ثمة سؤال، بدأ يتعالى صوت طارحيه أخيراً، بعد أن دخل التجويع ومحاولات إذلال سوريي الداخل، طور ما قبل الانفجار بهمسة، مفاده باختصار "أيخرج السوريون في الداخل بمظاهرات، ولو من قبيل إسقاط المحافظ".
وتباينت الإجابات أو، بصيغة أدق التوقعات، فالبعض رأى أن الوقت، جد مناسب، ليعبر السوريون عن سخطهم، بعد أن وصل العوز بهم، حد التسوّل، فالدخل لم يزل، وبقصدية وتصميم، عند حدود 40 ألف ليرة، وفاق الإنفاق ووفق مراكز بحثية بدمشق، عن 240 ألف ليرة، لأسرة مكونة من خمسة أشخاص، وتعيش بالحد المقبول.
وزاد من ترجيح أنصار رأي "انفجار السوريين" أن ثمة شماعة يمكن التعليق عليها اسمها "حكومة" بمعنى، أن القيادة الحكيمة بعيدة، بل وفوق أي نقد وتحميل مسؤولية، فكما يقال "الرئيس كويس ولكن من حوله عرصات".
وذاك، رغم يقينهم، أن المساعد "بوعلي" يملي على الحكومة ما يشاء، بل ويأمر بكل ما فيه مصلحة الوطن وإفشال المؤامرة الكونية التي استهدفت القائد.
بمعنى آخر، هل ما يحدث بسوريا الأسد، من ارتفاع الأسعار بأكثر من 1200% وتثبيت الأجور، وشح حوامل الطاقة بطقس تزيد برودته عن الأمل بصحوة شعبية، بل ووقوف السوريين ضمن طوابير المنتظرين، يمكن أن يتمخض عنه، انتفاضة سورية، خاصة بعد سقوط كل المقولات والبدع وطرائق التخويف، التي استخدمها نظام العصابة وصدقها المغفلون؟!
على الأرجح، لن يحدث أي ردة فعل داخل سوريا، بل ومن المحال والحماقة، التعويل على صحوة أو ثورة من الداخل على نظام الأسد، ولعل الأسباب أكثر من أن تعد وتُحصى.
ففضلاً عن أن الثورات، عادة تقوم لخلل بالشرعية أو لفقدان الأمل، وليس لأسباب معيشية يمكن للقائد الفذ، أن يحلها بقرار، طبعاً إن علم بالأمر، فمن حوله -العرصات كما نعتناهم- يخفون عنه حقيقة الشعب ومعاناته.
كما تستبعد أي انتفاضة بالداخل، لأن قمع الثورة وانتهاك الأعراض وقتل الأطفال وإبادة السوريين، أعطت من الدرس، لسوريي الداخل، ما يكفي ليصبروا على المر، خوفاً من الأكثر مرارة.
نقطة فصل، هل ما يجري من تجويع وانتهاك وترك الشعب لمصيره المذل، يتأتى عن حصار خارجي وقلة سيولة وحيلة لدى حكومة الأسد؟!
بمعنى آخر، ألا يستطيع القائد أن يؤمّن المازوت والغاز عبر حلفائه بطهران وموسكو.
بل وأكثر من ذلك، هل من الصعب، استخدام الأموال المنهوبة، لآل الأسد ومخلوف، والتي تكفي الشعب السوري ورغم كل عقابيل الحرب، أن يعيشوا برفاهية أكثر من أهل الدانمارك والنرويج؟!
وخاصة، أن ثمة ملامح لانفراج العزلة والحصار، بواقع التهافت على التطبيع وإعادة إنتاج النظام، وأي حل لمعاناة السوريين، سيحسب للأسد ويزيد من رصيده كقاهر المؤامرة والمنتصر على الحرب الكونية.
أعتقد شبه جازم، أن كل، أو جل ما يجري، إنما بقصدية وتخطيط، أول رسائله، التجويع والحصار، ليلتهي الشعب عما جرى وسيجري، وربما منه، التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وإن عبر وسطاء وبشكل غير مباشر.
وأيضا، ليبقى الشعب السوري بموقع المقارنة، بين أمان حضن الأسد، وجحيم "الإرهابيين" الذين قالوا لا لـ"سيد الوطن"، هذا إن لم نأتِ على المغيبين الذين سيبقون إلى جانب سيدهم حتى لو ماتوا "خوزقة" بعد أن أشعل بدواخلهم، من الثأرية والحقد، ما يضمن بقاءهم عبيداً إلى يوم يبعثون.
نهاية القول: من الحماقة ربما، الانجرار وراء بيانات الفنانين الأذلاء أو الاسترشاد بها، للبناء على انتفاضة بردانين، وهم -الفنانون- لم يحركوا ساكناً وقت حدث أفظع وأكثر رعبا، أو التعويل على من صمت من رأى أمه وأخته ينتهك عرضها، ورأى الأطفال أشلاء يحملون، بل وعاين مجازر بأسلحة محرمة لم يستخدمها سوى سيدهم تجاه أهلهم ومن ناب عنهم بقول "لا للظلم".
فكيف بعد ذاك، يعول على هؤلاء بثورة من الداخل، بعد أن تسلحوا بمظلات، يرفعوها كلما سمعوا أن السماء يمكن أن تمطر حرية؟!
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية