في محاولة لمعرفة مدى قوة الرقابة التي تفرضها الحكومة السورية على الاعمال الفنية دخلت الى احدى المكتبات وسط العاصمة دمشق وطلبت من صاحب المكتبة رواية "مديح الكراهية" للروائي السوري خالد خليفة الممنوعة في سورية فدهشت للسهولة التي حصلت بها على الرواية.
فقد طلب مني صاحب المكتبة الانتظار لبضع دقائق وبعد الاتصال عبر الهاتف باحد الاشخاص وصل صبي يحمل في يديه كيسا عاديا بداخله الرواية المطلوبة.
لا اخفيكم انني شعرت ببعض الخيبة لان ما حدث بدد الافكار التي كانت لدي حول الرقابة التي تفرضها الحكومة على الاعمال الفنية.
وقد خابت خططي لاختبار مدى قوة الرقابة في سورية عندما اشتريت بسهولة رواية مديح الكراهية لكن ما لبث ان تيقنت سريعا مدى قوة الرقابة مرة اخرى عندما طلبت من صاحب المكتبة ايصالا بالرواية.
فقد رفض وقال "انها رواية ممنوعة ولا يمكنني اعطاءك اي ايصال بها"، وفي محاولة لتجاوز هذه المشكلة وافق على اعطائي ايصالا بنفس القيمة لكن باسم كتاب اخترعه من مخيلته سماه "في مديح امرأة" بدلا من مديح الكراهية.
ورغم منع الرواية يمكن لقاء كاتبها خالد خليفة بسهولة في دمشق اذ لم يتردد في قبول دعوتي الى اللقاء به في مقهاه المفضل في احد الاحياء القديمة من دمشق.
قال خليفة اثناء اللقاء ان "العلاقة بين السلطة والكتاب تحولت الى لعبة فنحن نكتب ما نشاء والحكومة تقول ما تشاء ورغم منع روايتي الاخيرة في سورية لكن للكتب اجنحة تطير بها فوق الحدود كما يقولون".
وكانت الرواية قد وصلت الى التصفيات النهائية لافضل الاعمال الروائية لعام 2008 المرشحة للفوز بجائزة الرواية العربية التي باتت تعرف باسم "بوكر العربية" اسوة بجائزة بوكر البريطانية المرموقة السنوية التي تمنح لافضل الروائيين.
ويقول خليفة ان سورية تمر الان بمرحلة انتقالية واصفا المرحلة بانها "رمادية ولا احد يعرف ان كنا سننتقل الى مرحلة اكثر حرية وانفتاحا ام سنشهد مزيدا من التراجع حيث تفرض الحكومة مزيدا من الرقابة على الانترنت، لكن في المقابل لا يتم اعتقال من يجاهرون بآرائهم المعارضة".
خالد خليفة واحد من مجموعة من الكتاب والمثقفين الذين يؤيدون الدخول في حوار مع الحكم على امل تحسين اوضاع حرية الرأي في البلد.
لكن خليفة يقول انه على وشك الوصول الى مرحلة اليأس من هذا الحوار لانه لم يتم تحقيق شيء يذكر حتى الان فـ "الحكومة تقدر رغبتنا واستعدادنا للحوار معها لكننا تعبنا من هذا الحوار وبحاجة الى الامل للاستمرار فيه وتحقيق شيء ملموس".
لكن ليس كل الكتاب والفنانين السوريين لديهم نفس القدرة على الاستمرار والتكيف مع الاوضاع القائمة في البلد.
في الطابق السفلي من فندق الفردوس في دمشق هناك بار يتحول كل ليلة اثنين الى ملتقى للفنانين وللكتاب وللشعراء السوريين ذوي الميول البوهيمية يستمعون فيه الى الشعر والموسيقى العربية الكلاسيكية والحديثة.
في اخر السهرة تناولت الرسامة التشكيلية والمغنية السورية هالة الفيصل الميكروفون وادت فقرة غنائية قصيرة صفق لها الحضور بحماس.
امضت هالة اغلب سنوات عمرها في الغربة في نيويورك وباريس وعادت الى سورية قبل سنتين ونصف على امل الاستقرار فيها مجددا.
بعد يومين من اللقاء مع هالة الفيصل التقينا مجددا وكانت تمتلكها مشاعر المرارة من الاوضاع في البلد. وقالت انها لم تعد تحتمل وان عليها حزم حقائبها والرحيل مجددا.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية