*جلّ الذين أصدرت الإمارات أحكاما بحقهم بتهم الانتماء إلى "تنظيم سري".. تم إدراجهم على قوائم الأسد
*عندما يكون معظم "المغضوب" عليهم إماراتياً هم من "المغضوب عليهم" أسدياً، فعلينا أن نبحث عن مدى وعمق التنسيق
قد يبدو إعلان الإمارات إعادة فتح سفارتها لدى نظام الأسد أمرا مستهجنا أو شاذا، ولكنه في الحقيقة ليس سوى خطوة في السياق "الطبيعي" لعلاقات حكام هذا البلد ومصالحهم المتداخلة مع عائلة الأسد منذ عقود.
وتكفي نظرة على أرشيف المطلوبين الإماراتيين من قبل مخابرات الاسد، ليتضح هذا التداخل من 3 جهات، أولا قلة عدد المطلوبين قياسا بغيرهم من الجنسيات، وبالذات الخليجية، وثانيا تطابق أسماء المطلوبين لدى نظام الأسد مع أولئك المطلوبين و"المغضوب عليهم" لدى حكام الإمارات، وثالثا تزامن إصدار كثير من المذكرات بين نظامي دمشق وأبو ظبي؛ ما يوحي بأن لائحة المطلوبين الإماراتيين لدى مخابرات الأسد، ليست سوى نسخة مرسلة من المخابرات الإماراتية، أو ربما العكس.
*أكاديمي وشيخ
يتوقف نصيب مواطني الإمارات العربية المتحدة من مذكرات المخابرات الأسدية عند 187 مذكرة، وبذلك تعد الإمارات من أقل دول الخليج في عدد المذكرات نسبة إلى عدد السكان، فالكويت التي لايتخطى عدد سكانها ثلث سكان الإمارات هناك نحو 680 مذكرة بحق مواطنيها، والبحرين التي يمثل سكانها نحو عُشر سكان الإمارات هناك 122 مذكرة أسدية بحق مواطنيها.
ومن أصل 187 مذكرة بحق حملة الجنسية الإماراتية هناك 51 مذكرة اعتقال، من أبرز من استهدفتهم العقيد محمد أحمد العبدولي، الذي خاض معارك ضارية في صفوف الثوار ضد نظام بشار وقواته، وكان له -بحكم خبرته العسكرية- مشاركات فاعلة في تحرير مساحات واسعة، وقضى في معركة تحرير الرقة، مطلع آذار/مارس 2013.
وفي 2015، اعتقلت السلطات الإماراتية ابنتي "العبدولي" وأحد أبنائه (ضابط تم تسريحه من الجيش)، ما أثار استياء واسعا لاسيما أن اعتقال ابنتي الرجل الراحل جاء أشبه بعملية خطف، كما إنه تعدى الخطوط الحمر للمجتمع التي ترفض المساس بالنساء.
ولم تكتف السلطات بذلك، بل اعتقلت بعد فترة الابن الأكبر للعبدولي ليلحق بشقيقه وشقيقتيه، مثبتا من جديد أن اعتقال الأقارب سلوك مشرعن لدى الأجهزة الأمنية الإماراتية، تكرر في أكثر من قضية، ما جعل هذه الأجهزة تتشابه في هذا الوجه مع مخابرات الأسد.
ومن بين الإماراتيين المدرجين في سجلات مخابرات النظام، نجد اسم "عيسى خليفة السويدي"، الأكاديمي المعروف الذي كان يتولى مدير منطقة أبو ظبي التعليمية، وسبق للسلطات الإماراتية أن اعتقلته، ثم اعتقلت 3 شقيقات له بسبب مطالبتهن بالإفراج عنه.
ويصنف "السويدي" ضمن نطاق "معتقلي الرأي"، وهو يعد من بيت أبرز الكفاءات الإماراتية في مجال تطوير التعليم.
ومن الذين خصتهم مخابرات الأسد بمذكراتها كذلك، المواطن الإماراتي "سلطان كايد القاسمي"، الذي يترأس جمعية ذات طابع إصلاحي، وهو ما جر عليه الاعتقال من قبل السلطات الإماراتية، مع عشرات من أمثاله.
و"القاسمي" من أسرة عريقة وذائعة الصيت (أسرة شيوخ) تتولى حكم إمارة "رأس الخيمة"، وأكاديمي مشهور، أسس وترأس جامعة الاتحاد، ويصفه البعض بـ"شيخ معتقلي الرأي" في الإمارات، وهو نزيل المعتقلات منذ 5 سنوات ونيف.
*ليس صدفة
وإذا كان من المثير وجود نساء يحملن الجنسية الإماراتية ضمن مذكرات مخابرات الأسد، فإن ما لفت "زمان الوصل" أكثر وهي تستعرض هذه المذكرات، أن جلّ -إن لم يكن كل- الذين أصدرت الإمارات عام 2013 أحكاما بحقهم متهمة إياهم بالانتماء إلى "تنظيم سري".. تم إدراجهم على قوائم مخابرات الأسد، وفي نفس العام.
ففي صيف 2013 أصدرت السلطات الإماراتية أحكاما على عشرات المواطنين، بفترات سجن متفاوتة، منها 15 سنة بحق 8 متهمين، و10 سنوات تعقبها 3 سنوات مراقبة بحق 56 معتقلا، و7 سنوات بحق 5 معتقلين آخرين، كلهم اتهموا بالانتماء إلى "تنظيم سري"، ليبلغ مجموع المحكوم عليهم 69 معتقلا، كلهم مدرجون بالاسم الكامل على قوائم الأسد!
وسارعت مخابرات الأسد وفي نفس العام (2013) لمسايرة هذه الأحكام وإصدار مذكرات بحق الـ69 معتقلا في الإمارات، وهذا التطابق التام والمسايرة الزمنية بين قوائم النظام وقوائم السلطات الإماراتية يثير أكثر من تساؤل عن تواصل أجهزة المخابرات في البلدين، رغم القطع العلني للعلاقات بينهما.
ويكفي لحل هذا اللغز أن نعلم أنه من أصل 187 مذكرة أسدية بحق الإماراتيين هناك 94 مذكرة صدرت عام 2013، نفس عام محاكمة الناشطين الإماراتيين، و94 هو نفس الرقم الذي رمز إليه في الإعلام في قضية محاكمتهم، حيث سميت القضية "خلية الـ94"!
وإذا شطبنا أسماء الـ94 إماراتيا المدرجين على قوائم الأسد عام 2013، فإنه لن يتبقى لدينا سوى أقل من نصف العدد الكلي للمذكرات (93 مذكرة من أصل 187)، وهذا يحمل أيضا دلالة أخرى تقول إن معظم "المغضوب" عليهم إماراتياً هم من "المغضوب عليهم" أسدياً.
وكان مما ورد في تقرير لمنظمة "هيومن رايتس": "إن مكان 64 محتجزاً من هؤلاء (تربطهم صلات بجماعة الإصلاح الإسلامية السلمية) ما زال غير معلوم، مما يفتح المجال أمام الخوف على سلامتهم. من بين المحتجزين الإماراتيين محاميان بارزان معنيان بحقوق الإنسان، هما محمد الركن ومحمد المنصوري وكذلك قضاة ومعلمون وقيادات طلابية. سبق أن وثقت "هيومن رايتس ووتش" كيف تم القبض على المحامين الذين يستخدمهم مكتب المحاماة الإماراتي الوحيد الذي قدم مساعدة قانونية للمحتجزين، وكيف تم ترحيل بعضهم وترهيبهم".
*أسماؤهم
وهذه مجموعة كبيرة من أسماء الذين حكمت عليهم السلطات الإماراتية أواسط 2013، ووردت أسماؤهم متطابقة تماما في نفس العام على قوائم الأسد التي تملكها "زمان الوصل"، بالإضافة لبقية الأسماء المطلوبة لنظام الأسد:
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية