أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"القيامة..إنشقاق لأجل الحرية"..ضابط منشق يوثق بدايات الثورة في اللاذقية

يوثق الكاتب والضابط المنشق عن شرطة النظام "محمد عبد الله الفضلي" في روايته "القيامة.. إنشقاق لأجل الحرية" يوميات الثورة كما عايشها أثناء خدمته في قسم "الرمل الجنوبي" الذي كان يشرف على إحدى المناطق الثائرة في مدينة اللاذقية.

وترصد الرواية التي صدرت مؤخراً عن "دار الأدهم للنشر والتوزيع" في القاهرة في 208 صفحات رؤية ضابط وموظف يقف في الجانب الآخر -جانب أعداء الثورة- بداية اندلاعها، ولا يملك للدفاع عن شعبه سوى بعض الأدوات البسيطة"-كما يقول مؤلفها "لـ"زمان الوصل" مضيفاً أن "الرواية بهذا المعنى التوثيقي اكتسبت خطورة ونتائج كارثية وكانت أشبه بالكتابة فوق فوهة بركان". 

نشأ "الفضلي" في ريف دمشق في منزل نال حظه من العلم والثقافة، فوالده خريج كلية الحقوق، وهو من شجعه على القراءة منذ الصغر، وبعد نيله الثانوية التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق عام 1998، وتخرج منها عام 2002 وتابع دبلوم الدراسات العليا فيها حتى عام 2004، حيث عمل محامياً في دمشق بالتزامن مع دراسته حتى التحق بكلية الشرطة عام 2004 التي تخرج منها بعد عام وتم فرزه إلى قسم "الرمل الجنوبي" في اللاذقية. 

بعد بدء بوادر الثورة في اللاذقية في 25/ 3/ 2011 كان الضابط الشاب على موعد مع مرحلة جديدة من حياته، فالقسم الذي كان يخدم فيه كان يشرف على منطقة ثائرة، وفي ظل ما كان يجري من مظاهر ثورية استفاق الوعي الإنساني والأخلاقي في داخله -كما يقول- ولكن الأوضاع الوظيفية داخل القسم لكونه مدنياً كانت تمنعه مع زملائه الأحرار الآخرين من الإشراف على المظاهرات السلمية، ليتم زج الجيش والأمن للتعامل معها فيما بعد بكل قسوة وتوحش، وكان لزاماً على هؤلاء الأحرار –كما يقول- الوقوف مع شعبهم وخصوصاً أنهم باتوا بحكم المعتقلين ضمن أبنية القسم، فما كان منه إلا امتشاق قلمه وتوثيق ما يجري في كتيب صغير خفية وبعيداً عن العناصر والضباط الآخرين المؤيدين للنظام، وأتيح له أن يأخذه معه فيما بعد أثناء انشقاقه بتاريخ 7ـ8- 2012. 

بعد ذلك قرر الضابط المتحدّر من دمشق أن ينشر ما دونه على موقع "فيسبوك" ولقي ما نشره إقبالاً شديداً من الناس وكأنهم -حسب قوله- يسمعون ما حدث للمرة الأولى برؤية مختلفة من داخل النظام، وبعد اطلاع بعض الكتاب السوريين على المنشورات شجعوه على جمعها وطباعتها في كتاب ومن هنا كانت البداية.

ويعود محدثنا بالذاكرة إلى فترة خدمته في اللاذقية وظروف تدوين المادة الخام لكتابه، حيث ساهم وجوده ضمن الأحداث وكونه على مقربة ممن شاركوا بصناعتها في وضع اللبنة الأولى للكتاب الذي يوثق لمرحلة هامة من الثورة؛ وكان قسم "الرمل الجنوبي" باللاذقية -كما يروي- مقراً لعمليات الجيش والأمن كونهم احتلوا قسماً منه ما جعله يطلع على الكثير من الأمور، علاوة على صلاته المباشرة مع الناس في المنطقة التي بقي فيها ثماني سنوات متتالية، وتمكن –كما يقول- من الوصول للمعلومة بشكل أسرع "كنت أدون ما يجري في كتيبي وفي عقلي ورافقني ذلك حتى استطعت الانشقاق عندها بدأت مرحلة أخرى من التوثيق انتهت بالكتاب الموجود حالياً".

وحول تقاطع الخاص بالعام في فضاء روايته أوضح "الفضلي" الذي يعيش في مدينة "اسطنبول" حالياً أن "الكتابة هي انعكاس لشخصياتنا"، مضيفاً أن قصته وقصة عالمه المحيط تحمل آلاماً وآمالاً واحدة لافتاً إلى أن الوظيفة السيادية التي كان يمارسها مكنته من الدخول إلى عالم الناس وكان بينه وبين الناس أسوار من الخوف؛ لكن الثورة -حسب قوله- كسرت الحاجز وجعلتنا جميعاً في مركب واحد كفرد من شعب وهذا ما أدى الى خروج الرواية من حيز الشخصية الى حيز العام.

ولم يكتف محدثنا –كما يقول- بتوثيق أحداث الثورة كما عايشها في رقعة جغرافية محددة بل سعى لتوثيق مراحل ما قبل الثورة ومآلات "القيامة السورية" من خلال مشاهداته اليومية، ومن خلال أعمال وممارسات كان أحد شخوصها؛ ومنها حوادث وجرائم رآها بأم عينه وتفاعل معها في قسم الشرطة قبل الثورة وبحث عن أسبابها؛ وكيف أدت إلى هذه النتيجة، وكيف أعلن الأسد. تاليا الحرب على سوريا كلها شعباً وأرضاً وتاريخاً، وقتل أمانينا في نهاية الخطاب".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(177)    هل أعجبتك المقالة (187)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي