رغم توجسي وحرصي الدقة وتقاطع أكثر من مصدر، قبل نشر قضية خلافية أو "معلقة" إلا أني وقعت، تحت ضغط الوجع، بفخ نشر صورة، قيل إنها للمقدم "حسين هرموش" قائد لواء الضباط الأحرار، الذي انشق عن جيش الأسد في التاسع من حزيران يونيو/2011 وتم تغييبه، بعد تواطؤ من ضابط تركي وتسليمه لأمن نظام الأسد، بعد اختطافه من أمام مخيم الضباط في أيلول سبتمبر العام نفسه، ونقلت مصادر عدة أن نظام الأسد أعدمه، أو قتل تحت التعذيب، نهاية عام 2012.
وحينما وصلني تسجيل صوتي من أخي "هرموش"، سحب منشوري، رغم التأكيدات أن المقدم "هرموش"، قتل منذ ثماني سنوات، وترجيح كثيرين، أن الصورة المسربة ضمن صور "قيصر" له.
تكررت الحالة مراراً، كان آخرها أمس، حين نشر بعض أصدقاء الكاتب "عدنان الزراعي"، صورة قيل إنها له، من ضمن الصور التي تسربت عن الضابط صف المنشق "قيصر" ومن ثم، سحب البعض الصورة والمنشور والبعض الآخر تركها مع بعض تشكيك وربما أمل بأن يكون "الزراعي" على قيد الحياة.
قبل أن نسأل عن حق النشر ومن له الصلاحية أو الرفض، ربما من الضرورة التذكير، أن الصور التي وثقها "قيصر" تعود لما بين أيلول سبتمبر/2011 وآب أغسطس/2013.
بمعنى كل من اعتقل وتم تغييبه بعد ذلك التاريخ، لا صور مسربة تؤكد أنه على قيد الحياة أو قتل تحت التعذيب.
وأيضاً، 55 ألف صورة لنحو 11 ألف قتيل تحت التعذيب، هي فقط بين التاريخين السابقين، أي ربما أضعاف مضاعفة للقتلى والصور، لم تزل بخانة الأسرار وقد يأتي "قيصر" آخر ويفضح مزيداً من إجرام الأسد، وقد لا يأتي.
السؤال الآن وبعد إعادة النشر لصور "قديمة" سبق لمعظمها النشر.
هل يحق لكل سوري أن ينشر الصور أو يدلل على أصحابها، لطالما الجريمة قامت بها "الدولة" ما يضعها بموقع "قضية رأي عام"؟!
أم، وخاصة بحال عدم التأكد والتأكيد من ذوي أصحاب الصور، أو معظمها، لا يحق إلا لأهل القتيل نشر الصورة، لئلا يساهم الناشر بنكء الجراح وتبديد أمل ربما تعيش عليه أم مسنة أو طفل يحلم يوماً بنداء بابا.
ربما يجوز بالأمر، على حساسيته، الوجهان.
بمعنى يحق للسوريين نشر الصور إن كانت لهدف وغاية، من ضمنها فضح عصابة القتل بدمشق وتحريض القانونيين، لإيجاد طريقة لتشكيل محكمة جنائية دولية، يجر إليها القتلة، خاصة بعد الأمل بمحاكمات ألمانيا وفرنسا والسويد.
وربما عدا تلك الاستراتيجية، يبقى نشر الصور من حق الأهل وحدهم، رغم الرأي الوجيه الذي يقول: قتلانا قضية رأي عام ومن حقنا نشر الصور وفضح إجرام نظام الأسد، لأن الوجع وخيبة آمال آل المعتقلين، أهم من سبق صحفي أو والتعبير عن الحزن.
نهاية القول أمران، الأول أن عصابة الأسد لم تتوقف يوماً عن الاعتقالات والقتل، حتى من صدّق "المصالحات" والرعاية الروسية، ما يعني عشرات آلاف القتلى السوريين لم يكشفهم "قيصر".
ورغم ذلك، يقفز مؤيدو الأسد و"دعاة الديمقراطية" حتى على اسم القانون، ويرمون بتفقير الأسد وإذلاله السوريين، على قانون لم يغيّر، حتى اليوم على الأقل، من أرقام الفقر والبطالة وحالات التهديم الاجتماعي والأخلاقي التي اعتمدها الأسد الابن، تتمة لسياسة أبيه.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية