هامش رقم 1: بلغت قيمة صادرات تركيا عام 2018 قرابة 170 مليار دولار، أي نحو 15 ضعف الناتج المحلي الإجمالي لحكومة الأسد وأكثر 18 ضعفا للموازنة العامة السورية لعام 2019.
بل وتصدر تركيا، ومرحب بسلعها، بأكثر من 110 دول حول العالم، بسبب رخص السعر وجودة السلع، وكل الصادرات التركية، تخضع لرقابة شديدة ومنذ المصنع، وليس في مصلحة تركيا أن تسيء لما تعول عليه بإدخالها نادي العشرة الكبار بعد أربع سنوات.
هامش رقم 2: أفلس نظام بشار الأسد بتأمين أبسط السلع والمنتجات اليومية الضرورية للشعب بالداخل، ولعل بحوامل الطاقة مثالا وبمقايضة الخضر والفواكه السورية بالقمح الروسي مثالا آخر وبالغلاء وشح العرض السلعي، أمثلة ماثلة ولا تنتهي.
لماذا نعرض هذين الهامشين، وهل نطرب كسوريين لفقر وحاجة أهلنا، أو نفرح لقوة الاقتصاد التركي، أكثر من الأتراك، وخاصة إن تم بناء بعضه على حساب اقتصادنا ومعيشة أهلنا.
بالتأكيد لا، بل أردنا "الهامشين" كنقطة انطلاق، للرد على "عذر أقبح من ذنب" بدأ يتعالى صوت مطلقيه بسوريا الأسد، مفاده باختصار، أن الاقتصاد التركي يعتمد بصادراته على السوق السورية، بل ويصدر سلعاً مخالفة للمواصفات، وبعضها فاسد وغير صالح للاستهلاك البشري.
وليستوي القول، وقبل أن نفنّد بعض ما يجري ويتعاظم، نشير إلى أن في مصلحة تركيا التصدير لسوريا، ولاعتبارات كثيرة، اقتصادية واجتماعية وربما سياسية، بل وثمة مغريات بالسوق السورية، أهمها الجغرافيا وقلة تكاليف التصدير. ولكن، سلعاً مخالفة، فهذا وفق معاينتنا للواقع التركي، أمر محال وليس بقاموس الأتراك الذين يزاحمون الكبار، أن يدرجوا التدليس والغش...وهنا، قد يكون من ثغرة لها علاقة بالمنشآت السورية المرخصة بتركيا.. ولكن هذا ليس موضوع بحثنا اليوم.
يا سيدي، ولئلا نحكم بالإطلاق، على أن جميع مصدري تركيا "ملائكة" ربما بعضهم يستغل حاجة السوق السورية وقلة الرقابة ربما على الحدود البرية المشتركة، أو سوء التخزين وعدم وجود شروط نقل وتخزين صحية، ما أوجد سلعا تركية مخالفة للمواصفات، ولكن أن تعرف القيادة الحكيمة بسوريا الأسد، بوجود تحضير ومؤامرة، تعدهما تركيا لتصدر سلعاً فاسدة للسوق السورية، فذاك "شوي مبهبط" أو ربما له بعض التفاسير، عدا احتمال طول قرون حكومة الأسد الاستشعارية لدرجة التقاط الفعل قبل حصوله.
ومن التفاسير، احتمال أن نظام الأسد مخترق لمديريات التصدير وغرف التجارة التركية، ويعلم ما سيفعلون قبل أن يفعلوا، أو ثمة مهربين يعملون "عملاء مزدوجين" مع نظام الأسد والتجار الأتراك، أو ربما بعض المنجمين اللبنانيين، وسعوا نبوءاتهم لنظام الأسد، وبدؤوا يكشفون له عن نوايا الأتراك الاقتصادية.
وإلا، كيف تورد وسائل إعلام أسدية "وردت إلى الإدارة العامة للجمارك معلومات تفيد بوجود أغذية فاسدة معدّة للتصدير تهريباً من تركيا إلى سورية، وهي مجهزة داخل مستودعات تجميع في بلدة (سرمدا) التابعة إدارياً لناحية (الدانا) منطقة حارم في محافظة إدلب، وهذه الأغذية الفاسدة هي لحوم الفروج والأسماك التركيّة الفاسدة".
بل وهاكم المزيد للإمتاع والمؤانسة "الجمارك علمت أن أعدادا هائلة من قطعان الفروج النافقة والتي لا تصلح للاستهلاك البشري تم تحضيرها وإعدادها ليتم تهريبها إلى الأسواق السورية وطرحها في الأسواق المحلية بأسعار رخيصة جدا، بعد تزوير مدة الصلاحية لمدى زمني طويل".
ولأنهي لكم بنكتة، تعيش حكومة بشار الأسد الحالة بكل تفاصيلها، بل وعقد فريق عمل حكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء عماد خميس ورشة عمل، لوضع خارطة طريق متكاملة المهام والمسؤوليات لإعلان سورية، دولة خالية من المواد المهربة في مدى زمني أقصاه نهاية العام الجاري.
ما يعني عزيزي القارئ، ما عليك سوى الانتظار حتى نهاية العام، لترى أرزاق آل الأسد وصحبه مقطوعة، فلا بالة بسوريا "البالة غير مسموح باستيرادها حتى اليوم رغم وجود محال قرب مبنى وزارة الاقتصاد"، ولا دخان أجنبي ولا عطور ولا أجهزة كهربائية...بل ولا حتى أدوية مهربة.
قصارى القول: عاودت حكومة بشار الأسد، شن حملة على الإنتاج التركي وملاحقة المنتجين والتجار لضبط أي سلعة تركية أو منتج نهائي داخل بصناعته مادة أولية تركية، بل وعمم اتحاد غرف التجارة السورية، منع القطاع الخاص من استيراد أو شراء أو قبول أي عرض يتضمن أي مواد أو بضائع أو تجهيزات ذات منشأ تركي وتعميم غرف التجارة تلا تعميماً حكومياً صادرا منذ 2015، تم توزيعه على جميع الوزارات والجهات العامة والقطاع المشترك، بمنع استيراد أو شراء أي مواد أو بضائع وتجهيزات ذات منشأ تركي. كما تضمن التعميم الحكومي وقتذاك، عدم قبول العروض التي تتضمن مواد أو بضائع أو تجهيزات يدخل في تركيبها أي مكون تركي، وذلك في المناقصات أو طلبات العروض وغيرها التي تُجرى لتأمين حاجة هذه الجهات.
وجاء التعميم إثر إصدار بشار الأسد في 29 آذار عام 2015، مرسومًا تشريعيًا بفرض رسم بنسبة 30% على كل المواد والبضائع ذات المنشأ والمصدر التركي المستوردة إلى سورية، ما يمكن اعتباره، مخالفة للاتفاقات الموقعة بين البلدين، وخاصة اتفاقية منطقة التجارة الحرة التي ألغت الرسوم على مراحل منذ عام 2004، وصولاً لإلغاء كامل الرسوم عام 2007 ومن ثم المجلس الاقتصادي المشترك عام 2010.
نهاية القول: لن نذكر رئيس النظام نفسه، بأنه من فتح سوريا لتركيا عام 2010، طبعاً وقت كان بسوريا ما يغري، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين حينذاك، نحو 3 مليار دولار، لم تزد نسبة الواردات التركية من سوريا، منسوبة لمجمل الواردات التركية أكثر من 0،03 %، أي تنبهوا أبواق الأسد الإعلامية واعرفوا أساساً من باع سوريا وقت كان فيها ما يباع.
وأيضاً، تريثي جوقة التطبيل الأسدي التي تأخذ من الاقتصاد والادعاء مصلحة السوريين عذراً، فأكثر من 20% من المواد الغذائية بدمشق، هي إنتاج تركي وأكثر من ذلك بالنسبة للملبوسات.
وتلك الواردات لا تدخل، كما يقال لكم، تهريباً من باب الهوى وإدلب، بل يتم إدخالها عبر تجار الأسد، إن عبر المناطق المحررة أو دول الجوار "ببساطة يوجد أكثر من 100 حاجز بين المناطق المحررة ودمشق، فكيف تمر كل تلك الكميات دون علم الجمارك والنظام".
جميل أن تدافعوا، أو تدعوا الدفاع عن صحة المواطن وحماية الاقتصاد، ولكن الأجمل، أن تؤمّنوا للسوريين لقمة عيشهم بعيداً عن الذل والمساومة...والأكثر جمالاً أن تعوا الحقائق ولا تكونوا أغبياء.
*من كتاب زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية