم "الأعضاء والجماهير" للتصويت له.
ولأن الوضع الداخلي من السوء والإساءة ما يمنع "الأمناء العامين" التعتيل عليه أو المتاجرة به، بعد طوابير الجوعي ومشاهد الذل، وجدت الأحزاب بـ"الصمود والتصدي" العباءة الواسعة والشماعة التي تقبل، كل الخيانات.
فوجدنا وريث خالد بكداش بما يسمى الحزب الشيوعي السوري، قد اختصر ذلّه بـ"دعما لاستمرار الصمود الوطني السوري المشرف في مواجهة العدوان الاستعماري" في حين تفتقت عبقرية صفوان القدسي، صاحب دكانة "الاتحاد الاشتراكي العربي" بمقولة ستُتعب من بعده المتملقين: "بشار الأسد .. ليس من أحد غيرك" عنوَن خلالها بيانه، ليرى صفوان سلمان رئيس المكتب السياسي لحزب "السوري القومي الاجتماعي" أن بشار الأسد "قاد بثبات وإصرار المعركة الوطنية الكبرى في مواجهة الإرهاب وقادة صمود ووحدة المجتمع السوري في تلك المواجهة بحكمة القرار وجلاء الرؤية وقوة الإرادة" من دون أن يقول لأعضائه الذين يزيدون عن سعة باص أخضر كبير، كيف كانت المواجهة وإلامَ انتهت.
وعلى هذه الشاكلة، تسابق الرفاق في تقديم الطاعة، فالمرحلة بنظر غسان عبد العزيز عثمان، أمين عام حزب العهد الوطني، تتطلب "امتلاك المزيد من الوعي والالتزام بالثوابت الوطنية وبالمشروع الوطني الذي عمل ويعمل على إنجازه "قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد"، وغاب عن المشهد "حركة الاشتراكيين العرب" بسبب تعليق العضوية منذ عام.
قصارى القول: لم يزل حتى اليوم، احتمال المفاجآت والتدخل الدولي قائماً، لمنع وريث أبيه منذ ثلاثين سنة، الاستمرار بسبع عجاف أخر، أو حدث داخلي خارج عن التوقع، يغيّر من خطة تدمير ما تبقى من سورية ويوقف تحوّلها كاملة، لدولة فاشلة، يصعب على الجميع لملمتها بعد ذاك أو تحويط تطاير شررها. إذ إن ملفات جرائم الأسد، وما استخدم خلالها الأسلحة الكيماوية تحديداً، تفتح بتتابع، وليس من الغرابة أن نسمع عن قرار، ولو من قبيل تأجيل أو إلغاء الانتخابات، بواقع التصعيد بين الأقطاب والذي ربما، يكون رمي ورقة بشار الأسد، بعض تسوياتها، لتهدئة أو صفقة لا يكون فيها للصغار حساب ولا وزن قوّة.
وذلك، رغم الخشية من أن يعيد تاريخ 2014 نفسه هذا العام، ويكتفي العالم الديمقراطي بالبيانات والفتوحات القولية، من قبيل فاقد للشرعية وانتخابات باطلة، واستمرار المعارضة، منزوعة الأظافر والصلاحية، بالتهكم حيناً والندب والتشكّي، بقية الأحايين.
ليكون السوريون والعالم، أمام حدث هو الأكثر فُجْرًا على مرّ التاريخ، لن تسجله اسبانيا فرانكو ولا روما نيرون، بعد أن تصدّر بشار الأسد قائمة قتل شعبه وتهجيرهم وبيع حاضرهم ومستقبلهم، وفتح سقفاً جديداً، علا أي عرف أو ذريعة، أو حتى سقف قانون، يمكن لدعاة الحرية والديمقراطية بعد اليوم، التشدّق بها.
نهاية القول: لن يشعر بالألم وهول بقاء بشار الأسد على كرسي أبيه، إلا السوريون الذين كابدوا جميع أشكال الذل والجوع والكبت، ولن يدفع ثمناً كمثلهم أحد، إن "انتصر" الوريث باستمرار حكم الأسرة أكثر من نصف قرن، لأن الانتقام سيتسمر ممن أكدت الأحداث، مرضه وثأريته، ويستمر بيع وتأجير الوطن، ليؤمّن المفلس اكسير البقاء، ولو للقصر والأمن والجيش العقائدي.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية