كعادته في تجسيد مشاهد من الحرب السورية ببراعة وإحساس فني عالٍ أنجز الفنان السوري "حسام علوم" لوحة أطلق عليها اسم "ملكة جمال الرقة 2017" مستوحياً فكرتها من صورة لطفلة من مدينة الرقة لم تتجاوز السابعة من عمرها أصيبت في قصف للتحالف الدولي على منزلها بمنطقة أمن الدولة منذ أيام، وفق ناشطين.
وبدت الطفلة داخل سيارة إسعاف وقد غطت وجهها الدماء، واكتساه الغبار فاغرة فمها في حالة من الذهول والرعب مما أصابها.
وأشار الفنان علوم في تصريح لـ"زمان الوصل" إلى أن تسارع الأحداث وتوالي المآسي في الحرب السورية بات يخفي أشياء وتفاصيل تحولت للأسف إلى صور اعتيادية.
ولكنه اعتاد –كما يقول- على رصد هذه التفاصيل واكتشاف ما لا يراه الآخرون، لافتا إلى أن ما دفعه لرسم هذه اللوحة وعد قطعه على نفسه وهو عدم الابتعاد عن قضيته وهمّ أهله وشعبه، مضيفاً أنه أراد من خلال اللوحة تسليط الضوء على جزء صغير مما يجري في محافظة الرقة المهمشة والمظلومة، والتي لم تأخذ حقها من التغطية الإعلامية رغم تعرض أهلها للقصف والقتل اليومي والتشريد.
وأشار علوم إلى أنه أنجز لوحته الجديدة خلال أقل من 24 ساعة، وليلة البدء بها لم يكن لديه قماش يرسم عليه ولم يستطع الانتظار إلى اليوم التالي لتأمينه فاضطر–كما يقول- إلى مسح لوحة قديمة والرسم فوقها.
وكشف علوم أن شعوراً غريباً انتابه لحظتها بضرورة إنجاز اللوحة وتفريغ أحاسيسه الفنية داخل المستطيل الأبيض، "أحسست أنني أرى ألماً بلا حدود وكان يجب أن أجسده بالريشة والخطوط والألوان"، وهو نفس الشعور الذي انتابه -كما يقول- لدى رسم لوحته سورياليزا (امرأة حلب) العام الماضي.
ولفت الفنان علوم إلى أنه أثناء العمل على لوحته شعر بإحساس الطبيب في المشافي الميدانية الذي يرى دماء وألم وصراخ المصاب ولكنه بلحظة ما يجب أن يسيطر على كل المشاعر التي بداخله من أجل إنقاذه والمحافظة على حياته".
وتابع أن "صورة الكاميرا لم تعد تعبر عن الوجع والألم الذي يشعر به السوريون"، ولذلك أحب من خلال رسم لوحته "ملكة جمال الرقة" أن يُري العالم أن هناك آلاماً مكتومة لم تعد تثير أحداً للأسف ويوصل كمية الألم الذي يعتمل في دواخل الناس. وعلّق الفنان "علوم" على لوحته: (ملكة جمال الرقة العام 2017- مكياج الوجه: التحالف الدولي- تصفيف الشعر: تقدمة القصف الجوي -العطر: دم سوري رخيص).
وأوضح محدثنا أنه أراد من ذلك لفت النظر إلى مأساة طفلة الرقة وأهل مدينتها، فكل الناس منشغلون بمسابقات الجمال ويتفاعلون معها ويتابعونها، بينما يشيحون بوجوههم عن معاناة أهل الرقة وسوريا عامة، ولذلك أحب أن يضفي على مأساة الطفلة كوميديا سوداء لاذعة وواخزة لضمائرنا المسترخية -حسب تعبيره- مسقطاً ذلك على وجعنا وألمنا الذي لا تدري به البشر.
و"حسام علوم" فنان سوري مواليد السويداء 1986 تخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 2011 باختصاص تصوير ورسم زيتي، شارك في عدة معارض في الدول الأوروبية منها في هولندا خلال معرض "سوريا بيتنا"، إضافة إلى بلجيكا وألمانيا، كما شارك بمزاد فنانين من أجل أطفال سوريا الذي أقيم بدبي في 6-6-2015، ورسم مع عدد من الفنانين عام 2014 أكبر لوحة فنية في العالم بعنوان "ملائكة سوريا"، التي رسمت بأسماء 12 ألفًا و490 طفلاً سورياً.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية