منذ نعومة أظفاره أُولع العالِم السوري "إبراهيم جبر" بحب الضوء وكان يسهر الليالي في منزله الطيني بريف درعا منكبّاً على رؤية المصباح الصغير وهو ينطفئ لأن البطارية قد نفذت، وكان هذا الأمر يسبب له إزعاجاً شديداً، وفي المرحلة الإعدادية حاول "جبر" أن يصنع بطارية تدوم للأبد أو مولداً كهربائياً أو محركاً، ولكنه فشل إذ ثبت استحالة هذا الأمر وهو ما تم إثباته في دراسته الجامعية لاحقاً، غير أن هذا الأمر قاده إلى بحث طويل جداً في مجال الفيزياء وأثمر عن عدد من الاختراعات في مجال الطاقة والمجال الطبي، حصل من خلالها على أكثر من 30 براءة اختراع محلية وعالمية وجوائز علمية عدة كما تم ترشيحه لجائزة "نوبل" للسلام عام 2009، عن نظرية "استرداد الطاقة"، ولكن الحظ لم بحالفه بنيلها.
ينحدر "جبر" من مدينة "داعل" بمحافظة درعا التي ولد فيها عام 1964 ودرس في مدارسها حتى حصل على الثانوية العامة، ثم درس في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق وتخرج منها عام 1988وبعد تخرجه من الجامعة تم تعيينه كما يروي لـ"زمان الوصل" في معمل معكرونة درعا وبعد انتهاء مدة تعهده قدم استقالته ليرتبط بالعمل التدريسي خارج سوريا فيما بعد، وقبيل اندلاع الثورة قرر أن يبقى في بلده ليعمل فيها بعد أن أنهى كل أعماله في الخارج.
وكان يظن -كما يقول- أن الأحوال ستتحسن ليتمكن من تكريس كل جهوده العلمية لوطنه، غير أن اشتداد وتيرة الحرب وحملة الاعتقالات التعسفية المتكررة على درعا وريفها دفعاه للجوء إلى الأردن بداية، ومن ثم إلى كندا التي وصل إليها في نهاية كانون الثاني يناير 2016 وهناك بعد أن اجتاز عقبة الاندماج واللغة تمكّن الوافد الجديد من حلّ سر معضلة علمية استعصت على العلماء لـ 78 سنة وهي فك غموض "النجم النيتروني". مما جعله حديث الإعلام والأوساط العلمية والجامعية خلال الأسابيع الماضية، وقدم العالم السوري اكتشافه في نادي "علم الفلك" (North Bay Astronomy Club) في كندا أمام حشد من العلماء ورجال الدولة و المهتمين.
يعمل "جبر" الآن بصفة باحث في الفيزياء النظرية والفلكية لدى النادي الفلكي بـ"نورث باي اونتاريو" وجامعة "لورنشين" وفي جامعات أخرى في "أونتاريو"، وتمكن من إنجاز اكتشافه الفيزيائي الهام المتمثل بحل غموض "النجم النيتروني". وأوضح محدثنا أن العديد من العلماء عجزوا فيما مضى عن تحديد القوة (الوزن) الذي إن بلغه النجم النيتروني سيؤدي إلى انهياره في الثقوب السوداء، واستطاع أن يحدده بــ 3.64 كتلة شمسية، أو 3.64 ضعف ثقل الشمس، ويبلغ قطر النجوم النيترونية حوالي 20 كيلومترًا، وتتشكل كنوى فائقة الكثافة في أعقاب انفجارات النجوم وموتها.
وإلى جانب اكتشافه العلمي الفريد هذا أنجز ابن مدينة "داعل" مشروعاً علمياً أطلق عليه اسم "حلول الجبر" وينقسم المشروع –كما يقول- إلى قسمين 1- للفيزياء النظرية مثل الكتب الجديدة في علم الفيزياء والفيزياء التطبيقية لإنتاج الأجهزة مثل السيارات الكهربائية والهيدروجينية والمحركات الجديدة واكتشاف وتصميم الأجهزة الخاصة لمحاربة الاحتباس الحراري موضعياً على الأقل، وعندما تطبقه الدول سيؤدي إلى خفض درجة حرارة الأرض بحدود 5 درجات خلال عشر سنوات.
وانتهى الباحث الخمسيني من تأليف كتابين باللغة العربية والإنكليزية، الأول تحت عنوان "النظرية العامة للفيزياء"، ويعد هذا الكتاب ثورة في الفيزياء المعاصرة وسيتم توقيعه ضمن مؤتمر صحفي في 24 من تشرين الثاني الحالي كما سيتم إهداء نسخة منه إلى العالم الإنكليزي "ستيفن هوكينغ" ومن المقرر أن يُدرّس في كافة مدارس وجامعات كندا.
أما الكتاب الثاني –حسب د. جبر- فهو "النجم النيوتروني والثقوب السوداء" الذي دوّن فيه اكتشافه لحدود النجم النيوتروني وعشرة أنواع من الثقوب السوداء، والمفاجأة -كما يقول- ستكون في اكتشاف كتلة الكون الأولى للكون قبل الانفجار العظيم، وكذلك تحديد أكبر ثقب أسود للكون النهائي مع تحديد عمر وقطر كل من الكون الحالي والكون النهائي، وجاءت هذه المعادلات بحسب مبتكرها -مطابقة لاكتشافات ناسا بواسطة تليسكوب "هابل".
خلال أبحاثه واندماجه في الحياة العلمية والجامعية في كندا لمس د. جبر فارقاً كبيراً في تطبيقات الفيزياء بمختلف مجالاتها بين هذا البلد المتطور علمياً وبلدان الوطن العربي فهناك –كما يقول- يعملون من أجل العلم ومحاولة إثبات الوجود ثم المنافسة القوية مع كبرى جامعات العالم المتقدم، ودرجات جامعاتها في المراتب المتقدمة بينما يأتي ترتيب الجامعات في عالمنا العربي بالآلاف أي في مؤخرة جامعات العالم، لأن دافع تلك الجامعات المتأخرة -حسب قوله- هو الجشع المادي الأمر الذي انعكس على المجتمعات العربية بمزيد من الجهل والتخلف.
وأبان محدثنا أن الغاية من الدراسة الجامعية في العالم العربي هي الحصول على كرتونة شهادة صاحبها لا يحمل أي مضمون جدي لافتاً إلى أن "أهم ما يميز هذه الجامعات هي عدم الثقة بالنفس وعدم التجرؤ على المنافسة أو حتى التفكير بها دون التخلي عن مزيد من العجرفة الفارغة والشوفينية المقيتة".
وحول تجربته في تبسيط الفيزياء التي يعتبرها الكثيرون معقدة وجافة وتقريبها لدارسيها لفت "جبر" إلى أنه لمس منذ أن كان مدرساً للفيزياء نفور طلابه من هذه المادة، لذلك عاهد نفسه على تسهيلها لهم وهذا -كما يقول- كان يستلزم فهماً حقيقياً للفيزياء، فجلب معظم مراجعها المتاحة، وسخّر معظم وقته وجهده لفهمها ووجد -كما يؤكد- قصوراً كبيرا في الفيزياء الحالية هذا القصور سبب صعوبة الفيزياء للطلاب ونفورهم منها.
وأشار "جبر" إلى أن حلم الفيزيائيين كان توحيد الفيزياء، فمكنه الله من اكتشاف نظرية أدت إلى هذا التوحيد في نظرية واحدة سهلة تحل مشاكل الفيزياء، وتأكد من سهولة هذه النظرية في الفهم عندما علّمها للطلاب في مخيم "الزعتري" أثناء وجوده في الأردن.
وعبّر العالم السوري عن أمله بانتهاء الحرب الدموية في سوريا وكل بقاع الأرض، وأن تهتم شعوبنا العربية بالعلم لأنه السبيل الوحيد لإنقاذها مما هي فيه والالتحاق بركب الحضارة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية